إحسان الياسري لـ”الشبكة”: الدينار بخير واحتياطي العراق يزيد عن المصدر للتداول

 إياد عطية/

يضطلع البنك المركزي العراقي بمهمات كبيرة من بينها إدارة الجهاز المصرفي العراقي، والمحافظة على قيمة الدينار العراقي، وإدارة الأزمة المالية بالتعاون مع الحكومة، فضلاً عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

تلعب دوائر البنك ومنها دائرة المحاسبة دورا في عمله.. ومن بين مهامها مسك وإدارة حسابات الحكومة والمصارف وإعطاء تقارير للجهات المستفيدة من خدماتها، فضلاً عن إعدادها لموازنة البنك المركزي. ويشرف البنك المركزي من خلال دائرة مراقبة الصيرفة على المصارف لضمان كفاءة أدائها والتزامها بالمعايير التي وضعها البنك المركزي.

«الشبكة” أجرت حواراً مع مدير عام دائرة المحاسبة في البنك المركزي العراقي السيد إحسان شمران الياسري ليتحدث لنا عن دور البنك المركزي العراقي في ظل الأزمة المالية التي تمر بها البلاد وتنعكس سلباً على جميع القطاعات والشرائح الاجتماعية…

*هل حقاً أن الاحتياطي المالي للبنك المركزي قد تعرض للانخفاض جراء الأزمة المالية؟

ــ يتجاوز احتياطي البنك المركزي نحو 42 مليار دولار، وفي الواقع فإن سبعين بالمئة منه كافية لتغطية المصدر للتدوال من العملة، ويعد مريحاً وأكثر من المطلوب لأنه كلما زاد الاحتياطي عن المصدر للتدوال بنسبة 60 بالمئة فهو جيد، واحتياطي العراق يزيد عن نسبة 120 بالمئة وهو يمثل وضعاً مريحاً كما قلت.

*إذن لماذا تشاع مخاوف بين حين وآخر عن احتمالات عجز الحكومة عن توفير مرتبات الموظفين؟

ــ لابد من التفريق بين الموازنة وموارد الحكومة من جهة وبين احتياطيات البنك المركزي العراقي من جهة أخرى، فالحكومة تبيع النفط والبنك يأخذ الدولار من الدولة ويعطيها الدينار، فإذا انفقت الحكومة ما لديها من أموال فإن البنك المركزي يحتفظ بمخزونة ويعمل على تنميته وتراكمه. ولكن البنك المركزي قادر على التدخل في حالة عجز الدولة ماليا من خلال عدد من المبادرات والأدوات .
إجراءات لتخطي الأزمة

*هل اتخذ البنك إجراءات لمساعدة الحكومة على تخطي الأزمة؟

ــ عندما وجد البنك أن الدولة تمر بأزمة عمل على تشجيع الحكومة على إصدار سندات دَين داخلي، ثم عاد البنك وخصم السندات، فالبنك المركزي أدار أيضاً متطلبات الاقتراض من خلال القروض الخارجية، وبالإجمال فإن البنك المركزي أدار الأزمة المالية وساعد الحكومة على تجاوز محنة كبيرة بسبب عاملين هما الأزمة المالية نتيجة انخفاض أسعار النفط والحرب ونفقاتها الباهظة.

*هل تأثرت قيمة العملة بتزايد القروض؟

– مازال غطاء العملة العراقية أعلى من قيمتها، وهذا ما يفسر قوتها وعدم انخفاض قيمتها، برغم الأزمة المالية، لكن الاقتراض الخارجي يشكل عبئاً على الموارد المستقبلية للدولة، حيث ستكون ميزانية العراق مثقلة بالديون، ولكن سداد الديون سيكون على مدى سنوات طوال، ولهذا يأمل العراق بتحسن أسعار النفط لترتفع وارداته، ما يمكنه من سداد هذه الديون بشكل مريح، وأيضاً سيقلص انتهاء الحرب الإنفاق العسكري، كما أن جهود مكافحة الفساد وتبديده ستثمر عن توجيه هذه الأموال لصالح المشروعات الإنمائية وتحسين دخل المواطن.

*لكن المصارف العراقية لم يكن لها دور فاعل في عمليات استثمار ضخمة ومجدية.

