مجلة الشبكة/
ما حكاية ظاهرة محجبات السوشيال ميديا اللواتي يتراقصن علانية على برامج التيك توك والأنستا والفيسبوك بحركات غجرية وشخصيات متناقضة تفصل رأسها المغطى بحجاب كامل عن الجسد (المتمايع) بملابس ضيقة وشفافة فاضحة؟
وهل حقاً أن الموضة الغربية وتصاميمها ورطت الشابات بمغرياتِ حجابِ التوربان- المودرن- الذي صمم بشيطنة ليحلّ محل الحجاب الساتر ويقنع صاحبته بحيلة ارتداء ما تشتهيه دون الشعور بالخجل او النشاز او التقيد بأية حشمة عقائدية، ولماذا لا نجد قبولاً مجتمعياً واحتراماً لشخصية المرأة حينما تخلع حجابها أو -جزءه- عن قناعة دون المساس بشرفها وربط الخلع بالخروج عن الطريق؟!
خصومة قذرة وحرب علنية
“لا يهمني لبسك للحجاب الساتر او المودرن- توربان- مع طن مكياج، وإنما المعيب وقلة التربية حينما تقدمين نفسك للمجتمع كمحجبة بنسخة بديلة، او تقومين بالرقص على السوشيال ميديا، أو تظهرين جسدك بمقاطع لا أخلاقية ومخزية بشعر مغطى بالحجاب!”
بهذه الحرقة اللاذعة، شنّت الموظفة في دائرة الرعاية الاجتماعية (زينب عمران) هجوماً على راقصات السوشيال ميديا المحجبات، معتبرةً الأمر استهدافاً لقدسية حجابها الحقيقي، قائلة:
“المقاطع التي تنتشر لفتيات يرتدين “حجاب السوشيال ميديا” ويقمن بتصرفات لا أخلاقية تثبت أن هنالك توظيفاً وحرباً قذرة وخصومة غير شريفة، هذه ليست موضة ولا حرية -كما يدعين- وإنما مخالفة وقحة لتشريع الحجاب كستر للمرأة وليس ستراً لفضائحها، أما حجاب المودرن، مثل التوربان، فلا يقل سوءاً، فما فائدة ارتداء التوربان والرقبة مكشوفة ومفاتن الجسم مقسمة، علماً أن أحد أصول التوربان هو عبارة عن عمامة نسوية مشتقة من العمامة الهندية السيخية الخارجة عن الملّة، فهل هذا التقليد الهندي أو الإفريقي أو الأوروبي جاء من فراغ أو صدفة؟!”
أما (أفراح عدنان)، الطالبة في كلية الإسراء، التي ترتدي تورباناً وبنطلوناً عصرياً، فقد رفضت التدخل في قناعاتها واشمأزت من فكرة ربط الشرف بالملبس والمكياج، لأنها فكرة معيبة، وعدت أن لبس حجاب التوربان كبديل عن الحجاب الخانق هو نوع من التمرد وفكرة عصرية لا تجعل من الفتاة عجوزاً ملفعة، وتعطيها حرية بإظهار مقدمة الشعر والرقبة، حتى وإن كانت حيلة فنحن نقف خلفها مضطرين للتخلص من فضول الأهل والمجتمع والنساء المضطربات نفسياً وعقائدياً، اللاتي لا يحق لإحداهن أن تتهمنا بتخريب الحجاب، لأنه شأن شخصي.”
خلعته ولن أنافق ذاتي
“اليوم، أنا لا أؤمن بالحجاب بتاتاً، لكنني لا أنوي أن أروج لذلك، لأن قناعات الآخرين لا تعنيني، بالضبط كما لم تكن تعنيني حينما كنت أؤمن به.
