رفاه حسن /
لقد اكتشف الإنسان منذ بدء الخليقة أنه لا يستطيع العيش والاستمرار مالم يبتكر أدوات تساعده في ذلك، ولقد تفنن على مرّ العصور في ابتكار وتطوير الأدوات التي جعلت حياته أسهل وأسرع، لكنه لم يكتفِ بذلك وعمد إلى أن يصل حد الرفاهية، ولكل عصر أدواته المميزة. واليوم، في عصرنا الحالي وفي القرن الحادي والعشرين، أصبحت التكنولوجيا هي الأداة الأهم والأكثر فاعلية وتأثيراً، ويعود ذلك لدخولها في شتى المجالات الحياتية العلمية والطبية والعسكرية، وحتى الحياة اليومية، وأصبحت تلك التقنيات جزءاً لا يتجزأ من حياتنا.
لقد استطاعت الروبوتات أن تكون جزءاً مهماً من حياة الإنسان! ولنفهم ذلك نحتاج لمعرفة ما تعنيه كلمة “روبوت” أو “الإنسان الآلي”، وهو آلة تستخدم للقيام ببعض الوظائف الدقيقة والحساسة التي تحتاج دقة عالية في إنجازها، والتي تتسم بالصعوبة والخطورة، وهناك فرق بين الروبوتات وعلم الروبوتيكس، إذ أن الروبوتات هي آلات تتحرك أوتوماتيكيا بأوامر بشرية لتنفيذ مهمة معينة، أما علم الروبوتيكس فهو علم متخصص في هندسة الروبوت وتصميمه وصناعته تطبيقاته وهيكلته، ويرتكز هذا العلم على ثلاثة محاور وهي: الميكانيكا، والإلكترونيات، والبرمجة.
تختلف الروبوتات باختلاف الحاجة المصممة لأجلها، فمنها ما يقوم الإنسان بالتحكم به وتوجيهه للقيام بالمهام المنوطة به، ومنها ما تم تطويره ليكون له ذكاؤه الخاص والقادر على اتخاذ القرار المناسب بنفسه بعد القيام بعمليات حسابية ومراجعة قواعد البيانات المزود بها الروبوت، وهذا ما يسمى بالذكاء الاصطناعي الذي حقق طفرة مهمة في مجال الروبوتات، إذ أصبحت الروبوتات تجاري العقل البشري وتتفوق عليه في اتخاذ القرارات المناسبة، ولقد تم الاعتماد عليها في اتخاذ قرارات مصيرية، ولا سيما بعد أن دخلت المجالين الطبي والعسكري وذلك لما لهذين المجالين من تأثير مهم وكبير في حياة البشرية، ولقد نجحت الروبوتات في هذين المجالين بشكل مذهل كما في باقي المجالات.
قُسمت الروبوتات إلى أنواع بالاعتماد على نوع المفاصل المستخدمة في تركيبها، فمنها ما يتحرك بشكل كروي ويتكون من مفصلين يتحركان بشكل دوراني، ومفصل واحد يتحرك بشكل خطي، وهو ما يسمى بالروبوتات الكروية، والروبوتات الديكارتية التي تتكون من ثلاثة مفاصل تتحرك بشكل خطي بحيث يؤمن كل مفصل منها حركة على محور من المحاور الإحداثية، والروبوتات المفصلية وتتكون على أقل تقدير من ثلاثة مفاصل وكلها تتحرك بشكل دوراني في كل الاتجاهات، وأخيراً الروبوتات الأسطوانية، وسبب التسمية يعود لكونها أثناء دوارانها ترسم شكل أسطوانة في النهاية وهي تتكون من مفصلين يتحركان بحركة خطية ومفصل إضافي يتحرك بشكل دوراني.
تعددت المجالات التي دخلت إليها الروبوتات وغيرت فيها الكثير من المفاهيم وجعلتها أكثر سهولة، وأقل خطورة وأسرع في التنفيذ، ومن أهم هذه المجالات:
•المجال الطبي: إذ استطاعت الروبوتات أن تدخل المجال الطبي سنة 2000 عندما حصلت الموافقة على استخدامه في المستشفيات من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، وهو اليوم قادر على تنفيذ كل الإجراءات الجراحية التي يمكن القيام بها عن طريق تنظير البطن، وعليه فإن كل الجراحات التي يعرفها العامة باسم الجراحات المغلقة يمكن إجراؤها بالروبوت، ولقد كان أول روبوت يستخدم في المجال الطبي يدعى Heartthrob.
•المجال العسكري: ثمة أنواع عدة من الروبوتات في المجال العسكري ومنها الطائرات المسيَّرة والرجال الآليون الذين اختلفت استعمالاتهم بين التجسس وتفكيك الألغام وغيرها، ولقد كان لهذا التوجه تأثير كبير في المجال العسكري إذ أسهم في تقليل الخسائر البشرية في الحروب، كما أسهم في جمع معلومات ذات دقة عالية ساعدت في توجيه ضربات نوعية للعدو، أما في مجال تفكيك الألغام فلقد كان للروبوتات دور كبير، فمن المعروف لنا مقدار خطورة هذا العمل واحتماليات تفجر الألغام أثناء تفكيكها لهذا كان لوجود الروبوتات دور مهم في هذا المجال، ومن أنواع الروبوتات المصممة لهذا العمل روبوت يسحب القنبلة ثم يفجرها في بيئة معزولة ويتم التحكم بهذه الروبوتات عن بعد.
•المجال الصناعي: كانت بداية استخدام الروبوتات في هذا المجال في مجال الصناعة والطاقة الذرية بسبب خطورة فلز اليورانيوم الذي يصدر اشعاعات غير مرئية تقتل الخلايا البشرية، كما استخدم في عمليات تجميع المعدات العملاقة وصب المنصهرات وغيرها من الاعمال الشاقة التي كانت تسبب خطراً على حياة العاملين فيها، فضلاً عما سبق فلقد ساعد استخدام الروبوتات في تحسين الانتاج وزيادة سرعة العمل وزيادة الدقة واخيرا تقليل الخسائر المادية والبشرية.
•الاستخدام المنزلي: من الاستعمالات اليومية اليومية للروبوتات في البيوت والملاعب والمدارس هناك روبوت مصمم كمكنسة ذكية مبرمجة في فترات زمنية معينة ومزودة بحساسات لتمنع اصطدامها، ويمكن ربطها بالانترنت للتحكم بها بشكل اكبر، كما تستخدم بعض الروبوتات لإدارة البيوت الذكية في مهام مختلفة “كمدبر بيت” أو للحماية والمساعدة في الاعمال المنزلية، فضلاً عن ذلك توجد بعض الروبوتات مصممة لمراقبة الاطفال ومتابعة حالتهم عن بعد، ومنها ما هو مخصص للترفيه فقط فقد صُمم بعضها في شكل حيوان اليف ككلب او قطة يمكن تدريبها واللعب معها كما لو كانت حقيقية.
ربما لايسعنا ان نتكلم عن كل المجالات التي اصبحت الروبوتات جزءاً اساسياً منها، إلا أننا جميعا نستطيع ان نلامس ذلك في حياتنا اليومية العلمية والعملية وما زال هذا العالم في طريقه ليصبح اكثر اندماجاً في الحياة البشرية، ولقد بدأ العمل فعليا منذ مدة ليست بالقصيرة على بحث امكانية اكبر للدمج بين الانسان والروبوت بزرع شرائح رقيقة في الدماغ البشري لمنحه اتصالاً اقوى مع الروبوتات وتحكماً اكبر بها.