جرى اختبارها على 859 نوعاً تقنية تدمر خلايا السرطان ذاتياً

إعداد وترجمة: أحمد المولى

تمكّن باحثون من جامعة ستانفورد الامريكية من تطوير تقنية جديدة يمكنها خداع الخلايا السرطانية في الغدد اللمفاوية لدفعها إلى تدمير نفسها. وتمثل هذه التقنية التي جرى اختبارها تقدماً مهماً في مجال علاج السرطان، وتتيح امكانية تطوير علاجات أكثر فعالية وأقل ضرراً من العلاجات التقليدية.

تعتمد هذه الطريقة على إدخال جزيئات معينة تغيّر إشارات الخلية، ما يحفّز آلية “الموت المبرمج” للخلايا السرطانية، وهي عملية طبيعية تهدف للتخلص من الخلايا غير السليمة. تعتبر هذه التقنية واعدة لكونها تستهدف الخلايا السرطانية تحديدًا، ما يقلل من الأضرار الجانبية على الخلايا السليمة مقارنة بالعلاجات التقليدية.
أما في النتائج المخبرية، فقد نجحت هذه التقنية في قتل خلايا سرطان الغدد الليمفاوية، وجرى اختبارها على 859 نوعاً من الخلايا السرطانية. وأظهرت قدرة عالية على انتقاء الخلايا السرطانية المستهدفة.
تتخلص أجسامنا من 60 مليار خلية يومياً من خلال عملية طبيعية من التصفية وتجديد الخلايا تسمى “الموت المبرمج” للخلايا (الأبوبتوسيس). يتم استبدال هذه الخلايا – وهي خلايا الدم والأمعاء في المقام الاول – بخلايا جديدة، لكن الطريقة التي تتخلص بها أجسامنا من المواد قد تكون لها آثار عميقة على علاجات السرطان عن طريق تقنية وصفها علماء وباحثون من جامعة ستانفورد في ورقة بحثية نُشرت في الرابع من تشرين الأول الماضي في مجلة “العلم” Science.
وجرى استخدام هذه الطريقة الطبيعية لموت الخلايا من اجل خداع الخلايا السرطانية كي تدمر نفسها بفعل الجمع اصطناعياً بين اثنين من البروتينات بطريقة تجعل المُركَّب الجديد يُفعِّل مجموعة من جينات موت الخلايا، ما يؤدي في النهاية إلى دفع الخلايا السرطانية للانقلاب على نفسها.
واعتمدت التقنية الجديدة على آلية تقوم على تطوير جزيء يربط بين نوعين من البروتين هما BCL6 وهو الذي عندما يتحور، يسبب سرطان الدم المعروف باسم سرطان الخلايا البائية الكبيرة والبروتين الثاني هو CDK9 ويؤدي هذا الربط إلى تفعيل جينات “الموت المبرمج” في الخلايا السرطانية، وهي جينات يبقيها البروتين الأول مغلقة عادة.
ومن مميزات التقنية الجديدة انها تستهدف خلايا السرطان بدقة عالية، وأظهرت نتائج واعدة في علاج سرطان الغدد الليمفاوية، إضافة الى ان آثارها الجانبية محدودة مقارنة بالعلاج الكيميائي والإشعاعي.
جاءت الفكرة لجيرالد كرابتري، وهو أحد الباحثين المشاركين الرئيسيين في الدراسة وأستاذ علم الأمراض والمتخصص بالسرطان، حين كان يفكر في الاكتشاف الذي شهدته سبعينيات القرن الماضي ومفاده أن الخلايا تحفِّز موتها الذاتي من أجل الصالح العام للكائن الحي. واتضح أن الموت المبرمج للخلايا مهم لتطور جميع أعضاء الجسم وضبط أنظمتنا المناعية. يحتفظ هذا النظام بالخلايا التي تتعرف على مسببات الأمراض ولكنه يقتل الخلايا التي لا تتعرف على المسببات وبالتالي يمنع أمراض المناعة الذاتية.
من جهته يوضح د. ناثانايل غراي، أحد الباحثين مع كرابتري، وأستاذ الكيمياء وبيولوجيا الأنظمة: “الفكرة هي أن تأخذ شيئاً يعتمد عليه السرطان لبقائه وتقلب المعادلة لتجعله الشيء نفسه الذي يقتله.”
يبقى ان نقول إن الطريقة الجديدة لتدمير الخلايا تستهدف خلايا سرطان الغدد الليمفاوية الكبيرة فقط. ومازالت في مرحلة الاختبار على الفئران المصابة بالنوع نفسه من السرطان. ويخطط فريق الباحثين لجمع بيانات سريرية كافية لدعم إطلاق تجارب سريرية للمُركَّب العلاجي، إضافةً إلى تطوير مركبات مشابهة تستهدف بروتينات مسرطنة أخرى. لذا، فإن المزيد من الاختبارات والدراسات السريرية ضرورية قبل أن يصبح العلاج متاحًا للاستخدام البشري.