(حور إياد) دافعت بقوة عن قناعتها المبدئية، وعدت الأمر شأناً شخصياً بحتاً، قائلة:
“قراري بخلع الحجاب جاء بشكل مفاجئ، وحين توصلت إليه لم أتردد نهائياً، فخلعته لأنني ببساطة لن أنافق ذاتي، ولذلك لم أضع التوربان لأبدي تمرداً لا أعنيه حقاً! كم هو سهل وبسيط وأقل مضرة أن أخفي ٣٠٪ من شعري، بينما أظهر الباقي لإرضاء العامة من الناس وكف ألسنتهم عني، بينما يضطرب داخلي بالأفكار التي لا أظهرها! لكنني لست كذلك بطبعي، فحين كنت محجبة ارتديته كما يجب، وحين زالت قناعتي وحلت محلها قناعة أخرى أزلته ببساطة من دون الاكتراث للناس وأحكامهم.”
أما المعلمة (زهراء الموسوي) فقد خالفتها بالفكرة والقناعة التي عبرت عنها، قائلة:
“قناعتي مُطلقة مذ ارتديت الحجاب في أول سنة بالمرحلة المتوسطة، ولم اخلعه بحياتي في أية مناسبة او حفل، وحتى يوم عرسي صممت على ارتدائه، أتذكر حينما أخذني والدي بعد التخرج من الابتدائية لشراء ملابس العيد، أثناء ذهابناً مشياً الى السوق القريب، فاتحني بالموضوع بلطف وظل يشرح قيمته الأخلاقية وأنه يحب أن يراني فتاة محترمة ومحتشمة وتعكس تربية أبيها، كان كلامه بلسماً روحياً على نفسي فارتديته لأنه تكريم للمرأة.”
الموضة الغربية فتنة
(د.ندى مطيري)، الأكاديمية المختصة بطرائق التدريس التربوي، اتهمت الموضة الغربية بالتخريب وإفشال الأهل بتطويع عجينة عقول الفتيات، قائلة:
“أحث الجهات الرسمية المعنية أن تتدخل لوقف ما يحدث في برامج التواصل، أما اللواتي خلعن حجابهن في الواقع، او تمسكن بنسخته المشوهة، إما لأنهن لم يكنّ على اقتناع به، او تورطن بعلتهِ بفعل المغريات التي أدخلتها الموضة الغربية، لذا صار عائقاً لهن أمام الملبس المودرن الذي لا يصح مع شروطه، وبما أنهن لا يملكن قرار الرجوع، لذلك يفصلن لباس الرأس على لباس الجسد فيحدث النشاز، أما من ترتديه عن عقيدة واقتناع فلن تفكر في خلعه أبداً، إذن الحجاب الحقيقي يجب أن يكون ارتداؤه بطريقة عقائدية تثقيفية من خلال تطويع عجينة الأفكار منذ الصغر بالإقناع، ولا يصح ربط الشرف بالملبس والمكياج، هذا معيب جداً.”
قمرة القيادة ذكورية
“بايولوجياً، ما يشتهيه المذكر لا يختلف عما تشتهيه المرأة، إلا أن للجسد النسائي وضعاً خاصاً في ثقافتنا الشرقية، يفرضه العيب العرفي أكثر مما تفرضه العقائد.”
هذا ما تعتقده باحثة السوسيولوجيا (شمس الربيعي)، التي انطلقت من نقطة التميز المجتمعي، قائلة: “التمثيل الثقافي الذكوري داخل البيت في مجتمعاتنا قائم على التمييز بين مذكر تُمتدح فيه الفحولة والسيطرة على نساء بيته، وما بين مؤنثة ترغب في إظهارِ شبابها بأنوثة وفتنة تستفزان الأول، أي أن النزاع هو بين مفهومي (الرغبة) و(الفتنة) ولا مكان للوعي أمام الشرف في قمرة القيادة الذكورية، لأن ما يظهره الرجال في مجالسهم العامة يخالف ما يستبطنونه في لحظات الاختيار الحاسم تجاه الشرف.”