الفتوى التي قلبت المعادلة!

رجاء الشجيري _ تصوير:صفاء علوان/

في لحظة التحدي ..تحدي الوجود ..استنهض العراقيون هممهم، وقلبوا المعادلة، فتحول “داعش” الوحشي” من نمر كاسر الى فلول تواجه إرادة صنعتها فتوى الجهاد الكفائي الذي أعلنته المرجعية الرشيدة، وشكلت معادلاً ستراتيجياً وطنياً وشعبياً قلب مسار الأحداث ورفد القوات المسلحة بمدد بشري ونفسي ومادي هائل استطاع، لاحقاً، تثبيت الموقف واستعادة زمام المبادرة والمبادءة العسكرية ميدانياً وتحقيق الانتصار.

يؤكد الخبير في شؤون الأمن والدفاع، المستشار ضياء الوكيل، أن من الحكمة مراجعة الأحداث الخطيرة التي مر بها العراق خلال السنوات الماضية وتقصّي أسبابها واستخلاص العبر من دروسها الصعبة.

فسيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من الأراضي العراقية في (حزيران عام 2014)هي الموضوع الأخطر في سياق الأحداث الكبرى التي عصفت بالعراق والمنطقة، تحتاج الى أكثر من وقفة تأمل ومراجعة مسؤولة لتلك الصدمة الوطنية العنيفة، التي تسببت بانهيار عدة فرق عسكرية أمام عصابات من الإرهابيين القتلة في الموصل والمناطق الغربية لم يتجاوزوا المئات، ودفعت بالعراق ووضعته أمام تحدٍّ مصيري ووجودي على المستويات كافة.

وقتها كان السؤال الأهم هو كيف نستطيع إيقاف الانهيار وتعزيز القوات المرابطة في الخطوط الدفاعية، وخاصة عند مشارف العاصمة..؟؟ وتبلور الموقف العام بالصورة الآتية:

وبالفعل جرى احتواء الصدمة وتثبيت العدوان وتعزيز القوات ورفدها بما متوفر من مستلزمات الصمود والمواجهة. وهذا ما تم التركيز عليه كإجراء مستعجل..كما أن الوضع العسكري والنفسي المتدهور كان يحتاج الى ردة فعل بمستوى التحدي المصيري القائم. وتحقق ذلك في فتوى الجهاد الكفائي الذي أعلنته المرجعية الرشيدة، ما شكل معادلاً ستراتيجياً وطنياً وشعبياً قلب مسار الأحداث ورفد القوات المسلحة بمدد بشري ونفسي ومادي هائل استطاع، لاحقاً، تثبيت الموقف واستعادة زمام المبادرة والمبادءة العسكرية ميدانياً وتحقيق الانتصارات في جرف النصر وبلد وسامراء والفلوجة والرمادي والموصل وبقية مدن وحدود العراق..

المعيار السياسي

وأشار الوكيل الى أن الأميركان أحجموا عن تقديم أية مساعدة لوجستية أو معلوماتية، واكتفوا بإرسال فريق من المستشارين العسكريين في مهمة استطلاعية لتقييم الموقف وتقديم تقرير للرئيس أوباما، في حين كان الزمن يعد بالساعة وأجزائها نظراً لحراجة الموقف العسكري وتسارع إيقاع الأحداث. في وقت تعاونت إيران مع العراق عسكرياً ولوجستياً واستشارياً وقدمت له الكثير من الاحتياجات الضرورية والمُلحّة، وإن كان بعضها مقابل ثمن، ولكنها في المعيار العسكري والأخلاقي والسياسي تتجاوز هذا المعنى إلى ما هو أبعد على صعيد الموقف الساند والذي ساهم بقوة في تجاوز الأزمة والنهوض من حالة الانكسار نحو استعادة التوازن والانتقال إلى مرحلة الهجوم وتحقيق النصر..

