فرات صالح:الأديــب العراقـــي لم يتمكــن مـن أداء دوره الحقيقي

البصرة / صبا سامي/
يتجلى دور الأديب في إعادة صياغة الواقع وبناء المتلقي، ذلك الكائن الهارب من تشظيات النفس المنتفضة على الواقع وكأنه نهر يخترق الضفاف مستنجداً بحرية الانتشار، وأحياناً نراه مستسلماً لإيحاءات نفسه منتظراً ما يوقظ فيه الأنا …
من هنا جاء دور الأديب ليرتشف من إناء الأحداث بعيداً عن سطوة الفكر والذات مادة لروايته.. للقصيدة.. إلخ من الأجناس الأدبية الأخرى…
عن دور الأديب والأدباء، التقت “مجلة الشبكة” الأمين العام لاتحاد أدباء وكتّاب البصرة السيد فرات صالح وكان لنا معه هذا اللقاء :
*يعد الأديب واجهة المجتمع الثقافية، كيف تنظرون إلى واقع الأديب اليوم؟
– بالتأكيد أن الأديب ينبغي أن يكون صورة تعكس المستوى الحضاري والثقافي لعموم المواطنين والبلاد، لكني أظن أن الأديب العراقي لم يتمكن لغاية الآن من أداء دوره الحقيقي لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بالأديب نفسه، ومنها ما يرتبط بالمنظومة العامة للبلد كالإدارة السياسية، والنظام الاقتصادي، والوعي الثقافي والأعراف والقيم السائدة في عموم المجتمع.
لا حدود للإبداع
*هناك مساحة يفرضها المجتمع لإثبات هوية الأديب الثقافية، في أي من الأجناس الأدبية يمكن للأديب أن يبدع ليتماشى مع ظروف مجتمعه؟
– ليست هناك حدود لما يمكن للأديب أن يبدع فيه ليكون معبراً حقيقياً عن آمال وآلام مجتمعه، فكل الأجناس الأدبية من شعر وقصة ورواية بتفرعاتها الكثيرة متاحة له، كل على وفق تخصصه وقدراته، وسيكون هناك متلقون ومتابعون، ولاسيما في ظل التطور الكبير في منظومات التواصل مع القارئ بشرط القدرة على إحداث التأثير المطلوب.
*نرى المتلقي اليوم يبحث عما يعيد صياغة المجتمع المهمش نتيجة الجهل وقلة الوعي، هل يمكن أن يكون للأديب دور في ذلك؟
– نعم، هذا ممكن جداً بشرط أن يعي الأديب مسؤوليته التاريخية إزاء دوره هذا كونه ممثلاً عن المجتمع وقائداً له في الوقت ذاته، وقد شهد الإحساس بهذه المسؤولية التاريخية تراجعاً كبيراً منذ عقود لأسباب عديدة ذاتية وموضوعيه.
النواة الأولى
*للأديب دور مهم في السينما والمسرح نتيجة لما يحققه من بلورة الواقع وصياغته بأسلوب درامي من خلال سرده للأحداث… كيف تنظرون اليوم إلى دور السينما والمسرح في محافظة البصرة؟
– الأدب هو النواة الأولى والمحرك الرئيس لفنون السينما والمسرح، وللأسف فإن هذين الفنّين يعانيان اضمحلالاً واضحاً في الإنتاج نوعاً وكماً، وتراجعاً في التأثير لعدم اهتمام الحكومات المركزية والمحلية المتعاقبة والقطاع الخاص أيضاً بتوفير البنى التحتية اللازمة، إضافة إلى التوجه العام رسمياً وشعبياً نحو النشاطات الاستهلاكية والعابرة وغير المنتجة.
*اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة يعد أيقونة البصرة الثقافية، ما المعاناة التي يشهدها الاتحاد؟
– معاناتنا في اتحاد الأدباء والكتّاب في البصرة متعددة الأوجه، ويأتي في المقدمة منها عدم كفاية الدعم المادي، فإقامة نشاطات أسبوعية ذات تأثير والاستمرار في إقامة المهرجانات والمشاغل وورش العمل وغيرها من الفعاليات ينبغي توفير تخصيصات مالية يركن إليها للتنفيذ، وفي إشكالية لاحقة لما ورد فإننا نعاني من صعوبة في إقناع الآخر، مسؤولاً كان أم مواطناً عادياً مشغولاً بما هو يومي وزائل بأهمية الأدب والثقافة في بناء مجتمع سليم ووطن آمن.
*حقوق الأدباء من حيث قطع الأراضي، المكافآت، المنح، مسارح متطورة، دور سينما بتقنيات حديثة، قاعات للمؤتمرات الثقافية…أين؟ هل أعطت الأديب حقه؟
– سبقت الإجابة ضمناً على هذا السؤال، فحقوق الأدباء لم تتوفر لهم إلا بالحد الأدنى -إن توفرت- والبنى التحتية للثقافة والأدب شبه معدومة.
الحيز الثقافي
*هل يمكن أن نعتبر السيولة المالية عائقاً يحول دون أن يحصل الأدباء على حقوقهم واستحقاقهم؟
– قد تكون كذلك في نظر القائمين على أمور الموازنة، ولكن هذا مرتبط بالنظر إلى أهمية الأدب والثقافة، وإدراك الدور الذي يمكن للأدب والأديب أن يلعبه في عملية التحول الاجتماعي، فمتى ما تغيرت هذه النظرة يصبح سهلاً توفير السيولة المالية المتاحة حالياً لنشاطات وفعاليات ذات أهمية أدنى.
*واقع المثقف، سواء الأديب، الكاتب، الشاعر و و و… بات اليوم مهمشاً، هل ثمة حلول للنهوض بواقعه؟
– الحلول بالأساس في إدراك المثقف لأهمية دوره باعتباره قائداً في المجتمع وإيمانه بقدرته على التغيير والإصلاح، ثم تأتي الخطوة الأسهل وهي إقناع الآخرين بذلك.
*كلمة أخيرة تودون إضافتها كي نختم بها هذا الحوار..
– أوجه من خلال هذا اللقاء دعوة للإعلام العراقي أن يفرد في ازدحام انشغالاته حيزاً كافياً للثقافة والأدب بما يعيد للثقافة العراقية وهجها وتألقها.