الوجه الآخر..للشتاء طبيعة ساحرة يصنعها الجليد

ترجمة: آلاء فائق /

يُفتن بعض الناس بأول تساقط للثلوج في بلدانهم، بينما يتوق آخرون الهرب من برد الشتاء القارس، ليلوذوا بأنفسهم إلى مناطق سياحية تنعم بأشعة الشمس الدافئة.
غالبيتنا نميل إلى ربط الشتاء بالسماء القاتمة والأنوف المزكومة، لكن هناك جانباً جميلاً للموسم غالباً ما يتم تجاهله. نحن نتحدث عن الجبال الإيطالية المغطاة بالثلوج، والبحيرات البكر المتجمدة، والأكواخ الإنكليزية الجميلة التي جعلت لوحات الرسام الأميركي (ورمان روكويل) تقف خجلة أمامها.
بينما يميل الكثير من هواة السفر لاستكشاف هذه الوجهات في أي وقت من السنة، فإننا لن نحكم على ما إذا كنت ترغب بالتجول في بعض عجائب الشتاء وأنت جالس مكانك تقرأ سطور الموضوع في المجلة او من خلف شاشة الحاسبة، لذا ماعليك سوى ارتشاف كوب من النسكافية الساخنة قرب الموقد وإطلاق العنان لخيالك وحواسك للتمتع بمناظر الشتاء الخلابة.
القارة القطبية الجنوبية
تتميز القارة الواقعة في أقصى جنوب العالم بجمال طبيعتها الساحرة، فعلى الرغم من أن 99 بالمئة من القارة القطبية الجنوبية مغطاة بالجليد، غير أن المناظر الطبيعية لا تزال قادرة على أن تكون متنوعة بشكل مثير للدهشة، ومنها أنهارها الجليدية الزرقاء السريالية المنظر، وبراكينها النشطة، وممراتها المائية الوعرة، ولاسيما ممر دريك Drake، وإطلالاتها الثلجية التي يصل سمكها إلى 360 درجة من الثلج البكر. كل هذه المناظر الخلابة لا تكتمل ما لم تظهر أمامك البطاريق الإمبراطورية والحيتان الحدباء.
البندقية
البندقية، إحدى وجهات الشتاء الجميلة، حيث تحلو زيارتها خلال شهري كانون الثاني وشباط، بعيداً عن الحشود. الجولات على متون زوارق الجندول إلى العمارات بطراز الباروك والطعام الشهي، كلّها عوامل مغرية لسائحيها، كما يمكن ببساطة الاسترخاء وارتشاف فنجان من القهوة في ساحة )سان مارك(، والاستمتاع بمشاهدة المعالم المنحوتة. لا تستقيم زيارتك للبندقية، من دون التعرُّف على مطبخها الشهير بمأكولاته البحريَّة الطازجة، ولاسيَّما السردين الذي يُحفظ لفترات طويلة، فضلاً عن أطباق الأرز والبازلاء المطبوخة وفق طريقة البندقية.
باريس شتاءً.. مدينة المتاحف
ليس ثمة سبب للشعور بالذنب بسبب خفوت أشعة الشمس وعدم تفتح أزهار الكرزالجميلة، فانغماسك بزيارة متاحف باريس الرائعة، كمتحفي اللوفر وأورسيه، سيشغلك عن رتابة الشتاء الباريسي.
ديزني لاند باريس ساحرة دائماً، لكنها في الشتاء تأتي بطبيعتها بإحدى فائدتين رئيستين: جمال ديكور أعياد الميلاد أوائل الشتاء، وخطوط التوصيل الميسرة لزوارها.
نظراً لأن الجزء الأكبر من جولات ركوب الخيل ومناطق الجذب السياحي في ديزني لاند باريس تقع في الداخل، إلا أن الطقس البارد لن يكون سبباً رئيساً في إعاقة وصول الزوار إليها، كما هو الحال تماماً في معظم مدن أماكن التسلية الأخرى في باريس.