احتواء العدوان

وأوضح المستشار ضياء الوكيل أنه مع مرور الوقت بدأت تتكشف تطورات القدرة القتالية والكفاءة الهجومية ومستوى الأداء والإقدام والشجاعة والمعنويات العالية التي تحلى بها جندنا الأبطال .. والأحداث أثبتت أن أرض العراق غير سالكة لبرابرة العدوان وأن العراق وإن كان تراجع عام 2014 فإنّه كالسهم إن تراجع للخلف فهو يتوثب للانطلاق للأمام بقوة وسرعة أكبر، وهذا ما يجري حالياً..
وأضاف” في اعتقادي حتى يأخذ النصر العسكري بعده الستراتيجي على صعيد الانتقال من الانتصار إلى الاستقرار وحتى نربح اليوم ونكسب الغد ولا نسمح لداعش وأخواتها بأن تطل برأسها من جديد، فالعراق بحاجة الى مسار سياسي مستدام يعالج الأسباب التي أدت الى ظهور هذا التنظيم الإرهابي المتطرف.

حرب عالمية

فيما يؤكد الكاتب والإعلامي أحمد عبد السادة أنه ليس من المبالغة القول بأننا خضنا حرباً عالمية منذ يوم 10 حزيران 2014 وحتى يوم إعلان النصر النهائي على داعش، ذلك لأن تنظيم (داعش) هو جيش إرهابي عالمي تم تجميعه من كل وحوش وسفاحي وذبّاحي العالم، وهذا الجيش الإرهابي مدعوم من مخابرات دولية، ومفتوحة له خزائن دول غنية، مثلما مفتوحة له المطارات كمطارات تركيا لتسهيل نقل إرهابييه إلى سوريا والعراق، ومتوفرة له كل التسهيلات المالية لفتح باب التبرعات له من كل المتعاطفين (التكفيريين) معه من كل أنحاء العالم.
ما جرى فعلا هو حرب عالمية ضدنا، ولكننا انتصرنا بجدارة، انتصرنا بالدماء المقدسة والمضحية لشهدائنا وجرحانا، انتصرنا بشجاعة أبطال الجيش والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب وكل صنوف قواتنا المسلحة.

لقد انتصرنا في حرب عالمية قاسية ووعرة وضارية، ولذلك فإنه يحق لنا أن نفتخر بهذا الانتصار الذي كتبناه بدماء أبنائنا الغالية، والذي سيكتبه التاريخ بحبر الشموس الخالدة.

يوم إعلان النصر النهائي على داعش هو يوم سيتذكره العالم والعراقيون جيدا، لأنه يوم انتصارنا التاريخي على عدو البشرية الأول، ولأنه اليوم الذي انتهت فيه الحرب العالمية الثالثة التي توجت بانتصارنا الفذ والعظيم والاسطوري.

المصالحة الوطنية

من جانبه، قال الإعلامي عمر صبحي إن العراقيين دافعوا بعز وشرف عن وطنهم ووحدتهم وعن الإنسانية جمعاء ضد عصابة إرهابية مجرمة عاثت في الأرض فساداً وملأتها فجوراً وقضت أيامها السوداء سفّاكة للدماء، نهّابة لأموال الناس بالباطل، فانتفض العراقيون انتفاضة الأسد اذا ما اقتحم الضبع عرينه فحرروا البلاد والعباد وأكرمهم الله بنصر مشرف وبفتح كبير. واليوم إذ تم إعلان النصر على آخر بقايا الإرهاب الداعشي الإعمى، مبارك للعراق ولقواته المسلحة بجميع صنوفها قيادة عامة وضباطاً ومراتب.

وأشار صبحي الى أهمية تحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية وتعزيز الوحدة الوطنية من خلال تحقيق المشاركة الجادة بين جميع شرائح المجتمع العراقي وإعلاء قيمة المواطنة باعتبارها الأساس الوحيد لتعامل الدولة مع المواطنين وفقاً للقانون الذي يطبق استناداً للحق والعدل فإن هذا سيشجع الدول العربية والأجنبية الصديقة بالمساهمة الفاعلة في إعادة إعمار المدن المتضررة والمواقع الأثرية وإعادة بناء المناطق التراثية والحضارية والمساجد ودور العبادة، من أجل عودة الحياة لها بعد أن تم إعلان النصر الناجز.