السامبا.. حين يمتزج الفرح بالجنون!

ترجمة: آلاء فائق/

حدثان يميزان السياحة بالبرازيل، كرة القدم وكرنفال ريو دي جانيرو الأكبر بالعالم الذي يقصده الملايين سنوياً، فتتحول المدينة لمسرح غارق بموسيقى أجساد الراقصين والراقصات الذين يتمايلون على أنغام موسيقى السامبا وجنون الألوان البراقة.

السامبا هي رقصة الاحتفالات والبهجة التي تحفل بها أغلب كرنفالات البرازيل. وتماماً مثلما هناك العديد من رقصات السامبا المفعمة بحيويتها وايقاعاتها، هناك أيضاً العديد من أنواع موسيقى السامبا. رقصة قاعة السامبا، هي واحدة من الرقصات اللاتينية الشعبية التي تدخل بمسابقات صالات الرقص، وهي رقصة واحدة تضم خليطاً من رقصات أميركا الجنوبية، ويطلق على راقصة السامبا بالبرازيل بـ”سامبيستا”.

خصائص الرقصة

قبل أن يشيع أسلوب رقص السامبا بالقاعات، تطلب العديد من أنماط رقصاتها وجود راقص مرافق، فضلاً عن رقصاتها المنفردة. تمتاز رقصات قاعات السامبا الجماعية كما هو الحال مع رقصة السامبا المنفردة بالإيقاعات السريعة التي تتطلب حركات قدم سريعة.
على مر السنين، حرص صانعوها على دمجها بحركات متقنة واستدارات رشيقة وأعمال بهلوانية اضيفت لمجموعة أرقامها الأساسية. خصائصها الرئيسة تمتاز بخطوات سريعة تتفنن بها راقصاتها الجميلات وهن يتمايلن بحركات رشيقة ومثيرة على ايقاعات موسيقية صاخبة.

تأريخ السامبا

السامبا هي احدى الرقصات الأصيلة للشعب الأفريقي في البرازيل الذي جلب معه الكثير من ثقافة الموسيقى والرقص من أفريقيا وغرسها في ثقافة أمريكا اللاتينية. ويرقص البرازيليون على إيقاع موسيقى السامبا منذ نشأت البرازيل أواخر القرن الـ16. في الواقع ، هناك مجموعة من الرقصات بدلاً من رقصة واحدة، تحدد مشهد رقص السامبا، ولا يستطيع لأحد لمجرد محاكاته أسلوب السامبا الادعاء بأنه يرقص السامبا.

كرنفال ريو دي جانيرو

يشهد كرنفال ريو دي جانيرو، الذي نشأ عن طقس ديني وثني، كل عام أكبر مهرجان لفنون رقص السامبا الذي يقام سنوياً بالبرازيل، وهو أصخب كرنفال بالعالم كلّه.

يتضمن المهرجان مسيرة السامبا، التي هي من أساسيات كرنفال ريو. وبإمكان السياح الذين يتهافتون من كل بقاع الدنيا لحضور هذا المهرجان حضور حفلات الشوارع ومواكب فرق الشارع وسط المدينة وفي جنوب ريو.

يعيش البرازيليون على إيقاع السامبا على مدى خمسة أيام، يمتزج خلالها الفرح بالجنون وتتحول رقصات السامبا لهاجس يلاحق كل من يسمع قرع الطبول المدوي في أرجاء ريو دي جانيرو، ثاني أكبر مدن البرازيل.

راقصو السامبا يمثلون مختلف المدراس الفنية المتنافسة على لقب الأفضل بالكرنفال الذي يحضره الملايين. بدأ الكرنفال في العام 1723 وتحول عبر عقود لأهم حدث شعبي بالبرازيل. وتهتم مئات المدراس المشاركة فيه بأدق تفاصيل عرضها من موسيقى وأزياء.
قد يتصور المتابع لعروض المهرجان أنه رقص جماعي، إلا أنه نزال حقيقي بين مدراس السامبا، يذاع بعد أيام اسم الفائز، بعدما يجتمع 40 حكماً على احصاء العلامات المستحقة للمشاركين بالرقص.

وتحتفل البرازيل قاطبة بالمدرسة الفائزة بأفراح شعبية والعاب نارية، بالضبط مثلما تحتفل عند فوزها بكأس العالم لكرة القدم.
نقطة التحول

في العام 1961، خرق بعض الشبان المتحمسين للتغيير القواعد، وأقاموا في أحد الفنادق احتفالاً صاخباً، أدخلوا فيه موسيقى السامبا التي كانت انتشرت بشكل كبير بين أفراد الشعب البرازيلي وكثرت المدارس التي تعلم الرقص على إيقاعها. ومنذ ذلك الوقت، اعتبر هذا العام عام تأسيس مهرجان ريو الحقيقي.

اختيار موسيقى السامبا لم يكن محض صدفة، فهي ليست رقصة برازيلية، بل أتت مع اعداد العبيد الغفيرة الذين أحضرهم المستعمرون للبرازيل منتصف القرن الماضي، من أفريقيا وانغولا.

ما كان يخفف وطأة الظلم والاضطهاد عليهم هو الموسيقى، لكن مع منع الاتجار بالرقيق، رحل الكثير منهم من جنوب البرازيل واستوطنوا ريو دي جانيرو وتمركزوا بمناطق مثل براسي اونسي وسيداد نوفا التي تحولت مع الوقت لمركز لموسيقى السامبا ورقصها، فكسب هذا النوع من الموسيقى والرقص شعبية هائلة.

مدارس السامبا

أواخر العشرينات، افتتحت أول مدرسة للسامبا، وأصبحت موسيقاها محور إلهام الكثير من الملحنين والموسيقيين. من حينها بدأت المسابقات لاختيار أفضل موسيقى سامبا، وأفضل راقص وراقصة، ما جعل ريو مدينة السامبا بجدارة، يشهد على ذلك سماع هذه الموسيقى بكل زاوية وبكل مكان بالمدينة. مع مرور الزمن تنامت أهمية موسيقى ورقصة السامبا، ما جعل إدارة المدينة تدخلهما رسميا ببرنامج الكرنفال، الذي كان يفتقر لعنصر الفن المثير لشد الزوار. بعد سنوات قليلة، تسلم إدارة المهرجان مكتب سياحة مدينة ريو واتحاد مدارس السامبا.

ملابس ملونة وبراقة

في كل عام، تختار كل مدرسة سامبا فريقا تتنامى لديه القدرات الفنية ليعرضها ضمن مواكب الكرنفال، إما فوق عربة مزخرفة بأحلى معالم الزينة أو على الأرض.

تحرص اللجنة المشرفة على اختيار الموسيقى التي يرقص على انغامها الراقصون والرقصات بعناية، وكذلك حركات العروض الفنية المعدة للتقديم. فالمهرجان لا يقتصر على الرقص حصراً، لا بل على الحركات الفنية أيضاً. وتكون ملابس الراقصين مزركشة وملونة وتنكرية، عادة أما لملكات او ملوك او أمراء او أميرات، فضلاً عن أزياء الدانتيل الأبيض الرائعة التي تشتهر بها نساء ولاية باهيا شمال البرازيل.

وفوق مدارج الملعب الرياضي الشهير بشارع سامبودروم ، تكون انطلاقة الكرنفال، الذي تتنافس فيه 12 مدرسة للسامبا. يتسع الملعب لأكثر من 88.500 مشاهد، ويبدأ الاستعراض على حلبة طولها 700 متر في الساعة التاسعة مساء، ويستمر عشر ساعات في كل يوم.