رجاء الشجيري /
السينما هي أحد الفنون التعبيرية المهمة للشعوب، وهي الصورة الناطقة المجسِّدة لأحلامها، وتطلعاتها، ومعاناتها وثوراتها عبر الشاشة .. سينما ساحة التحرير، هي نتاج شباب سينمائي واعٍ، بجهود استثنائية دون أي دعم من أحد أو جهة ما، في خيمة تجمعهم في ساحة التحرير يقدمون فيها فعالياتهم وعروضهم السينمائية كل يوم، حيث يتم عرض أربعة أو خمسة أفلام سينمائية قصيرة وهي من وحي ومعاناة ما يجري هناك في ساحة التحرير لتجسد معاناتهم وأهدافهم، كذلك تتخلل العروض مناقشات لنقاد سينمائيين ومخرجين للحديث عن دور السينما بحضور كبير مليء بالحماس والوعي لمشاهدة هذه العروض السينمائية الشبابية المفرحة.
وهي منجز سينمائي واعد بعد أن كانت السينما مكرسة سنوات عدة للتمجيد بصدام المقبور ونظامه ومن ثم ضعفها وركودها بعده حيث لا إنتاجَ ولا دعمً حكومياً ينهض بها، فظلت مجرد محاولات فردية لشباب صنعوا أفلاماً بجهودهم وعلى نفقتهم الخاصة.
السينما والشعوب
الدور المهم الذي يعول عليه كثيراً اليوم في تلك العروض له أبعاده وأهميته، هذا ما أكده المخرج السينمائي مهند حيال بقوله: “دور السينما هو التأكيد على سلمية التظاهرة واستمرارها لحين تحقيق المطالب أولاً.. وعلى الجانب الآخر هي ضد الفساد السينمائي أيضاً لأن هناك فساداً كبيراً في الثقافة والسينما كما الحاصل في السياسة بطريقة أو بأخرى، إذ هي ذات المنظمات الوهمية التي تتاجر بأحلام الشباب وبالتالي أغلب الأعمال السينمائية والدرامية وغيرها تذهب ومحصورة ضمن كروبات فنية معينة تحتكرها، وينتجون من خلالها فناً سخيفاً وثقافةً هزيلة، لذلك هذه الخيمة السينمائية هي الشرارة الحقيقية للتغيير والانطلاق السينمائي والفني، وبما يليق بفنوننا، سينما مسرح وثقافة بصورة عامة”. فيما يذكر لنا المخرج السينمائي سعد العصامي مدى أهمية السينما في حياة الشعوب إذ يقول: “إن للسينما دوراً كبيراً في رفع الوعي السياسي والاجتماعي لدى المجتمعات التي تقوم باحتجاجها على الواقع الحالي، وأغلب الأفلام العراقية تدور أحداثها عن قصص مأساوية أصابت الشعب من الفقر إلى الفساد والبطالة”.
ويضيف: “ومنذ ستينات القرن المنصرم كان للسينما دورها الكبير في كفاح الشعوب، فقد تشكلت مجموعات مثل (مجموعة أفلام التحرير) في الأرجنتين و (سينما نوفا) في البرازيل وفي الوطن العربي أيضاً كانت السينما حاضرة في فلسطين، ولهذا فإن العروض التي يقوم بها السينمائيون في ساحة التحرير هي مهمة جداً”.
أما الناقد السينمائي علي الياسري فيرى أن: “في واقع عالم مابعد الألفية تقود الصورة بمنتجها المتجدد طبيعة الحركة في مسارات الحياة بشكل مكثف، لذلك تبدأ لحظة الحقيقة بالواقع من صورة، ولأن الثورات جزء من حراك المجتمع المباشر فإن السينما بالمحصلة هي الانعكاس التعبيري كوسيط يحمل قيمته التعبيرية والتحليلية بإطاراتها الاجتماعية والسياسية وبالنهاية منتج فني يمتلك قوة الصورة وتأثير الصوت والرجع المتردد لصدى الصرخات ضد الظلم والاستبداد وكل أشكال الفساد السياسي. بلحظة فارقة كانت السينما في التحرير بعروضها ونقاشاتها تواصلاً فكرياً لمفاهيم الرفض المطروحة في ساحات التظاهر وكذلك هي لبنة مؤسسة لتناول مستقبلي سينمائي لكل ما أحاط ونشأ ضمن فضاء تظاهراتنا ومطالبنا”.
ومن المخرجين المشاركين في تلك السينما “مهند الطيب” وفيلمه” عودة الروح” الذي أكد على سلمية التظاهرة مؤكداً على شرف المشاركة والحضور ضمن هذه الخيمة السينمائية.
خيمة الفنون والتظاهر السلمي
لم تقتصر خيمة السينما على عروضها ومنهجها التوعوي والتثقيفي السينمائي فقط، بل هي نشاطات لجميع الفنون المسرحية منها أيضاً والعزف الموسيقي كما هي الجلسات لمخرجين وممثلين مسرحيين انطلاقاً من أن الفنان المبدع لا فاصل بين كونه سينمائياً اومسرحياً او أكاديمياً لأي من الفنون. ومن خلال أحد النقاشات التي حضرتها وسبقت العروض للأفلام السينمائية كانت للمخرجين المسرحيين: علاء قحطان وتحرير الأسدي وباسم الطيب وتأكيدهم على دور المسرح، وضرورة تقريب الفجوة الحاصلة بين الناس والفنون “سينما –مسرح” التي عمقتها السياسات السابقة بتعمد، ومن جهة أخرى ضرورة أن تنبع الفنون من حاجة الناس وفهمهم لها لا من خلال التعالي عليهم برموز وطلاسم هي نخبوية بحتة.
الأفلام المشاركة
الافلام المشاركة ضمن الفعاليات والعروض السينمائية هي: فيلم “ساحة التحرير” للمخرج حسام ناظم، فيلم “ميسي بغداد” للمخرج عمر خليفة، فيلم “كما كان أبي” للمخرج مسلم حبيب، فيلم “فلاديميرو مرتجلة” للمخرج ياسر كريم، فيلم “الساعة الخامسة” للمخرج أيمن الشطري، فيلم “صور والرسالة الأخيرة” للمخرج ملاك عبد علي، فيلم “الكرادة” للمخرج الباقر جعفر، فيلم “عيد ميلاد” للمخرج ليث دحام، فيلم “الأنفاس الأخيرة” للمخرج مهند السوداني، فيلم”قطار” للمخرج نبيل جوي، فيلم “أحلام تحت الأنقاض” للمخرج محمد خليل، فيلم “سلمية” للمخرج مهند رشيد، فيلم “عودة الروح” للمخرج مهند الطيب، فيلم “البنفسجية” للمخرج باقر الربيعي، فيلم “أبيض” للمخرج حسين العكيلي وغيرها من الأفلام والعروض المستمرة يومياً.