عامر بدر حسون/
هذا الرجل الطويل الأسمر الذي يعيش في القاهرة الآن ويتنقل بين مكاتب المسؤولين في الوزارة وفي المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية من أجل كفاح الصومال.. احد الشعوب الافريقية ويطلب منه الانجليز ان يعمل قاضيا للقضاة في الصومال فيرفض.
هو الأستاذ احمد موسى عبد الله.. احد زعماء الحركة الوطنية هناك.. ورئيس الجالية الصومالية في مصر.. التقيت بالرجل فراح يجيب عن اسئلتي ليعرفنا بهذا البلد الأفريقي..
* ما عدد سكان الصومال؟..
– حوالي خمسة ملايين..
* هل الصومال كتلة واحدة أم مقسم؟..
– الصومال مقسم الى خمسة أقسام الصومال الحبشي.. وصوماليون انجليز.. والصومال الفرنسي.. والصومال الايطالي..
وهو وضع غريب لم يسبق له مثيل في التأريخ.. لان الصومال كله أمة واحدة تتوافر فيها عناصر الأمة من وحدة الدين ووحدة اللغة ووحدة اللون ووحدة التأريخ..
* ما دين الغالبية في الصومال؟
– الصوماليون جميعهم مسلمون..
* ما اقدم استعمار هناك؟..
– الاستعمار الانجليزي..
* متى بدأ؟..
– منذ حوالي 75 عاما..
* ما شكل الحياة والمجتمع عندكم؟..
– الحياة في الصومال بدائية جداً فهي تشبه حياة العرب قبل الاسلام..
نظام القبائل والتنازع.. والتفاخر بالانساب وو..
* هل كان للانجليز أثر في رقي هذه الحياة وهل تقدموا بالمجتمع؟..
– الانجليز هم هم في كل مكان يريدون ان يوقفوا تطور الشعوب ويحاولون ان يبقوا على حالة التأخر!!
* ما مدى التعاون بين المستعمرين الأربعة في الصومال؟..
– عندما بدأت تظهر الحركة الوطنية في الصومال الانجليزي والايطالي بعد الحرب العالمية الأخيرة ونتيجة لاتصال السودانيين والمصريين بنا.. اخذ المستعمرون الانجليز، والفرنسيون، والايطاليون والأحباش يتآمرون لتوحيد سياستهم ضد الوطنيين، ولهذا تنعقد بين وقت وآخر مؤتمرات في عواصم الصومال مثل مقديشو وهارجيا وجيبوتي وهرر، يحضرها الحاكم العام لكل الصومال!!..
* ماذا يهدف المستعمرون بهذه المؤتمرات؟..
اولاً.. عزل الأجزاء الصومالية عن بعضها وخلق الحواجز المصطنعة بينها حتى انهم فرضوا نظام الباسبورتات للانتقال بين انحاء الوطن الواحد..
ثانياً- محو اللغة العربية أو اضعافها.
ثالثاً- تفتيت القوى الصومالية وتمزيق وحدتها بشتى الاساليب حتى يطول بقاؤهم..
* هل عندكم احزاب سياسية؟..
– في الصومال الايطالي حزب يسمى “وحدة الشباب الصومالي” وهو أقوى حزب، وقد نجح اخيراً في الانتخابات للمجلس التشريعي باغلبية ساحقة وهذا ناتج عن ضعف الادارة الايطالية ومساعدة مصر وتشجيعها للتطور هناك..
* وما الحال في الصومال الانجليزي؟..
– الاحزاب لاتزال في دور البداية وليس هناك سوى الرابطة الوطنية الصومالية..
* ما نشاط هذه الرابطة؟..
– تحاول الاتصال بالعالم الاسلامي ونشر الوعي القومي بين الصوماليين عن طريق دعاتها..
* ما سياسة الاستعمار الانجليزي ازاء هذه الحركة الوطنية النامية؟..
أولاً- جميع زعماء الصومال الان في السجون في اديس ابابا.. في أقبية تحت الأرض لا يرون النور ويقدم لهم الخبز والملح فقط والهدف هو قتلهم قتلا بطيئاً، زيادة في تعذيبهم من ناحية، ولتخويف الرأي العام من ناحية أخرى، ويتبع ذلك سياسة عامة بعيدة المدى ذات شقين.. الأول: ارسال عدد كبير من المثقفين الصوماليين الى لندن وامدادهم بمعلومات بسيطة واعطاؤهم شهادات عالية ليتولوا المناصب المهمة في الصومال وليكونوا جبهة قوية تعارض الجبهات الوطنية في المستقبل..
والشق الثاني.. ايهام الرأي العام بانهم سينهضون بالشعب حتى ينال استقلاله وحريته في اقرب وقت، ولهذا انشأوا مجلسا استشارياً وهم يزعمون الان انهم يبنوا مجلساً تشريعياً صورياً لتوجيه الأمة الوجهة التي يريدونها.
* هل عندك صحف في الصومال؟
– ولا صحيفة واحدة..
* والمساجد؟
– توجد في جميع البلدان.
* والمدارس؟
– مدرسة واحدة انشأها الاستعمار سنة 1944 وهي في مستوى المدارس الابتدائية ويتفرع منها حوالي خمس عشرة مدرسة صغيرة في مستوى مدارس الروضة والغرض منها جميعاً انتاج عدد من الخدم للانجليز..
* هل عندكم صناعات؟
– ليس هناك صناعات بالمرة حتى ولا الصناعات اليدوية اللهم الا بعض الاحذية الوطنية التي تشبه الصنادل الخفيفة..
* هل الصومال بلد زراعي إذن؟
– ليس الصومال بلداً زراعياً ايضاً.
* اذن ما الانتاج الرئيس؟
– الثروة الحيوانية.. فهي في الصومال كبيرة جداً.. ملايين من الأبقار والأغنام والجمال والماعز والمراعي الطبيعية.
* هل يعيش السكان على المنتجات الحيوانية فقط؟
– تقريباً..
* أليس عندكم خبز؟
– معظم السكان لا يأكلونه ولا يعرفونه.
* أين تصدر هذه الماشية؟
– كانت تصدر من قبل الى عدن فقط، أما الان فتصدر الى جدة كذلك.
* سمعت ان اسرائيل تحاول استيراد كميات ضخمة من ثروتكم الحيوانية فهل هذا صحيح؟..
– نعم والمستعمرون يحاولون الضغط على التجار للتعامل مع اسرائيل وبيع كميات كبيرة لها، ولكننا نقاوم هذا التيار بكل قوتنا، وللآن لم تستطع اسرائيل شراء رطل واحد من الصومال وكل ما حصلوا عليه كان من المنطقة الاثيوبية، لان الصوماليين يعتبرون انفسهم عضوا في جماعة المسلمين الذين يحرم عليهم التعامل مع اليهود..
* ما هي الحالة الصحية؟
– مرض السل يفتك بالاهالي فان 35 في المائة من الأهالي مصابون به وليس هناك سوى 95 سريراً لكل الصوماليين، لهذا يظل المصابون في اختلاط مع الأهالي وبهذا يتفشى المرض الرهيب ويستفحل.
بقى ان تعرف ان هناك طبيبا واحدا فقط انجليزي يقوم بالعلاج..
هذا هو الصومال.. جزء من افريقيا السوداء التي عانت الفقر والجهل والمرض تحت وطأة الاستعمار دهورا طويلة.. ولكنها حتماً سوف تعرف النور..
مجلة روز اليوسف