اللقاح يحمينا ومن نحب من الوباء

أنسام الشالجي/

في قاعة الرياضة، حيث أمضي ساعة يومياً لأهمية الرياضة في تقوية جهاز المناعة من جهة، ولأهميتها في المحافظة على العقل والقلب شابين، طبعاً مع الالتزام بالإجراءات الوقائية، ومن بينها التباعد الاجتماعي وتعقيم اليدين، فضلاً عن أن صاحبة القاعة تحرص على تعفيرها باستمرار، سمعت ما لا أحب أن أسمعه!
شريحة المثقفات
السيدات اللواتي يشاركنني التمارين في القاعة ١٥ سيدة، أعمارهن بين ٤٥ الى ٦٥ سنة، أي العمر الذي يحتاج إلى حذر حقيقي بسبب جائحة كورونا، وبينهن، الأسماء التالية (غير حقيقية): (سهام، مهندسة) و (لميس، جامعية وربة بيت) و(رجاء، مدرسة) و(هناء، جامعية وصاحبة محل ورد) و(أم محمد، مدرسة متقاعدة) و(أم أمل، قانونية متقاعدة)، والأخريات أيضاً إما موظفات أو خريجات أوربات بيوت.. باختصار كلهن يُحسبن على شريحة المثقفات..
منع من السفر
رن هاتفي وكانت خالتي في الطرف الآخر تهاتفني من مطار بغداد في طريقها إلى تركيا، أخبرتني أنها مُنعت من السفر لأنها لا تملك وثيقة تؤكد أخذها لقاح كورونا وقالت إنها يجب أن تأخذ الجرعة الأولى في الأقل وقد يسمح لها بالسفر على أن تأخذ الجرعة الثانية بعد عودتها، وكان سفرها ضرورياً جداً لزيارة طبيبها الذي يجري لها فحصاً دورياً للتأكد من عدم عودة الورم الخبيث إليها.
سؤال وأجوبة!
كان ذلك الاتصال فرصة لأسأل السيدات إن كن قد أخذن اللقاح، ولاسيما أنني بعد أخذي الجرعة الأولى نصحت خالتي بأخذ اللقاح لكنها لم تقتنع، فسمعت في أجاباتهن ما لا أحب أن أسمعه.
قالت سهام، المهندسة: “حتى لو منعونا من السفر لن آخذ اللقاح، يبدو أنك، وتقصدني، لا تقرئين ما ينشر عن اللقاحات المختلفة وأنها ليست ضد كورونا بل رقاقات إلكترونية لا ترى بالعين المجردة لإجراء تجارب علمية علينا..”
أيدتها أم محمد، المدرسة المتقاعدة، التي تصر على أنها لم تصادف حالة وفاة بسبب كورونا، إنما تسمع بها فقط! وأن اللقاح ليس إلا (مؤامرة غربية) لجعل (رجالنا وشبابنا) يصابون بالعقم!
واضطرتني أم محمد إلى مناقشتها قبل أن أسمع الأخريات..قلت لها “أكدت وزارة الصحة في بيانها الخميس ٢٢ نيسان ٢٠٢١ أن عدد الإصابات في العراق وصل إلى (١٠١٠٣٠٤) وأصبحنا البلد الأول عربياً في ارتفاع عدد الإصابات، كيف تريدين أن تشاهدي شخصاً مصاباً بكورونا؟” لم تجبني، بل حركت شفتيها معبرة عن عدم ارتياحها، نصحتها أن تذهب إلى مستشفى ابن الخطيب الخاص بعلاج حالات كورونا الحرجة، وقطعاً بينها حالات كان المصابون بها يفكرون مثلها وقد يتوفون بسبب إهمالهم أو عدم تصديقهم، وإن كان هذا المستشفى بعيداً عنها، تستطيع أن تذهب إلى الردهة الخاصة بكورونا في مدينة الطب وعليها أن تلتزم بالإجراءات الصحية كي تبعد الإصابة عنها.. وقلت لها: كنتِ مدرسة ويفترض أن تتابعي الأخبار والتقارير وألّا تصدقي الشائعات وإن دول العالم كلها بدأت تستخدم اللقاحات نفسها وإن مئات الملايين حول العالم أخذوا جرع اللقاح..