جمال شواطئ كوستاريكا
بينما يلف الشتاء القارس أغلب دول العالم، تشهد معظم مدن كوستاريكا في كانون الأول موسم جفاف، ترتفع فيه درجات الحرارة لتصل إلى 70 درجة مئوية، ترافقك خلال فترة وجودك في أميركا الوسطى. مع هذان فإن طقس كوستاريكا المتقلب لا يمنع السياح من أداء فعالياتهم، كالمشي لمسافات بعيدة، وركوب الخيل، وركوب الدراجات على سفوح الجبال، والانزلاق عبر الحبل في الغابات المطيرة. وإذا قمت بزيارة هذا البلد في كانون الثاني، فستجد بلدة (بيرافيدا) الصغيرة في قمة حيويتها, ولاسيما عند إحيائها لمهرجان (بالماريس) الذي يستمر زهاء أسبوعين وتمتع الزوار بفعاليته. أياً كان شهر الشتاء الذي تختاره للوصول، تذكر تخصيص وقت كافٍ للاسترخاء على بعض شواطئ كوستاريكا الجميلة.
حمّامات أونسن وينابيع اليابان الحارة
في موسم أعياد الكريسماس ورأس السنة تحظى طوكيو بنكهة مختلفة ولمسة ساحرة، إذ تزخر بعشرات العروض الترفيهية المميزة، وتشتعل المدينة بالأجواء الصاخبة والفعاليات المتنوعة التي تناسب الكبار والصغار وتخطف قلوبهم، ومنها عروض الألعاب النارية وأضواء الليزر الخلابة التي تطبع في بالك أن اليابان هو بلد الابتكار والإبداع.
تفسح طوكيو لمحبي التسوق المجال للاستمتاع بشراء هدايا، غالبيتها لماركات عالمية من العديد من المتاجر. ولو كنت من محبي التزلج، فيمكنك التزلج على الجليد في المناطق المحيطة بطوكيو والاسترخاء في الينابيع الساخنة، والاستمتاع بحضور أحد المهرجانات الشتوية العديدة كمهرجان Tori no Ichi، بإمكان السياح أن يكونوا من أوائل المحتفلين بالعام الجديد في العالم.
طوكيو، كونها إحدى المدن الكبيرة، بإمكانك أن تجد فيها كل الأشياء الممتعة، ومنها عثورك على ملاذ آمن في أحد معابدها القابعة في امتدادات الطبيعة. العديد من الأنشطة ستجعل عطلتك الشتوية ممتعة، بدءاً من التزلج ومروراً بتناول الطعام في أفضل مطاعم السوشي، إلى الاستحمام في حمامات أونسن (حمامات الينابيع الحارة في اليابان).
الـ أونسن هي ينابيع بركانية طبيعية ساخنة تساعد على الاسترخاء وتجلب العديد من الفوائد لصحة الفرد. لهذا النوع من الحمامات دور كبير في المجتمع الياباني، يجد فيها اليابانيون مفراً لهم من ضغوطات حياتهم العملية ومتنفساً بعد 12 ساعة من العمل اليومي المتواصل، تسقط فيها المراتب الاجتماعية عندما يتجرد جميع الناس من ملابسهم داخلها.
المياه بشكل عام غنية بالمعادن، ويختلف المحتوى المعدني للمياه ومستويات PH بشكل كبير من أونسين إلى آخر، وقد تكون المياه غنية بالحديد أو كلوريد الصوديوم أو الكبريت أو الكربون أو الراديو.
أحد أهداف الينابيع الساخنة هو علاج بعض الأمراض، إذ يوجد خط لكل مرض، يلوذ بها الأزواج الذين يحاولون الإنجاب وكبار السن، فمياهها الطبيعة تحسن الدورة الدموية وتهدئ آلام المفاصل.
كوبا.. وجهة أحلامك شتاءً
الشمس والبحر والسيارات الكلاسيكية، جزيرة كوبا الكاريبية هي وجهة أحلام أولئك الذين يريدون الهروب من كآبة الشتاء. توفر العاصمة هافانا، ببلدتها القديمة وحصن قلعة مورو الحارس لمدخل ميناء هافانا (تصميم المهندس الإيطالي باتيستا أنتونيلي) العديد من فرص التقاط الصور الجذابة، تفرض هافانا على سائحيها تقديم شهادة التطعيم واختبار PCR السلبي.
