سامي الجابري/
بين السياسة والإعلام والثقافة، كرس سفير العراق لدى القاهرة وممثله في الجامعة العربية السيد حبيب الصدر جهوده في إبراز دور العراق في مختلف المجالات.. نجح السفير السابق للعراق لدى الفاتيكان في رفع مستوى التلاقي بين المجتمع المسيحي والعراق موطن الحضارات وحيث بيت النبي ابراهيم وأقدم كنيسة في العالم،بعد أن كان له دور ريادي في بناء أهم مؤسسة إعلامية في البلاد هي شبكة الإعلام العراقي.
بسفير العراق السيد حبيب الصدر يضطلع بمهام كبيرة في القاهرة، حيث شهدت مدة وجوده هناك تطوراً لافتاً في مستوى العلاقات بين البلدين الشقيقين.
مراسل “مجلة الشبكة” الزميل سامي الجابري أجرى هذا الحوار مع سفير العراق في القاهرة وممثله في الجامعة العربية حبيب الصدر، تناول فيه عدداً من القضايا الأساسية التي تهم البلدين والمنطقة.
بين الفاتكيان ومصر
/ شغلتم منصب سفير العراق في الفاتيكان والآن أنتم في مصر ماهو الفرق بين البلدين برأيكم؟
– في الحقيقة أن لكلا البلدين مكانة مهمة، فالفاتيكان بالرغم من مساحتها الصغيرة، إلا أنها تمثل مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية في العالم ولديها تمثيل دبلوماسي مهم في أكثر من دولة في العالم، كما لعبت الفاتيكان دوراً مهماً في خارطة السياسة العالمية طوال تاريخها، ففي العصور الحديثة كان لها نشاط دبلوماسي فاعل خلال الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية، وظلت معنية بنشر مبادئ العدالة والمساواة وحقوق الانسان والحوار والتسامح والعيش المشترك، تلك التي أوصى بها السيد المسيح”ع”.
وفي فترة عملنا هناك حرصنا أشد الحرص على تنمية العلاقات الثنائية مع الفاتيكان، مع إبراز موقعية العراق مكانياً ومنطقة (أور) باعتبارها مهد النبي ابراهيم عليه السلام، وأهميتها في الحج المسيحي إذ نظمنا أول رحلة لفوج مسيحي عام 2013 قاده (المونسنيور اندرياتا).
والعراق يحتضن أول كنيسة في العالم وهي كنيسة (تل كوخي) على مبعدة 35كم جنوبي بغداد، إذ بنيت عام 70 للميلاد. وكانت أرض العراق تأريخياً الملجأ الأول للمسحيين أثناء حملات الاضطهاد والملاحقات والتصفيات الدموية. لذا جهدنا في تشجيع الآثاريين من الفاتيكان وإيطاليا على التنقيب عن آثارنا العراقية ونجحنا في ذلك، كما أسسنا لجنة دائمة للحوار هي الأولى بين البلدين والتي عقدت اجتماعين.
أما بالنسبة الى مصر فهي دولة عربية محورية وقطب عربي وإسلامي مهم لإدامة التوازن في المنطقة، فهي بلد الممالك الفرعونية التي عاصرت دول حضارتنا الرافدينية القديمة (السومرية، والأكدية، والبابلية، والآشورية)، وهي موطن الأزهر الشريف، ومركز أساسي للمسيحيين في الشرق وخصوصاً الأقباط.
ونشير أيضا الى وجود حالة تلاقٍ مهم بين مصر والفاتيكان، فقد زار قداسة البابا (فرانسيس) القاهرة في شهر نيسان الماضي بمناسبة مرور سبعين عاماً على إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.
وبرزت أهمية اعتماد مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر في رحلات الحج المسيحي وهذا سيعطي لمصر مكانة مهمة على صعيد حركة السياحة الدينية.
