عامر جليل ابراهيم /
كانت ابنة الـ 15 عاماً تلعب في قرية تبعد عن مدينة الموصل 120 كم تدعى سنجار، يسكنها أغلب الإيزيديين مع أقلية من التركمان والعرب. “شريهان رشو” كانت تنعم بسلام هي وعائلتها قبل ان يدخل تنظيم داعش قريتهم الآمنة في 2014.
تروي رشو قصتها لمجلة “الشبكة” بعين دامعة وهي تتذكر ما حصل لها من ظلم وجور على يد “الدواعش”:
طريق الهرب
تقول شريهان، التي لا تملك اي مستمسك يثبت هويتها العراقية حتى هذه اللحظة، والتي اصبح عمرها الآن 19 عاما: عندما حاصر داعش قريتنا بتاريخ 3/8/2014 تحديداً، كانت أمي قد أعدت العدّة للفرار لأننا كنا نعلم أن هذا التنظيم الإرهابي سيبطش بنا لأنه يعتبرنا كفّاراً. وفي طريق الهرب ونحن متوجهون الى جبل سنجار اعترضتنا مجموعة مسلحة ملثّمة يتكلمون اللهجة العراقية، وقاموا بإنزالنا أنا وأخي الأكبر من السيارة التي كانت تقلّنا، فأخرجت أمي خلسة مسدساً كانت تخبئه داخل حقيبتها وقتلت أحدهم وأصابت الآخر، وبعد مقاومتها لهم انزلوها من السيارة ايضا وقتلوها امام عيني بـ 27 طلقة توزعت على جسدها أردتها قتيلة على الأرض.
عزل النساء
بعد صدمة موت أمي أخذونا الى قرية ايزيدخان القريبة من سنجار وتحديداً لخان السور. بقينا لمدة أربعة أيام حيث كان يتواجد اغلب الدواعش، وهناك عاملونا أسوأ معاملة، فقد كانوا يضربوننا ويعذبوننا. وهناك قاموا بعزل النساء عن الرجال، ومنذ ذلك اليوم فقدت أخي ولم اسمع عنه أي خبر، وكان أحد المسلحين يقوم بين الحين والآخر بالدخول علينا ويقول” لقد حان الوقت لاعتناقكم الاسلام”.
بعدها اخذونا بسيارات دفع رباعي الى الحدود السورية العراقية، ثم جمعونا في بناية مدرسة مهجورة وفرزوا البنات المتزوجات عن العازبات، وانا كنت منهم، وارغمونا بعدها على ركوب باصات تقلنا الى اسواق يدعونها بالنخاسة ليتم بيعنا الى الدواعش, وبعد وصولنا الى هذا السوق قام بشرائي شخص سعودي الجنسية يدعى ابو أحمد الجزراوي يبلغ من العمر 37 عاماً، ملتحٍ أشعث الشعر يتكلم بطريقة غير مفهومة.
اخذني الى بيته وانا معصوبة العينين وقام بربط يدي ومزق ملابسي واغتصبني، وبعد اربعة اشهر قام ببيعي الى شخص آخر أردني الجنسية يدعى ابو عبد الرحمن أسوأ منه شكلاً ومعاملة.
رعب إدلب
بعد مدة قام ابو عبد الرحمن الأردني بنقلي بسيارته الخاصة الى منطقة تدعى “ادلب” في سوريا، حيث كانوا هناك يبيعون النساء ايضا، وكانت تسيطر على المنطقة جبهة النصرة وهم معروفون بوحشيتهم التي كانت تفوق داعش في العراق.
وهناك اشتراني شخص يدعى عمر وملقب بأبي عبد الله وهو من بغداد وامير معسكر الدواعش، بقيت عنده لعدة أشهر ولم تسنح لي طيلة هذه المدة الفرصة للهرب.
أخي أنقذني
وفي يوم كانت القوات السورية قد شددت القصف الجوي على المنطقة التي اسكنها مع هذا الداعشي، خرج ابو عبد الله مسرعاً من المنزل باتجاه المعسكر ونسى هاتفه، فأخذته ولبست الخمار وخرجت لتصوير المنطقة المحيطة بنا رغم القصف الجوي الكثيف وبعدها اتصلت بأخي الآخر الذي كان يعمل في اربيل قبل دخول الدواعش لقريتنا، وهو الوحيد الذي كنت اعرف هاتفه, وارسلت له جزءاً من الصور والفيديوهات التي كانت في الهاتف والتي تخص منطقة سكناي والبنات اللاتي تم بيعهن في سوق النخاسة ايضا.
وعدني اخي بإرسال مهرّب لإنقاذي من قبضة الدواعش مقابل مبلغ 15000 ألف دولار, وبالفعل في اليوم التالي قام اخي بإرسال المهرب لينقلني من هذا المكان.
في طريق الهرب كان القصف الجوي للقوات السورية مستمراً حيث تتناثر علينا الشظايا من كل مكان, ولولا عثورنا على بيت مهدم واحتمائنا به لكنا في عداد الأموات.
بعد ليلة مليئة بالرعب قام المهرب بنقلي من عدة مناطق كان يتواجد فيها الدواعش الى ان وصلنا الى قرية كانت تتكلم اللغة الكردية فأيقنت اننا قد دخلنا ارض الوطن.
أشاهدهم في كوابيسي
تضيف شريهان: كل الذين اشتروني اتذكر اشكالهم البشعة، واشاهدهم حتى اللحظة في كوابيسي. وخلال الأربع سنوات التي مرت كأربعمئة سنة اشتراني عشرة اشخاص من جنسيات مختلفة، العراقي والأردني والتونسي والجزائري والسعودي وغيرهم، وعندما اسرت كنت اتكلم اللهجة العراقية وانا اليوم اتكلم السورية، وهذا بسبب اربع سنوات من الجوع والاغتصاب والسفر الى سوريا.