ترجمة وإعداد: مجلة الشبكة /
توجد أكثر من 80 ألف وظيفة تدريسية شاغرة في خمس دول فقط، وهي ألمانيا وهنغاريا وبولندا والنمسا وفرنسا، وفقاً لتقديرات حكومية ونقابية. وتحذر النقابات من تدهورمستوى التعليم نتيجة لذلك.
تقدم المدارس الأوروبية صفوفاً لأعداد كبيرة من الطلبة الذين هربت عوائلهم من الحرب الأوكرانية، ما يضيف ضغوطاً على الموارد المحدودة.
وتتوقع بولندا وحدها 400 ألف طفل أوكراني تقريباً سينضمون الى المدارس في السنة الدراسية الجديدة.
أما في فرنسا، فهناك أكثر من أربعة آلاف وظيفة شاغرة متاحة، كما ذكرت وزارة التعليم. وتحتل رواتب المعينين الجدد في المدارس الابتدائية الفرنسية المرتبة العشرين بين دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي البالغ عددها 38 دولة. وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيادة في الرواتب نسبتها 10 بالمئة تقريباً لضمان حد أدنى من الراتب الشهري للخريجين الجدد يبلغ ألفي يورو، وهو إجراء يتطلب موافقة البرلمان.
تمكنت فرنسا من تعيين وتسريع تدريب ثلاثة آلاف مدرس متعاقد، وعمل أغلبهم بصورة مؤقتة، وهم لا يحملون المؤهل الوطني الفرنسي المعتمد للتدريس. وتعهد وزير التعليم (باب ندياي) بحضور “معلم أمام كل صف” عند بداية السنة الدراسية.
أما في ألمانيا، حيث تتوقع النقابات وجود نقص في عدد المدرسين يبلغ 40 ألفاً، فقد حذرت نقابة المعلمين من حالة طوارئ في المدارس التي تسد النقص عبر تعيين أشخاص غير مدربين جيداً، وقلصت إحدى المدن الألمانية الدوام الأسبوعي بمقدار ساعة في مدارسها الابتدائية كافة بسبب نقص المعلمين. ويذكر أحد رؤساء النقابات المحلية أن دروساً ألغيت مع انطلاق السنة الدراسية، وصارت الصفوف أكبر حجماً وتقلص الدعم لذوي الاحتياجات الخاصة وتقليل الجدول الزمني للمدارس.
لم تنج إيطاليا –أيضاً- من هذه الأزمة، فقد أعلنت وزارة التعليم تعيينها 94 ألف مدرس خلال صيف العام الحالي. وفي الوقت نفسه، توقعت الحكومة النمساوية نقصاً بمئات المدرسين لأنها عينت عدداً قليلاً جداً منهم خلال السنوات العشر الماضية.
ضربت الأزمة فنلندا، التي تعد إحدى أفضل دول العالم في المجال التعليمي، لكنها تواجه نقصاً في الكادر التدريسي. وحذرت نقيبة المعلمين من تفاقم المشكلة، ولاسيما في المرحلة الابتدائية بسبب قلة الرواتب وسوء أوضاع العمل.
الى ذلك، يعتقد نقيب المعلمين في آيرلندا (مايكل جيلسبي) أن مزيجاً من عقود العمل القصيرة المدى وأزمة السكن المستمرة في بلاده قد دفعتا المعلمين الشباب إما الى الرحيل خارج البلاد أو الاستقالة، ويضيف: “سمعنا عن إعلانات وظائف طيلة الصيف، لكن لم يتقدم إليها أحد.”
لا يقل الوضع سوءاً في هنغاريا، التي تواجه شواغر تدريسية قدرها 16 ألفاً والتي تعادل 14 بالمئة من القوى العاملة في مجال التعليم، ويعود ذلك الى تدني رواتب المعينين الجدد. لكن المعارضة وخبراء التعليم يقولون إن الحزب الحاكم نفذ سياسات غير عقلانية، منها فرض منهاج دراسي ينهك الطلبة ويقيد التنوع وتساوي الفرص ويعزز التشدد القومي.
في جانب آخر، تتوقع نقابة المعلمين في بولندا أن نقص الكادر التدريسي هناك بلغ 20 ألف مدرس، مع ازدياد الضغط بسبب تدفق اللاجئين الأوكرانيين. وتسعى النقابة للحصول على زيادة 20 بالمئة في رواتب جميع المدرسين.
يشير (إيان هارترايت) كبير مستشاري النقابة الوطنية لمدراء مدارس بريطانيا الى استطلاعات تظهر أن 30 بالمئة من مدرسي إنكلترا خططوا للاستقالة خلال خمس سنوات من بدء عملهم. وذكر أن سلسلة القيادة مكسورة في المراحل كافة، ويوجد استياء متزايد بسبب تأثير الوباء وأعباء العمل الثقيلة.
لا تشمل الأزمة أوروبا وحدها، إذ قال الاتحاد العالمي لنقابات المعلمين إن “الجميع يشعرون بقلق بالغ تجاه هذا النقص الكبير، وهي أزمة حقيقية.” وحذر من أن معالجات كثيرة نفذتها الحكومات مثل التخلي عن الشهادات المطلوبة وتوظيف معلمين غير مؤهلين بصفة عقود ستفاقم المشكلة، لأن معايير التعليم ستتراجع، والأطفال الفقراء في المناطق المهمشة هم أكثر من سيعاني.
أندرو جاك/ صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية