ترجمة: آلاء فائق/
يتميز كل واحد منا بشخصية معينة تجعله مميزا عن غيره، وعادة ما يصنف البشر الى قسمين أساسيين تبعا لنوع شخصيته، إما انطوائي أو منبسط. الانطوائي هو شخص استبطاني هادئ، غير اجتماعي وليس بالضرورة منعزلا، وعكسه المنبسط، فهو اجتماعي، أنيس، يسعى وراء الأشياء الظاهرة المثيرة.
كتب أحد المغردين الانطوائيين ويدعى جون مارك في تويتر: “لا يبدو الأمر سراً لمن يعرفني من المقربين أنني شخص انطوائي، فأنا لا أحب تمضية الكثير من وقتي بمعاشرة الناس والاختلاط بهم، لكن هذا لا يعني أنني راهب او ناسك، ففي بعض الأحيان أستمتع بالتواصل الاجتماعي، لكن فقط مع عدد قليل من الناس وبالجرعات التي اتحكم بها. ولكن غالبا أفضل أن أكون لوحدي معظم الأوقات.”
يمضي مارك 40 ساعة في الأسبوع بالعمل المرهق، وأحيانا أكثر قليلا، ويحرص على ممارسة ساعة من وقته يوميا بتمارين الجم الرياضية، ويذهب للكنيسة يومي الأربعاء والأحد. لكن بانتهاء جميع هذه الواجبات بدأ يحس بأنه منهك جسديا وذهنيا. وكل ما يريده هو العودة للمنزل كي يرتاح ويسترخي، ليست لديه رغبة بالتحدث مع أحد، بل انه لا يمارس حتى هوايته المفضلة بالعزف على البيانو، او تشغيل أقراص DVD لسماع الموسيقى الهادئة ولو حتى لبرهة قصيرة. كل ما يريده هو الجلوس أو التمدد على الأريكة أو يظل ساكنا لفترة. لا يريد الدخول بمحادثات، وإذا كان لا بد له من ذلك، فانه ينهي حديثه سريعا بتناول لبّ الموضوع الرئيسي، ثم يعود لـ”وقته”. يقول مارك انه كثيرا ما يدعوه اصدقاؤه او اقرباؤه لحضور حفلاتهم أو مناسباتهم الاجتماعية الخاصة، لكنه بات يكره هذه الأشياء، وهو عموما يرفض دعوتهم بشكل دائم تقريباً بأدب، لكنه مؤخرا بات يسمع أشياء مثل: أنت لا تعرف كيف تستمتع بوقتك، تمتع بعزلتك! أو يا مفسد الحفلات ومعكر اجواء الأفراح!
صفات الانطوائي
يستمتع الشخص الانطوائي بالوقت الذي يمضيه لوحده ولا يجد نفس مقدار المتعة عندما يبدد وقته وسط مجموعة كبيرة من الناس، ولكنه مع هذا يستمتع بتفاعله مع اصدقائه المقربين. ويتمتع الانطوائي بثقة عالية بالنفس ويكون دقيقا باختيار رفاقه واقرانه، ويفضل مراقبة المواقف قبيل التعامل معها أو المشاركة فيها.
ويمعن الانطوائي بتفكيره وتحليله قبيل الشروع بالكلام، ولا يحب استنفاد طاقته بالثرثرة الفارغة، ويفضل الأجواء الهادئة التي تقل فيها الإثارة.
شخصية مرحة
يظن الكثير من الأشخاص بأن الشخصية الانطوائية هي شخصية مملة، لكنها في واقع الحال عكس ذلك تماما وهذا ما يظهر عليه من الخارج فقط.
يفضل الشخص الانطوائي أن يدخر مرحه ويعمل على بثه مع الأشخاص المناسبين في الوقت والمكان والموقف المناسب.
يمكن للشخص الانطوائي أن يكون ودودا، ومهتما بالآخرين، وقويا بطريقته الخاصة، ومع ذلك فإن الوصمة التي تعلق به لكونه انطوائيا، تجعله يقاوم ميوله الانطوائية بل وينكرها حتى بينه وبين نفسه.
أميركا والانطوائية
رغم أن أميركا تصنّف عالميا على انها من أكثر بلدان العالم انبساطية، غير أن كتاب الكاتبة الأميركية سوزان كين “الهدوء.. قوة الانطوائيين في عالم لا يتوقف عن الكلام”، وهو من أكثر الكتب مبيعا في أميركا، يبين عكس ذلك.
