ضحى مجيد سعيد/
شوارع محافظات الإقليم وطرقاتها تخلو من مظاهر الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة، جائحة كورونا غيبت الزينة وأشجار عيد الميلاد عن الساحات العامة بل لقد غابت حتى الاحتفالات بهذه المناسبة على خلفية قرار وزارة الداخلية في الإقليم منع إقامة الاحتفالات وتغريم المقاهي والمطاعم والقاعات غير الملتزمة بالقرار مبلغ عشرة ملايين دينار (أي ما يعادل 6500 دولار أمريكي تقريباً) إلى جانب إغلاق المكان مدة شهر، قرار يندرج ضمن الإجراءات الوقائية خشية تفشي وباء كورونا.
الإجراءات شملت أيضاً حظر التجمعات والمؤتمرات والاجتماعات بأنواعها كافة، فضلاً عن حظر إقامة الأعراس وزيارة المقابر وجلسات العزاء، وزارة الداخلية حملت مراكز الشرطة المسؤولية، وفرضت غرامات على غير الملتزمين بتلك الاجراءات بمبلغ مليوني دينار اي ما يعادل (1300 دولار تقريبا).
وعلى الرغم من هذه الاجراءات الوقائية الا أن كثيراً من العائلات العراقية أوجدت بدائل اخرى للاحتفال بهذه المناسبة تقتصر على احتفال عائلي داخل المنزل، بعد قرار اغلاق المطاعم والمقاهي وحظر التجمعات، ومن أجل الوقوف على استعدادات العائلات العراقية استطلعت مجلة الشبكة آراء بعض المواطنين بهذه المناسبة.
التقينا ام مينا موظفة في احدى كنائس أربيل وسألناها عن التحضيرات، أجابت: أن احتفالنا سيكون داخل البيت بسبب الجائحة التي أثّرت سلباً على المجتمع ومرافق الحياة كافة، وأكدت أن هذه الجائحة منعت الزيارات والمصافحة والتهنئة، فقد اصبحت هذه الممارسات محصورة فقط عبر الانترنت وتلك أرادة الله، وفي سؤال عن الطقوس الدينية بهذه المناسبة اوضحت أم مينا قائلة: كنا سابقاً نتهيأ لاعياد الميلاد المجيد في الكنيسة حيث يقوم القسيس بخدمة الوعظ وشرح لآيات الانجيل التي تتعلق بميلاد السيد المسيح، وبعدها الصلاة والترانيم والمدائح لكن اليوم وبسبب جائحة كورونا غاب كثير من هذه الطقوس، والآن لا نستطيع أن نزور أحد بسبب الوباء، وفيما يتعلق بوجبات طعام العيد قالت أم مينا إن الأكلات المشهورة التي اعتدنا أكلها في العيد هي الكبة المصلاوية الكبيرة وكذلك كبة اليخني وكبة القيسي فضلاً عن الباجة العراقية الشهيرة.
وفي سؤال عن الاستعدادات للترفيه عن الاطفال بهذه المناسبة سألنا السيدة بان بولص (أستاذة جامعية) فأجابت قائلة: سابقا كان للأطفال يوم خاص للاحتفال يتضمن تسابيح وفعاليات خاصة بهم وكذلك مسابقات ومسرحيات يؤديها الأطفال بعد تدريبهم عدة أشهر ثم يدخل بابا نوئيل إلى القاعة حاملاً معه هدايا خاصة للبنات وهدايا خاصة للأولاد وبعدها ينتهي الاحتفال ويخرج الأطفال الى منازلهم فرحين بواسطة باصات خاصة بالكنيسة، لكن اليوم وبسبب الاجراءات الوقائية والتركيز على التباعد الاجتماعي غابت هذه الفعاليات حفاظاً على حياة الاطفال وصحتهم واقتصرت على توزيع الهدايا من قبل الأسر على الأطفال.
لتسليط الضوء أكثر على واقع الاحتفالات اليوم بهذه المناسبة في ظل جائحة كورونا والقيود الصحية المفروضة حاورنا أيضاً السيد أسامة نافع موظف في إحدى كنائس أربيل، وفي سؤال عن استعداداته الأسرية للاحتفال بمناسبة أعياد الميلاد أوضح أنه مع أسرته قاموا باعداد شجرة عيد الميلاد داخل البيت مشيراً إلى أنها ترمز للحياة والفرح كما أن النجوم فيها ترمز للشموخ على حد وصفه، وفيما يتعلق بالغرامات المالية والقيود المفروضة على اقامة الاحتفالات أكد أن هذه القيود ورغم ما فيها من تقييد للعائلات، إلا أنها تسهم في حماية المواطن بالمحصلة النهائية، ونظراً لعمل السيد نافع في مجال إعانة النازحين طرحنا عليه سؤالاً عن نصيب النازحين في مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، أكد نافع أن الكنيسة في أربيل تتولى زيارة العائلات النازحة وتوزيع السلات الغذائية عليهم، فضلاً عن توزيع هدايا للأطفال.
ولمزيد من الآراء عن هذا الموضوع حاورنا القس الأب شوان حنا بويا، وقد أوضح بويا أن القداس بهذه المناسبة يتخذ طابعاً احتفالياً مشيراً إلى أن الكنيسة ارتأت في هذا العيد تطبيق الاجراءات الصحية كافة من حيث التباعد الاجتماعي، فضلاً عن الحفاظ على محدودية الأعداد الموجودة مؤكداً أن الكنيسة اعتمدت تنفيذ الطقوس الدينية من خلال البث المباشر لتكون قريبة من الجميع على حد تعبيره، مشيراً الى أن العراقيين المحتفلين بهذه الأعياد أجمعوا في أمنياتهم على استقرار العراق وأن يعم الأمن والأمان على شعبه .
وليس صحيحاً الاعتقاد أن الطائفة المسيحية في العراق وحدها من تهتم وتحتفل بهذه المناسبة بل إن العراقيين على اختلاف أديانهم وطوائفهم وقومياتهم يتشاركون الاحتفال بإحياء هذه المناسبة ولكن بطرق مختلفة، ورغم اقتصار الاحتفالات داخل المنازل إلا أن القاسم المشترك هي دعوات الجميع بان ينتهي وباء كورونا فضلاً عن انتهاء الازمات وحلول السلام والتقدم والازدهار في ربوع في بلاد الرافدين.