الشبكة العراقية/
انشغلت كبريات الصحف البريطانية قبل أيام بتمثال “الثور المجنح” الذي نفذه النحات العراقي الأميركي مايكل راكوفيتز في واحدة من أهم ساحات لندن ساحة الطرف الأغر”.
التمثال رسالة في أكثر من اتجاه: منها أن هذا الفنان يستعيد وطنه الأم عبر عمل فني مرموق، يمثل المذاق الحلو للحياة، هناك، وكذلك التاريخ السحيق لحضارة لم تزل، عنده، بالمذاق ذاته.
النحات العراقي الأميركي مايكل راكوڤيتز الذي ارتفع تمثاله (الثور المجنح او لاماسو كما يسمونه هناك) في واحدة من أهم الساحات بلندن يتحدث عن نفسه:
“نشأت في نيويورك والتقيت بزوجتي، لوري واكسمان (ناقدة فنية) في حانة بلغارية بمدينة نيويورك، وأخبرتها بأنني رسّام فاشل، فأصيبت بالذهول، ولذا أصبحت نحاتاً.
استخدمت في العمل علب الدبس العراقي الفارغة لأن التمر في العراق ذو مغزى رمزي، فإن تضع تمرة في فم طفلٍ رضيع يعني أن طعم الحياة بمذاقٍ حلو. وهكذا فهمت أن التاريخ هناك، أيضاً، بالمذاق الحلو ذاته.
نقيم في شقة من طابقين: الأرضي للمعيشة، مع زوجتي وبنتي ريني وابني جودي. يضم الطابق الثاني مكتبة وستوديو لي، ومكتباً لزوجتي.”
اللافت في حديث هذا الفنان إنه يتحدث عن العائلة والطبخ أكثر مما يتحدث عن الفن، أو النحت تحديداً. يمكن أن يعود هذا إلى أن العائلة هي مركز الناس بالنسبة للكثيرين، وهذا مفهوم، على أن الطبخ يمثل أحد عناصر الحضارة لأية أمة..المطبخ أحد أبرز تمثلات الحضارة حسب ديورانت صاحب أهم موسوعة “تاريخ الحضارة” ويعود أيضاً إلى أن المطبخ لا يمثل هوية حضارية، حسب، إنما يمثل موقفاً.
راكوڤيتز الأميركي من أصل عراقي يوزع خياراته المطبخية على أكثر من ثقافة للطعام: “الطعام يمثل جزءاً أساسياً من حياتي”. فهو، كما يقول: “يرتاد مطاعم صينية أو فلسطينية ليتناول الحمص أو الحساء في مطعم ڤيتنامي.”
راكوڤيتز يعمل على استعادة وإصلاح 8000 قطعة أثرية محطمة أو مسروقة منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وما عمله الأخير سوى تحدٍّ فني لجريمة إرهابية ارتكبها مسلحو “داعش” عام 2015 عند احتلالهم الموصل وشروعهم بتحطيم تلك التماثيل النادرة والشهيرة.
“هذا العمل يمثل بالنسبة لي ابتعاث المذاق الحلو بمواجهة المرارة التي تعرضنا لها، كلنا.”
لم يتحدث راكوڤيتز في السياسة، ولَم تدركه “الناستولوجيا” كحنين مرضي إلى مسقط الرأس الذي لا يعرف عنه شيئاً سوى حضارة بطعم الدبس، لكنه ركز، في حواراته الصحفية، على التاريخ التليد بوصفه حلواً كتمرة في فم الطفل الوليد.
السياسة، في حديثه، انتماء لثقافة عريقة يمثلها تمثاله الآشوري وخياراته للطعام كهوية وموقف، وارتباطه بالعائلة والولدين، ريني وجودي، اللذين كثيراً ما يقتحمانه طلباً للاحتضان والعناق وزوجته لوري الناقدة الفنية المصابة بالسرطان.