رفاه حسن /
من آثار التغلغل التكنولوجي في حياتنا أننا اليوم عندما نصاب بأية وعكة صحية بسيطة نتوجه مباشرة إلى محرك البحث لندوّن الأعراض التي نشعر بها ثمّ نشرعُ في عملية البحث وتحليل المعلومات، ابتداءً من تحديد تقريبي للحالة الصحية والدواء المناسب لحين زيارة الطبيب والتأكد بشكل نهائي ما إذا كانت الحالة تحتاج إلى تدخل طبيب…
هنالك الكثير من الحالات لا تستلزم من المريض أن يخرج من بيته، بل يستطيع التواصل مع طبيبه أو أي طبيب آخر وهو جالس في منزله وعلى فراشه، إذ أتاحت له الكنولوجيا أن يزود طبيبه بتقرير لحظي عن الحالة الصحية بقياس درجة الحرارة وعدد ضربات القلب وارتفاع السكر في الدم، فضلاً عن نمط النوم الذي يتخذه المريض أثناء هذه الفترة.
هذا السيناريو هو نبذة بسيطة عمّا تستطيع التكنولوجيا أن تقدمه من خدمات في مجال الطب، فأهمية هذا التطور تكمن في أنها تجعل الإنسان على بيّنة من أمره ووضعه الصحي إذا استعان على نحو صحيح بالتقنيات وأدرك كيفية الاستفادة منها:
– لعل أعظم مساعدة قدمتها تكنولوجيا المعلومات للمجال الطبي هي “السجل الطبي” الذي يجمع كل المعلومات الطبية الخاصة بالمريض من تحاليل، وفحوصات طبية وأشعة، فضلاً عن التقارير الطبية السابقة لمختلف الأطباء الذين عاينوا حالة المريض، في مكان واحد يمكن الوصول إليه من أي مكان في العالم لمعاينة وفحص المريض أينما كان وتشخيص حالته ووصف العلاج المناسب له.
– لقد كان لهذا السجل دور كبير في مساعدة الطبيب لاتخاذ القرارات المناسبة لحالة المريض بالاعتماد على سجله الطبي، كما كان لهذا السجل دور مهم وفعال في الدراسات والأبحاث الطبية، إذ يسمح للأطباء والباحثين والمختبرين بالاستفادة من هذه النتائج لدراسة الحالات المرضية والأعراض بهدف الوصول إلى طرق العلاج المثلى، وإن الوصول إلى هذه المعلومات لا يكون ممكناً إلا بعد أخذ التصريحات اللازمة.
– يعد العلاج عن بُعد من الخدمات الجليلة التي وفرتها تكنولوجيا المعلومات للمرضى، ونخص بالذكر المرضى الذين يعيشون في الأرياف والمناطق النائية، إذ يصعب عليهم التحرك والسفر، ولاسيما إذا كانت حالتهم الصحية ضعيفة، أو أنها عرضة للتدهور أثناء رحلة الوصول إلى المدن والمستشفيات هناك، لذلك وجدت بعض التقنيات التي تساعد الطبيب على معاينة النشاط الحيوي للمريض ومتابعة وضعه الصحي، وتسمى هذه بالأجهزة القابلة للارتداء. وتعد الهواتف والساعات الذكية من بين هذه الأجهزة التي تساعد في متابعة الحالة الصحية للمريض، إذ أن أغلب الشركات اليوم تهتم بتطوير هواتفها وأجهزتها الذكية بما يتناسب وحاجة المستخدم ويتضمن ذلك حالته الصحية، فهذه الأجهزة قادرة على تسجيل النشاط الحيوي للمستخدم على نحو مستمر في حالة المرض أو العافية، فتسجل عدد ضربات القلب ونسبة الأوكسجين في الدم وغير ذلك من البيانات التي توفر للطبيب تصوراً قريباً من التصور الذي يوفره الفحص العياني، وتقدم بعض النصائح في الحالات البسيطة لتجنب تفاقم الأمر وتحوله إلى حالة خطرة لحين استقرار الحالة أو نقلها إلى المستشفى حسب الحالة.
– استطاعت تكنولوجيا المعلومات وشبكات الاتصال أن توفر المعلومة لكل فئات المجتمع، فقد ساعدت هذه التقنيات الأطباء والمتخصصين في إقامة مؤتمرات وعمليات جراحية (أون لاين) بهدف تبادل المعرفة والمعلومات الطبية، كما ساعدت على التنبؤ بانتشار الأمراض المعدية في مناطق معينة، وبذلك ساعدت في اتحاذ التدابير اللازمة مبكراً لتقليل الخسائر على كل الأصعدة البشرية والمادية، فضلاً عن أن توفّر المعلومات الطبية وسهولة وصول المستخدم العادي إليها ساعد في دراسة حالته الصحية ومعرفة الطرق المثلى للتعامل معها، كما ساعده في الحصول على الاستشارات الطبية من أكثر من طبيب من داخل البلد الذي يقيم فيه أو من خارجه وهو جالس في منزله.
– كان لتكنولوجيا المعلومات – وما يزال- دور مهم في تطوير أجهزة الفحص والقياس والتصوير الإشعاعي فضلاً عن إجراء العمليات الجراحية باستخدام الروبوتات، الأمر الذي مكن الأطباء من الكشف المبكر عن الكثير من الحالات الطبية المستعصية وسهّل كثيراً في عملية العلاج إذ أكسب المريض والطبيب معاً مزيداً من الوقت، ومنع تفاقم الحالة، ولقد تعدت قدرات هذه التقنيات كل الحدود لتصل إلى إمكانية متابعة نمو الأجنّة في أرحام أمهاتهم في الأسابيع الأولى، ناهيك عن الكشف عن أية تشوهات في الجنين وعن إمكانية إجراء عملية جراحية للجنين في الرحم في حال احتاج إلى ذلك.