سمات الدخول
/ أين وصلت مساعيكم مع الجانب المصري بشأن تسهيل منح سمات الدخول الى العراقيين ورجال الأعمال والسيّاح؟
ــ في الحقيقة توجد بعض الإشكاليات في حصول العراقيين على سمة الدخول لمصر، وحدثت حالات إعادة لعراقيين من مطار القاهرة برغم حصولهم على التأشيرة والموافقات المطلوبة، ونحن بحثنا هذا الملف مراراً مع المسؤولين المصريين لأنه يحظى باهتمام وأولوية لدينا، ومازلنا نؤكد عليه في كل مناسبة او لقاء يجمعنا مع المسؤولين المصريين، او مع وسائل الإعلام المصرية، ووعدَنا أصحاب القرار بقرب حل تلك المشكلة، ونحن نتطلع الى الحل سريعا. ونشير الى أن لجنة الحوار الستراتيجي التي شكلت ببغداد في الزيارة الأخيرة لمعالي وزير الخارجية المصري سامح شكري الى بغداد، بحثت سبل عقد مذكرة تفاهم لإعفاء حملة الجوازات الدبلوماسية والخدمة من سمة الدخول الى مصر، وتسهيل دخول العراقيين، خصوصا الذين يراجعون لأغراض طبية او تجارية او للدراسة في الجامعات.
دور مصري
/ قلتم في أكثر من لقاء إننا نأمل في أن تكون للقاهرة أدوار في تخفيف حدة التوتر والأزمات في المنطقة، كيف تجدون تعاطيها مع القضايا العربية؟
– نحن نرى أن لمصر دوراً إيجابياً في منطقتنا العربية، حيث تعد المصالحة بين الأطراف الفلسطينية نصراً مهماً للدبلوماسية المصرية في أنماطها المتعددة، وهذا يؤكد قدرة مصر وقوتها في حلحلة الملفات الصعبة، ولانخفي اهتمامنا وإعجابنا في أن لمصر سياسة خارجية مهنية وناجحة فهي تمكنت من بناء علاقات متوازنة وإيجابية مع محيطها العربي ودول القارة الإفريقية.
ونحن نرى أن مصر تمتلك القوة في أن تطرح مبادرات على صعيد منطقتنا العربية تهدف الى التخفيف من الأزمات، فمصر يمكن لها أن تجمع الدول الفاعلة على طاولة حوار واحدة للوصول الى تقاسم للرؤى ومساحات النفوذ وإيجاد السقوف الزمنية لحلحلة أزمات المنطقة.
ومصر يمكن لها أن تسهم إيجاباً في دعم الحل السياسي السوري – السوري، ومادورها في هدنة خفض التصعيد في شمال حمص إلا دليل على مقبولية سياستها لدى الأطراف السورية.
موقف الأزهر
/ مازال الكثير من الآراء يعتقد بأهمية دوره، كيف تقيّم مواقف الأزهر اليوم؟
ــ ينظر العالم الخارجي بتقدير بالغ إلى الأزهر الشريف باعتباره مؤسسة إسلامية علمية، كما أن دور الأزهر مقدر عبر مراحل تأريخية مهمة، فمنذ إنشائه قبل أكثر من ألف عام أضحى مصدراً معرفياً، ليس للمصريين وحدهم، بل للمسلمين في أكثر من بلد، ويمكن لزائر الأزهر الشريف وجامعته أن يجد الطلبة من مختلف البلدان الإسلامية وهم ينهلون من معارفه .
كما ان تأريخ الأزهر الناصع في الوسطية والاعتدال أعطى لمشيخته كلاماً مسموعاً لأن منهجها هو الاتزان والحكمة في التعامل مع القضايا الشائكة والحساسة.