جزرالمالديف
إذا كنت من محبي الشمس والرمال والبحر، فهذا ما ستجده في جزر المالديف الرائعة. فمع اقتراب فصل الشتاء يبحث الكثير من المسافرين عن أفضل وجهة للاستمتاع بالشمس المشرقة والأجواء الدافئة خلال الفترة من شهر تشرين الأول إلى شباط ما بين مشاهد طبيعية خلابة وشواطئ رملية بيضاء جميلة ومياه صافية ورفاهية لا تضاهى، فإن كنت أنت أيضا كذلك، لا تنظر إلى أبعد من جزر المالديف شتاءً .
أفضل وقت لزيارة الجزر هو من تشرين الأول إلى نيسان. الجزيرة دافئة ومشمسة على مدار العام، لكنها تتكون من موسمين: جاف وممطر. هناك إيجابيات وسلبيات للزيارة في كل موسم، في هذه الفترة تتميز الجزر بأفضل طقس وذلك بفضل قلة هطول الأمطار ودرجات الحرارة الدافئة. لسوء الحظ، يعد هذا أيضاً أكثر أوقات العام ازدحاماً، بالتالي فإن أسعار الغرف في المنتجعات باهظة، ولأن كل منتجع يقع في جزيرة خاصة، فلن تضطر للتعامل مع حشود السياح مثلما قد تفعل خلال موسم الذروة في وجهة أخرى.
بحيرة بايكال.. روسيا
الذهاب إلى روسيا شتاءً أمر غير حكيم بشكل عام، ولكن قد يميل البعض للمخاطرة لمجرد الاستمتاع بمناظر بحيرة بايكال، التي يطلق عليها السكان الأصليين الذين سكنوا المنطقة اسم (البحر المقدس)، وهي أعمق بحيرة للمياه العذبة في العالم، وتعد نقطة جذب حيوية للسياح في أي وقت من السنة، ولكن في فصل الشتاء يتحول سطح البحيرة إلى حلبة تزلج تبلغ مساحتها 12200 ميل مربع. ويوفر القائمون على البحيرة جولات بالزلاجات التي تجرها الكلاب للتزلج على الجليد، وكذلك الغوص الجليدي (الغوص تحت الجليد) وركوب (الرمث) في المناطق التي لم تتجمد فيها مياه البحيرة (استخدام طوق قابل للنفخ في الهواء).
جنوب إفريقيا
رأس الرجاء الصالح وجهة مثالية رائعة لتمضية موسم شتائي آخر في ظل جائحة كورونا، ولكن لسوء الحظ ينصح العديد من حكومات العالم حالياً بعدم السفر السياحي غير الضروري إلى مناطق عالية الخطورة في جنوب إفريقيا. ما زال على عشاق الحياة البرية، ممن يرغبون بالاستمتاع بحياة نابضة في مدينة كيب تاون، الالتزام بالعديد من اللوائح.
زيارتك إلى جنوب إفريقيا شتاءً وتوغلك في حياتها البرية، تجعلك تكتشف السر المحلي في أن الطقس الشتوي المعتدل في الأدغال المشبعة بالبخار هو بمثابة راحة مرحب بها من حرارة الصيف الشديدة.
أحد أسباب سفرك إلى جنوب إفريقيا هو جمالية خليج هوت، الذي يتيح لك فرصة الذهاب بجولة لمشاهدة الفقمات. في بعض الأحيان يمكنك رؤية الفقمات يتشمسن على الميناء الخرساني، التجديف معهن هو خيار آخر.
المنطقة الرئيسة المواجهة للميناء هي فخ سياحي رهيب، حيث تبيع المتاجر غير المرغوب فيه وأدوات شخصية بأسعار باهظة (في الغالب لحشود الحافلات السياحية).تجد سوق ميناء الخليج القريب مليئاً بالمحال المستقلة، كما أنه يحتوي على قسم طعام رائع وحيوي للغاية، جنباً إلى جنب مع الموسيقى الحية طوال اليوم.
روعة جبال الهمالايا النيبالية
من الصعب العثورعلى منطقة بعيدة وبكر في نفس الوقت سوى في جبال الهمالايا النيبالية. يعرف البلد الذي ترتفع فيه السماء بالتشكيلات الصخرية والهياكل الملونة المشيدة على شكل قباب لتكوُن أضرحة بوذية ممتدة عبر امتدادات لا يسبر غورها ويتعذر فهمها في سلاسل الجبال المسننة.