أما سهام، المهندسة المدنية، فأرادت أن تؤكد الشائعات بقولها: إن جارها الطبيب وزوجته الطبيبة رفضا أخذ اللقاح بسبب هذه التقارير! طالبتها بإعطائي اسمي الطبيبين لأتصل بهما لإجراء حوار صحفي، رفضت بإصرار دفعني إلى الشك في مصداقيتها، وقلت لها: أنتِ مهندسة تتعاملين بالعلم ومن المخجل أن تصدقي الشائعات ولا تقرئي في المقابل آلاف التقارير التي تشيد باللقاحات كلها وضرورة أخذها لإيقاف الجائحة..
صدمة
فاجأتنا لميس بأنها أيضاً كانت ضد اللقاح حتى صدَمَتها إصابة جارتها التي مرت بأيام عصيبة ونُقلت إلى مستشفى ابن الخطيب الذي أمضت فيه شهراً تقريباً، وعندما غادرته عادت إلى البيت ومعها قناني الأوكسجين أيضاً، واستمر علاجها في البيت أسبوعين آخرين، سألتها عن سبب رفضها للقاح؟ وكان جوابها أنها ترى أن دولاً عدة لا تهمها مصلحة العراق واعتقدت بأن اللقاح الذي سيرسل إلى العراق ليس أصلياً! لكنها بعد إصابة جارتها بدأت تتابع الأخبار والتقارير وعرفت أن اللقاحات وصلت إلى العراق عبر تحالف كوفاكس، التحالف الدولي للقاحات والتحصين، الذي تشرف عليه منظمة الصحة العالمية وتشترك فيه ١١٠ دول من بينها دول أوروبية وكندا وغيرها، واقتنعت أن اللقاحات أمينة ولابد من التحصين بها حفاظاً على أنفسنا وعلى الذين نحبهم، وأضافت أنها وزوجها وأبناءهم الأربعة سجلوا أسماءهم في منصة وزارة الصحة على الإنترنت وفعلاً تلقوا رسالة نصية على رقم هاتف زوجها وموعدهم في الثاني من أيار في مركز صحة العطيفية.
الدليل
طالبتني هناء بدليل يؤكد أخذي للقاح، واخرجت لها (بطاقة لقاح كوفيد الزرقاء والبيضاء )التي تضم كل المعلومات الضرورية وعنوان البيت وموعد الجرعة الثانية في ٢٤ حزيران وأكدت لها أن رقم الهاتف الموجود على الكارت يعود إلى المركز الصحي الذي أخذت اللقاح فيه، للاتصال بهم بعد أخذ الجرعة الأولى في حال ظهور أية أعراض رغم أنني مكثت عشر دقائق في المركز بعد أخذ اللقاح للاطمئنان على صحتي وعدم ظهور أية أعراض جانبية.
وشرحت لهن المحاضرة التي سمعتها من طبيبة المركز بأن هناك أشخاصاً تظهر عليهم بعض الأعراض مثل ارتفاع طفيف في درجة الحرارة وشعور بألم في العظام وهي لا تستمر إلا لسويعات، وتؤكد أن جهاز المناعة لدى الشخص الذي اخذ اللقاح يعمل بصورة ممتازة، أما الذين لا تظهر عليهم أية أعراض فذلك لا يعني أن اللقاح لم يفدهم، إنما لكل جسم استجابته الخاصة..
وأخيراً
إن اللقاح وسيلة للتحصين ضد الوباء الذي تفشى في معظم دول العالم، ولم تسلم منه أكثر البلدان تطوراً علمياً.
لنسجل أسماءنا في منصة وزارة الصحة وننتظر دورنا لأخذ اللقاح، ليس فقط لتحصين أنفسنا ومن نحب، بل لمساعدة العائلات التي يعمل معيلوها بأجور يومية ويقطع حظر التجوال رزقهم، لنحاول أن نحافظ على رزقهم.. لنكن ايجابيين ونكذب الشائعات وننشر الطاقة الإيجابية..