ــ البنك المركزي رصد هذه الحالة، وهي عدم مبادرة المصارف العراقية بتمويل مشاريع كبيرة وعدم انخراطها في الحياة الاقتصادية، فقام بإطلاق مبادرته لإقراض هذه المصارف بمبلغ 6 ترليون دينار عراقي خمسة منها للمصارف التخصصية كالزراعي والصناعي والإسكان وترليون دينار للمصارف الأهلية بهدف تشغيل العاطلين عن العمل.
عمليات تمويل الإرهاب

*هل لديكم القدرة على مراقبة حركة الأموال في داخل العراق وخارجه؟

ــ العراق جزء من النظام الدولي المصرفي ويرتبط باتفاقيات مع المؤسسات الرقابية الدولية، وهذا ينعكس على أداء وضبط المعايير المصرفية، وأهم ضابط ومحدد لمستوى الرقابة هو مكافحة غسل الأموال وعمليات تمويل الإرهاب، وهناك مكتب مكافحة غسل الأموال ودائرة مراقبة الصيرفة لمراقبة عمل المصارف وفقاً للمعايير والضوابط.
نظام وطني للمدفوعات

*إلى أي مدى جرت الاستفادة من التقنيات التكنولوجية في عمل النظام المصرفي العراقي؟

ــ العراق أنشأ نظام مدفوعات وطني يعدّ من أفضل الأنظمة في المنطقة بالنظر لاستفادته من آخر التقنيات التي أدخلت على النظام المصرفي.
فقد استثمر العراق مبالغ كبيرة لتطوير هذا النظام، والبنك المركزي يحث المصارف على تطوير أنظمتها وإيصالها الى مصاف المصارف العالمية، لكن بعض المصارف تعاني من مشكلة البنى التحتية، وضعف شبكة الإنترنت، ومشكلة تجهيز الكهرباء تمثل تحديات، ولكن العديد من المصارف، لاسيما الأهلية، تجاوزت هذه التحديات وتجري جميع عملياتها ضمن نظام الدفع الآلي، وترتبط أيضاً مع فروعها بشبكة آلية تجعل نظم المدفوعات الوطنية يعمل بشكل مريح.

وفي كل سنة يطرح العراق خدمات مصرفية بدأت الناس تلمسها مثل الدفع بالهاتف وغيرها من المنجزات التي حققها الجهاز المصرفي العراقي.

احتياطي كبير

*هناك أزمة ثقة بين المواطن العراقي والمصارف العراقية لاسيما الأهلية.

ــ هناك نحو 70 مصرفاً عراقياً وبعض المصارف الأجنبية تعمل بشكل جيد، لكن أربعة مصارف هي التي تسببت بأزمة ثقة بين المواطن والجهاز المصرفي وجعلته يعزف عن إيداع أمواله لدى المصارف وإنجاز معاملاته المصرفية والتسويات المالية خارج الجهاز المصرفي، ما أدى الى أن يكون 80 من المئة من العملة المصدرة للتدوال خارج النظام المصرفي العراقي، ولكن البنك اتخذ مجموعة إجراءات منها إجراء رقابة مالية صارمة على المعاملات المالية للمصارف وإنشاء مؤسسة لضمان الودائع، أي أن تلك المؤسسة ستضمن كل دينار يودعه الزبون لدى المصرف وإعادته إليه.
وأوكد أن نسبة صغيرة من المصارف هي التي تسببت بسمعة غير جيدة عن المصارف العراقية.

* برغم الأموال الكبيرة التي منحت للمصارف إلا أن المواطن يشكو من البيروقراطية في الحصول على القروض.

– الآن المصارف وضعت على المحك بعد أن منحت قروضاً كبيرة، لكن المواطنين مازالوا يعانون من التعقيدات.
الأصل أن البنك أتاح الأموال وظلت المصارف هي الضامنة والبنك صاحب مالٍ صافٍ.
والمشكلة الأخرى أن هنالك أكثر من عشرة ترليونات دينار سلف إقراض للمواطنين لم يتم استيفاؤها، ولهذا يشكل ضمان أموال القروض التحدي الأساسي للمصارف في هذه العملية،
وبرغم المطالبات حتى من السيد رئيس الوزراء بتجاوز الإجراءات البيروقراطية ومحاولة تحسين أداء المصارف باستبدال المدراء، لكن المشكلة ظلت على ماهي عليه لأن هناك عقيدة لدى الموظفين ليس من السهولة التخلي عنها في تعاملهم مع القروض.

وعلى العموم، يقود البنك المركزي قاطرة الحياة في الدولة العراقية من خلال مجموعة من الاجراءات الملموسة التي تمت وتتم بالتنسيق مع رئاسة الوزراء وبقية المؤسسات الفاعلة.