ترجمة وإعداد/ أحمد الهاشم
تواجه البشرية تحديات بيئية تؤثر في حياة الإنسان وسلامة كوكب الأرض مباشرةً، على غرار الاحتباس الحراري وتلوث الماء والهواء وتدمير الموارد الطبيعية، إضافةً الى النفايات البلاستيكية، وانخفاض التنوع البيولوجي، وانحسار الغطاء الأخضر، وغيرها من المشكلات التي تسبب بعضها بزيادة الكوارث الطبيعية.
لم تعد سلامة البيئة مجرد خيار، بل ضرورة ملحة، وتمثل تحدياً عالمياً مهماً لا يمكن تجاهله، ويحظى الذكاء الاصطناعي بالقدرة على تسريع الجهود العالمية لحماية البيئة عبر استحداث طرائق تخفّض انبعاثات الطاقة والوقود وإزالة ثاني أكسيد الكربون، والتنبؤ بالكوارث الطبيعية والظروف الجوية القاسية.
مواجهة الاحتباس الحراري
يؤدي التغيّر المناخي، كالاحتباس الحراري، إلى ارتفاع درجات الحرارة عالمياً، ويغير في نمط تساقط الأمطار وتداخل الفصول. ويؤثر كل ذلك سلباً على مجموعة من القطاعات الزراعية التي تؤثر بدورها في الغذاء العالمي. كما يؤدي هذا التغيّر المناخي إلى حدوث مجموعة من الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والحرائق والأعاصير وذوبان الجليد القطبي، ووقوع أحداث جوية قاسية كالأمطار الرعدية وتساقط الجليد بأحجام كبيرة. كذلك هناك تدهور التربة وفقر عناصرها، وانحسار الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة بفعل التصحر والتلوث والانفجار العمراني الكثيف.
باستخدام الذكاء الاصطناعي، أصبح بإمكاننا فهم تغيّرات المناخ بدقة أكبر، وتساعدنا نماذجه في رسم خريطة لمستقبل كوكبنا، وكأنها تمنحنا نظرة ثاقبة لما يخبئه الغد. كما يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة الألواح الشمسية وتوربينات الرياح لتوليد طاقة نظيفة. والذكاء الاصطناعي حليف قوي في معركتنا لتنقية هواء كوكبنا، فبإمكانه مراقبة وتقليل الانبعاثات في المصانع والمدن، ورصد مستويات التلوث. إنه ينبهنا عند تجاوز الحدود الآمنة. ففي بكين ومدن صينية أخرى، جرى نشر شبكة من أجهزة استشعار مرتبطة بأنظمة ذكاء اصطناعي. تراقب هذه الأنظمة جودة الهواء على مدار الساعة، وتتنبأ بمستويات التلوث المستقبلية، وتبدو مثل مراصد يقظة تحرس سماء المدينة.
أفضل مواقع التشجير
في عمليات التشجير، يمكن عبر استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد بالذكاء الاصطناعي، تحديد أفضل المواقع للتشجير وأنسب أنواع الأشجار لكل منطقة. فهذا الذكاء يبدو مثل بستاني يعرف أين وكيف يزرع كل بذرة لتنمو وتزدهر. وهناك الزراعة العمودية التي شهدتها بعض البلدان، التي أسهم الذكاء الاصطناعي في إدارتها، وأضافت رئات خضراً وسط الغابات الإسمنتية. في هولندا، تستخدم المزارع الذكية الذكاء الاصطناعي لتحسين إنتاج المحاصيل مع تقليل استخدام المياه والأسمدة. وتعمل أنظمة الري الذكية والروبوتات الزراعية بدقة لتوفير الموارد وزيادة الإنتاجية.
الماء والهواء
يعني تلوث المياه والهواء وجود مواد دخيلة على المادة الأصلية (الماء والهواء)، مختلطة معها، يصعب بعد ذلك فرزها أو إعادة تدويرها، وتؤدي إلى آثار صحية خطيرة. ويستخدم علماء المياه الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات رشيدة. إذ يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي جنباً إلى جنب مع بيانات الأقمار الصناعية في التنبؤ بالطقس وظروف التربة والمياه الجوفية والتنبؤ بالجفاف. ويستخدم علماء المياه الذكاء الاصطناعي في تقدير استخدام المياه في منطقة جغرافية معينة، والتنبؤ بالطقس وقراءة كمية الأمطار المتوفرة لاتخاذ التدابير المناسبة في الوقت المناسب.
وبخصوص الهواء، ففي مقدور أجهزة تنقية الهواء التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تسجيل مدى جودة الهواء والعمل على زيادة كفاءة المرشحات الهوائية وتقديم البيانات البيئية على مدار الساعة. كما يستطيع التعلم الآلي تحليل البيانات المُجمّعة عبر أجهزة الاستشعار وإرسال تحذيرات إلى الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية بشأن مستويات التلوث في مناطقهم، ومدى جودة الهواء.
حماية الأنواع البحرية
وبصدد مياه المحيطات والبحار، تُستخدم الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لمراقبة وجمع البيانات من المحيطات البعيدة التي يصعب الوصول إليها، كما تجمع تلك الروبوتات بيانات عن مستويات التلوث ودرجات الحرارة ودرجات الحموضة، وتسهم تالياً في حماية الأنواع البحرية وتتبع الصيد غير القانوني (الصيد الجائر) في البحار.
على الرغم من هذه الفوائد، من المهم أيضاً الانتباه إلى الآثار السلبية المحتملة للذكاء الاصطناعي على البيئة، مثل زيادة استهلاك الطاقة في مراكز البيانات. وقد يؤدي النمو السريع للذكاء الاصطناعي إلى تسارع استهلاك الأجهزة، ما ينتج عنه نفايات إلكترونية. ومع ذلك، قد يساعد بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل استخدامه في روبوتات إعادة التدوير، في تقليل النفايات الإلكترونية.
وهناك استخدامات أخرى للذكاء الاصطناعي في مجال البيئة تتعلق بالطاقة والنقل وتحسين إدارة النفايات، سنتناولها في موضع آخر.