توضح كين الأمر ضمن كتابها بأن ثلث إلى نصف الأميركيين انطوائيون، لكن الناس يتظاهرون عكس ذلك لتفادي وسمهم بشخصية الدرجة الثانية، فقد قيل لنا “إنه لكي نكون عظماء يجب أن نكون جريئين، ولكي نكون سعداء يجب أن نكون اجتماعيين، إننا نرى أنفسنا كأمة من الانبساطيين، ما يعني أننا فقدنا الاهتمام بمن نكون حقًا.”
وتعمل الكاتبة، صاحبة الشخصية الانطوائية، كما تصف نفسها، ومن خلال تحليلها وبحثها العلمي وسرد الأمثلة للوصول بالقارئ للوفاق مع عوالمه الداخلية وقدراته الدفينة التي يمكن أن يعثر عليها، مقابل نظام “المثل الأعلى الانبساطي” كما يعبر عنه كتابها، وهو الاعتقاد الموجود في كل مكان بأن الشخصية المثالية هي اجتماعية وقوية وتشعر بالارتياح عندما تكون بدائرة الضوء.
التمتع بالحياة
كلنا يعلم أن لحياتنا الاجتماعية مميزاتها وعيوبها، فمهما كانت حياتنا الاجتماعية صاخبة ومزدحمة بالأحداث المرهقة، غير انها في الوقت نفسه مليئة بالخبرات والمتع المشروعة والمفيدة، لذا يتوجب عليك فورا الخروج من شرنقتك وعزلتك عن المجتمع وتفاعل واندمج ايجابيا بالحياة العامة، ولو احسست ان ثمة ضغطا على اعصابك جراء مخالطتك لبعض الناس، ممن قد يمدوك بالطاقة السلبية، فلا مانع من ان تنسحب منهم.
كيف تتغلب على انطوائيتك؟
1-انفتح على الناس واندمج معهم
أينما كنت، في الكلية او في مكان عمل، اخلق حوارا مع من حوالك من زملائك حتى لو سارعت بإلقاء التحية عليهم والاطمئنان على أحوالهم، فهذا سيخلق نوعا من التقارب والشعور بالألفة والمحبة معهم.
2- تقبل عيوب الآخرين
لكل شخص مميزات وعيوب حتى انت، لذا تحاشى التركيز على عيوب الاخرين ودقق على إيجابياتهم ومميزاتهم، فلا يوجد شخص مثالي ولكن يوجد انسان متفهم ومتقبل لعيوب الآخرين وشاكر لإيجابيتهم.
3- استثمر مميزاتك كشخص انطوائي
ينعم الشخص الانطوائي بخاصية رائعة وهي فن الأصغاء للآخرين، فهو لا يتحدث كثيرا او يناقش، بل يركز ويحلل كلام الآخرين، وهذا ما يفتقده الآخرون من حوله.
4- تعرف على أناس جدد وسع دائرة معرفتك بالآخرين، حتى لو خارج نطاق اهتماماتك أو عملك، ولو لم تستطع الاندماج مع من حولك، لا بأس لو تفاعلت بقوة مع مواقع التواصل الاجتماعي، فسيساعدك هذا على توسيع نطاق اهتماماتك ومن ثم سيكون دافعا لك في الأخير للتفاعل مع الحياة الواقعية.
الفرق بين الوحدة والتفرد المفروض
خلافا للاعتقاد الشائع، ليس كل الوحيدين لديهم خوف مرضي من الاتصال الاجتماعي. يقول جوناثان تشيك، عالم نفس بكلية ويلسلي الأمريكية: “لا يميل بعض الناس للانتماء.” “ثمة فرق كبير بين تفضيلك ان تكون وحيدا وبين التفرد المفروض عليك.”
تقول مينا ماتسوكا، انطوائية تعيش بمفردها في مدينة نيويورك، تربي قطتين وتراقب موائهما بشكل روتيني: “لا يمكنني تحمل التواجد وسط حشود كبيرة من الناس تضج بالكثير من الضوضاء”، موضحة “من المجهد علي الحفاظ على التفاعلات الإيجابية وتقديمي لنفسي للآخرين في كل مناسبة 20 مرة ما يستنزف طاقتي.”
الفرق بين الخجل والانطوائية
الكثير يخلطون ما بين الانطواء والخجل، فيعتقدون أن الشخص الانطوائي معزول عن المجتمع، لكن الانطواء هو تفضيل النشاط الانفرادي عن مثيله الاجتماعي، وليست للانطوائية علاقة برهبة المواقف الاجتماعية، فهذا يكون خجلاً، وبإمكان الشخص المنبسط أن يكون خجولاً أيضا.
عن موقع/ ساند بوكس جنرال