وخلال عملنا في القاهرة نسجل أن للأزهر الشريف مواقف مهمة في شجب الأعمال الإرهابية التي طالت العراقيين الأبرياء، ودعم وحدة العراق وعدم السماح بأية محاولات للنيل من سيادة واستقلال أراضية وخصوصا بعد أزمة الاستفتاء الأخيرة، ونشدد على أهمية دور الأزهر الشريف في تصحيح المسارات التي شوهها الإرهاب، وننشد الى التكامل بين النجف الأشرف والأزهر الشريف لنجاح رسالة الاعتدال والوسطية.
/ موجة الإرهاب تضرب جميع الدول العربية، كيف يمكن لتلك الدول الاستفادة من تجربة العراق وخصوصاً مصر التي تواجه الإرهاب أيضاً؟
– يهم العراق أن تتطور العلاقات مع مصر على مستوى مكافحة الإرهاب عن طريق تبادل المعلومات وتعزيز الجهد الاستخباري والتدريب والتسليح، لأن العراق ومصر يتقاربان في التحديات.
ونشير الى أن العراق يمتلك، بعد المخاض الطويل في محاربة الارهاب، الخبرة والمعلومات والإمكانات الأمنية، ويمكن أن نقدمها بسخاء لمصر ولجميع لدول المنطقة، وهذا ما أفصح عنه غير مرة الدكتور حيدر العبادي في مؤتمراته الصحفية الأسبوعية.
ونؤكد أن لمصر جهوداً مهمة في مكافحة الإرهاب، إذ تحركت بشكل فاعل للمطالبة بمحاسبة الدول الممولة للارهاب، ويحسب لها كذلك أن مجلس الأمن تبنى مقترحها في شهر أيار الماضي في استصدار الإطار الدولي الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابي، باعتبار أن التصدي للخطاب الإرهابي يعد من المفردات المهمة في مكافحة الإرهاب.
/ ماهي أخبار اللجنة العراقية المصرية وما المواضيع التي ستطرحها؟
– من المؤمل أن تجتمع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين على مستوى رئيسي مجلس وزراء البلدين في بغداد قريباً، حيث تجري الاتصالات مع الجهات المصرية المعنية للوصول الى تحديد موعدها وجدول أعمالها، وهناك اهتمام عراقي- مصري في تعميق مستوى العلاقات بين البلدين خصوصاً في مجالات: التجارة، وشؤون الطاقة، وتنمية القدرات الصناعية.
/ نود أن تطلعنا على حجم التبادل التجاري بين البلدين.
– بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2017 ((479,549,695)) مليون دولار، وبلغ حجم الصادرات المصرية الى العراق ((234,603,355))دولاراً، كما وبلغ حجم الصادرات العراقية الى مصر ((244,946,340))دولاراً.
الجامعة العربية
/ بصفتك ممثل العراق في جامعة الدول العربية ما الذي تنتظره من الجامعة؟
– العراق بلد فاعل وعضو مؤسس في الجامعة العربية ويأمل أن تكون جامعة العرب ومنبرهم قوية ومتماسكة وقادرة على مواكبة التطورات وايجاد الحلول، وان تكون جامعة شعوب لاجامعة حكومات او أنظمة، وأن لاتختطف قراراتها من قبل دول بعينها، لتمرير اجندات لاتخدم الشعوب العربية، لهذا يؤكد العراق دوماً على أهمية إصلاح الجامعة العربية، ولاننسى أيضاً المواقف المشرّفة للإجماع العربي من خلال الجامعة في رفض التدخل التركي، ورفض خطوة استفتاء الإقليم، ونشدد على أهمية أن تنفذ الجامعة ماتعهدت به على صعيد دعم العراق في ملف النازحين وملف إعادة المدن المحررة.
/ هل من كلمة أخيرة لمجلة الشبكة؟
– أوجِّه الشكر لمجلة الشبكة الغراء على إتاحتها هذه الفرصة، متمنياً لها المزيد من التألق والسطوع الإعلامي، وأفخر بأنني كنت مؤسسها حينما ترأست شبكة الإعلام العراقي منذ تأسيسها ولغاية أيار 2008م.