رفاه حسن /
الدرونز أو الطائرات المسيرة هي طائرات يمكن التحكم بها عن بعد. وهي تكنولوجيا مخيفة غيرت مسار الحروب الجوية بشكل جذري، تم العمل على هذا النوع من الطائرات ولأول مرة في انكلترا سنة 1917 وتم تطويرها لاحقاً سنة 1924 واستمرت هذه التكنولوجيا بالتطور السريع حتى أصبحت لا يستغنى عنها في السلم والحرب.
طائرات الدرونز ذات استخدامات متعددة منها مكافحة الحرائق ومراقبة خطوط النفط والسيطرة على الكوارث الطبيعية والمراقبة والاستطلاع، وكذلك تستخدم لإعادة البث بالنسبة لمحطات الإرسال ولمعرفة درجات الحرارة ومعدل هبوب الرياح والأعاصير وإطفاء النيران واكتشاف الكواكب فضلاً عن استخداماتها الحربية، فلقد كان لها تأثير كبير في الحروب، وكان اول استخدام لها في الحرب العالمية الأولى من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والمانيا والمملكة المتحدة، وفي ثلاثينات القرن الماضي بدأ الاتحاد السوفيتي باستخدامها واعتمدتها الولايات المتحدة للمرة الثانية في الحرب العالمية الثانية وفي الحرب الكورية، ولقد كان لها دور بارز وفعال في حرب فيتنام 1955.
استخدمت في بعض الحروب كصواريخ موجهة طورت فيما بعد لتصبح حاملة لمعدات عسكرية أو مدنية حسب حاجتها مثل الصواريخ والقذائف وأجهزة الاستطلاع والإنذار المبكر وكاميرات التصوير عالية الدقة، وأجهزة استشعار لرصد الأهداف الحرارية عن بعد، كما انها تستخدم في الحرب الإلكترونية، فتنشر رقائق التشويش وتعيق الصواريخ وتربك أنظمة الدفاعات الجوية وتمنح الجيش معرفة كاملة عن العدو ومواقع تمركزه ومقدار الخسائر، ما يساعد على اتخاذ قرارات أكثر دقة ويساهم في تقليل الخسائر البشرية لا سيما في صفوف الطيارين.
ان سبب إقبال الدول الكبرى على امتلاك هذه التكنولوجيا والعمل ضمن هذا المجال هو أن هذه الطائرات تمتلك مميزات متعددة تجعلها الأفضل، أهمها انخفاض تكلفتها ويعود ذلك الى تخلصها من الكثير من الأجهزة التي كانت ضرورية للطيار مثل جهاز الضغط والاوكسجين فضلاً عن مقصورة الطيار وملحقاتها، وهذا جعل الطائرة المسيرة أخف وزناً وأصغر حجماً من الطائرات العادية، وهذا كان عاملاً مهماً في قوتها الحربية وقدرتها على التخفي، بالاضافة الى ذلك فإن هذا النوع من الطائرات يتميز بقدرته على التحليق لوقت طويل يصل الى 24 ساعة وتصل الى ارتفاع 15 ألف متر فوق مستوى سطح البحر ما يجعلها غير مرئية وغير مسموعة.
من المهم الان أن نعلم ما آلية العمل التي تعتمدها هذه الطائرات وكيف يتم التحكم بها، إذ تقسم هذه الطائرات الى قسمين؛ طائرات يمكن التحكم بها عن طريق أجهزة التحكم وموجات الراديو وذلك لأنها تطير لمسافات قصيرة، وطائرات يمكن التحكم بها بالأقمار الصناعية مع ضمان الاتصال اللاسلكي معها طوال الرحلة، وهذا لأنها تقطع مسافات طويلة فضلاً عن ذلك يمكن برمجتها وتحديد إحداثيات الرحلة مسبقاً والعمل بنظام القيادة الذاتي، كما أضاف لها النظام العالمي لتحديد الموقع GPS إمكانية أكبر لتحديد مسار الرحلة والعودة الى نقطة الانطلاق إذا تطلب الأمر.
أما عملية الهبوط فإنها تعتمد نظام تفادي الصدمات الذي يعمل على جمع المعلومات الكاملة عن طريق نظام الاستشعار الذي يتضمن كاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء والرادار لتحديد الإحداثيات المناسبة للهبوط وإرسالها الى الطيارالأرضي لضمان هبوط آمن. ومن الجدير بالذكر أن عملية إسقاط هذه الطائرات أو اعتراضها صعبة جداً بسبب صغر حجمها وتحليقها الى مسافات عالية جداً فضلاً عن التكاليف الباهظة لأنظمة التصدي.
لهذه الطائرة عدة انواع تختلف باختلاف الغرض الذي صنعت من أجله، فكل واحدة منها لها تصميم ومكونات وقدرات خاصة بها ومناسبة للعمل المنوط بها، إذ يختلف عرض الجناح وطول الجسم في كل نوع وبالاعتماد على تصميمها تصنف الى انواع عدة:
1- ذات أجنحة ثابتة
2- أشكال تمويهية
3- طائرة مروحية
واذا اردنا مقارنة التكلفة الخاصة بالطائرات المسيرة مع الطائرات العملاقة مثل إف15 إيغل التي تقدرالواحدة منها بـ 25 ميلون دولار وتعادل التكلفة الكاملة لألف طائرة مسيرة، أما التدريبات الخاصة بالطيارين فيمكن تدريب طيار الطائرة المسيرة في ثلاثة أشهر فقط ليكون طياراً محترفاً، وهذا زمن وكلفة أقل بكثير مما تتطلبه الطائرات الاخرى.
وتتسابق الدول الكبرى لتطوير هذه التكنولوجيا الحربية لأهميتها الكبرى وقوتها الضاربة في الحرب واستخداماتها المتعددة في السلم ولذلك تسعى كثير من الدول لتكون رائدة في هذا المجال ومن بين هذه الدول :
1- الصين : ليس من الغريب أن تكون الصين إحدى الدول المصنعة لهذه الطائرات وذلك لسعيها الدائم لمواكبة التكنولوجيا في شتى المجالات، إذ أعلنت سنة 2010 عن تصنيعها لـ25 نوعاً من الطائرات المسيرة.
2- ايران: ومع بداية القرن الحالي أعلنت عن برنامجها لتصنيع الطائرات المسيرة للأغراض الاستطلاعية، وفي بداية عام 2013 بدأت بتطوير الطائرة “فطرس” أكبر طائرة استطلاعية يصل طولها الى 7 أمتار وتصل سرعتها الى 2000كلم/ساعة.
3- تركيا: مع إنها حديثة العهد في تصنيع هذه الطائرات إلا إنها تمكنت من إنتاج 60 طائرة استطلاعية قتالية للجيش التركي.
4- ولا ننسَ المحاولات العربية المحدودة حتى الآن لتصنيع هذه الطائرات، فلقد حاولت كل من السعودية ومصر والجزائر تصنيع هذه الطائرات، أما الإمارات فقد عملت في هذا المجال منذ سنة 2008.
إن الحروب الراهنة والمستقبلية ستكون حروب معلومات، من يستطيع أن يجمع المعلومات أولاً ويمنع أي أحد من الوصول الى معلوماته سيكون هو الأقوى، وهو صاحب القرار والسلطة وأن قوة هذه الطائرات تكمن في قدرتها على الوصول الى أماكن بعيدة وشديدة الخطورة وفي الوقت ذاته قادرة على تزويد الجيش بمعلومات كاملة وحصرية.