محمد علي جواد/
الحديث عن المسلات العراقية أمر صعب وشائك وينبغي متابعة المسلات في المتاحف العراقية ومتاحف العالم المختلفة، ولربما نحتاج الى بحث دؤوب. ولكن من الممكن إعطاء اللمحات الرئيسة والحديث بصورة عامة عن المسلات العراقية وأبرز خصائصها.
الوظيفة التذكارية
والمسلّة هي عبارة عن بلاطة أو لوح أو عمود حجري يحمل نقوشاً (كتابة وصوراً) تذكارية وتُسّمى بالانجليزية (Stela أو Stele) . وتوجد في الدول المجاورة للعراق القديم مسلات مشابهة لتعريف المسلة العراقية ولكنها في دول أخرى تكون مختلفة، مثلا في بلاد النيل حيث تُسمى المسلة المصرية أو الفرعونية (التي هي نصب عمودي حجري رباعي الأضلاع هرمي الرأس) بالانجليزية (Obelisk) لأنها طويلة الارتفاع والجزء الأعلى منها مدبب كالإبرة ولذلك فإن المعنى الآخر لكلمة (Obelisk) هو الإبرة. وفي الوقت الذي تكون غالبية المسلات العراقية لا ترتفع أكثر من ثلاثة أمتار، فإن المسلات الفرعونية قد ترتفع لعشرة أو لعشرين متراً أو أكثر.
وفي الشكل والهيئة لا تتشابه المسلات العراقية مع المسلات المصرية إلا في الوظيفة التذكارية أي وجود كتابة تذكر حدثاً معيناً، ولهذا نفضل عند الكلام ذكر المسلة العراقية تمييزاً لها عن المسلة الفرعونية أو أية مسلات أخرى في أرجاء العالم.
– وشكل المسلة العراقية قد يكون مربعاً أو شبه مربع أو مستطيلاً.
– وتحتوي المسلة العراقية على كتابة فقط أو صورة ملك يحمل شيئاً وربما وجود رموز إلهية أو آلهة مشخصة وأشخاص آخرين أو حيوانات صيد وطيور جارحة.
– وتشتمل مواضيع المسلة العراقية على :
المعارك والانتصار على العدو بمساعدة وجود الآلهة أو رموزها، التعبد أمام الآلهة وأخذ مقاليد السلطة والحكمة والعدل منها، تخليد بناء معبد لإله رئيس، تخليد بناء مدينة جديدة، خضوع حكام المدن المحتلة، صيد الحيوانات، حصار المدن، سير الأسرى من الجند أو الأهالي، وهدايا الملك ودفع الجزية.
ومن الجدير بالذكر أن بعض المسلات تتناول موضوعاً واحداً لكن بعضها الآخر يتناول عدة موضوعات مختلفة.
لربما أغفلنا بعض أشكال أو أنواع المسلات ومواضيعها، ولكنني ذكرت المميزات الرئيسة لأكثر المسلات شيوعاً وشهرة. من المعروف أن المسلات هي نصب منفصلة بذاتها ولذلك تختلف عن الألواح الحجرية الجدارية التي تملأ قصور الملوك وتختلف عن تماثيل الملوك والآلهة وتختلف أيضاً عن أحجار الحدود (كودورو) وقد توضع في قاعة العرش أو ردهات القصور الملكية أو الشوارع الرئيسة المؤدية للآلهة الرئيسة في مدن العراق القديم.
كما أن المسلات صنعت من مواد حجرية مختلفة أغلبها مستورد من خارج بلاد وادي الرافدين، ومن خلال دراسة المسلات العراقية يجري تقييم فن النحت في مختلف العصور.