الجوائز وشهادات التكريم.. ظاهرة سلبية تثير الريبة

شذى فرج/

لايكاد يمضي شهر بلا اعلان عن جوائز ابداع وتكريمات تشمل مثقفين واعلاميين تحت عنوان عريض، من مؤسسات اغلبها لا شأن لها ولا قدرة على تمييز المبدعين عن سواهم، والخيط الفاصل هو صلة التعارف على اكثر الاحتمالات.
وبينما تشغل الجوائز العربية على ندرتها الوسط الاعلامي، تمر جوائز تقدمها مؤسسات مجتمع مدني وديني ووزارات الدولة مرور الكرام، ولايحصل صاحبها سوى على شهادة لا تغني ولاتسمن من الجهة المكرمة بكسر الراء.
ويجمع العديد من المثقفين والاعلاميين العراقيين في احاديث لـ “الشبكة” على ان الجوائز في العراق تفتقر الى ابسط المعايير التي ينبغي ان يكون التكريم على اساسها، ولهذا لم يعد احد يبالي بهذه الجوائز، التي خرجت عن وظيفتها في اشعال المنافسة بين المبدعين وتحولت الى عامل احباط لديهم.
وجوه تتكرر
أنا لست ضد التكريم على أن لاتتكرر الوجوه
هذا ماقاله التشكيلي عماد نافع لـ “الشبكة”، خاصة إذا كان تكرار الوجوه على أساس التعارف لا على اساس المنجز ولهذا فما أهمية التكريم سوى انه مجرد تضليل للناس، لأن هناك آخرين يستحقون وبجدارة تلك الألقاب التي توزع مجانا لكنهم لايجيدون اقامة العلاقات مع مؤسسات لاتستطيع تمييز المبدعين.
ويؤكد نافع “لست ضد تكريم الرواد الفنانين والأدباء والمثقفين على أن لاتتكرر وجوههم في اغلب المحافل التي تستضيف المكرمين.
كما أن ظاهرة “الأخوانيات” أو العلاقات تلعب دورا مهما في هذا الموضوع فنرى اغلب المكرمين يرتبطون بصلة وعلاقة مع تلك المؤسسات التي تتبنى التكريم، وهذا واضح في ان لحظة التكريم لايسلط الضوء على منجز ذلك المكرم ونشاطه بنبذة مختصرة على اقل تقدير، وعن سبب تمييزه دون سواه عن اقرانه.
واضاف نافع: اتمنى على المسؤول ان يكون تقييمه أكثر نضجا وشفافية وان يذهب الاستحقاق لصاحب المنجز الحقيقي لكي يسعد به بالفعل لانه نتاج ثمرة تعب وجهد حقيقيين، وان تكون المديات أبعد في التكريم مع ذكر سبب التكريم. وهناك تكريمات سنوية وأخرى لمنجز تاريخي يستحق الاشادة به وبهذا نكون قد صنفنا التكريمات على أسس وتقديرات تستحق كل الاحترام والتقدير.
ولو كانت وزارة الثقافة تفي بتكريماتها لاصحاب الاستحاق لما كانت هناك فرصة لتلك المؤسسات ان تأخذ هذا الدور الذي أصبح ظاهرة لها “سلبياتها” والجهل في تقديم تلك المهرجانات حكايا على كل لسان مثقف لايرتضي ان يكون أسمه في قائمة فيها المئات ممن كانوا طارئين في الآونة الأخيرة. وبهذا تكون تكريماتهم دون معايير علمية أو ثقافية..
ظاهرة طارئة
ويؤكد الفنان التشكيلي فهد الصكر لمجلة “الشبكة” قائلا: “برز في الآونة الأخيرة على الساحة الثقافية الكثير من “الروابط والمنتديات” التي تدعي العمل في ساحة الثقافة والأدب والفن، وتحت مسميات متعددة الأغراض، والكثير منها بلا موقع أو مكتب يشير اليها، ولا ندري إيضا أية جهة تقف خلف هذا “الكم” من الروابط والمنتديات، ومن جانب آخر لم نشهد لها أي فعالية ثقافية تؤكد حضورها في المشهد ما بعد العام 2003 ، سوى اتخاذ المركز الثقافي البغدادي أو مكان آخر لفعالية توزيع “الشهادات التقديرية وألواح الأبداع” على الطارئين والطارئات في مشهد يقينا هو لا يدرك أي معنى يشكلون وهم بلا منجز ابداعي ولا يمتلكون هوية ثقافية تشير الى حضورهم أبدا.
ونحن نخاطب ادارة المركز الثقافي البغدادي بالتأكد من هذه ” الروابط ” قبل السماح لها بأية فعالية من هذا النوع.
لكن يقينا نحن في المشهد الثقافي ندرك هذه “الجهات” وهي لا تتجاوز “بدلة وربطة عنق”
الحابل بالنابل
وترى الاعلامية علياء المالكي ان “آلية التكريم لم تعد كالسابق أبدا.. الان اصبح التكريم شائعا وسهلا جدا بتعدد المؤسسات وتعدد المناسبات والانشطة والمهرجانات.. واصبحت الشهادات التقديرية كانها مصنع لايتوقف عن الانتاج، وأحيانا ورقة تملق أو مجاملة فقط، لذا فقد التكريم أهميته وفقدت والجائزة حضورها الاعلامي الصاخب.. وباتت القضية مسألة بروتوكولية لا اكثر”.
وأضافت المالكي قائلة “أختلط الحابل بالنابل ولم نعد نفرق بين المكرم لسبب معين أو التكريم جاء لسبب آخر يثير الريبة، حتى أجد ان البعض يتحرى ويتحاشى الكثير من الفعاليات التي يكون فيها تكريم. كما ان المؤسسات اصبحت تجامل على حساب مصداقيتها ورؤيتها لمستوى الكفاءة. وكذلك الشخصيات التي اصبحت تتكسب عن طريق فعاليات كهذه، ويلقى عليها الضوء من دون استحقاق. فهنالك فوضى تكريمية قللت من جدوى النجاح الذي يكافيء بالتكريم. وأخيرا لابد من القول: تكريم واحد يراعي المعايير الحقيقية للشخصيات المكرمة خير من عشرات شهادات التقدير ودروع المجاملات التي لم يعد لها مكان يتسع على رفوفنا” ودون فائدة أو مبرر.
شبهات
الناشط المدني صبري العقيلي أشار الى ان الجوائز والشهادات التقديرية مشمولة بالفساد
فثمة ظاهرة تنتشر بشكل واسع جدا من قبل بعض مؤسسات الدولة وكذلك منظمات المجتمع المدني ألا وهي منح الجوائز والشهادات التقديرية.
المؤسف في هذا الموضوع أن تلك المؤسسات لاتمنح الجوائز وفق معايير التفوق والابداع، بل تمنح وفق العلاقات والمحسوبية الهدف منها تبييض وتلميع صور المسؤولين الفاسدين والتغطية على عيوبهم وفسادهم، ناهيك عن الهدر الكبير بالوقت والأموال لأقامة مثل تلك المهرجانات التي تقام لغرض ذلك التلميع.
أما بخصوص منظمات المجتمع المدني، فالأغلب الأعم منها يقوم بمنح تلك الجوائز والشهادات لبعض المسؤولين والاشخاص الميسورين من أجل الكسب المادي والمنافع الشخصية الأخرى.