طه حسين: معايبي وهفواتي لا تحصى!

ارشيف واعداد عامر بدر حسون /

من الأقوال المأثورة: إن “لكل عالم هفوة” وقد خطر لأحد مندوبي “الاثنين” استطلاع رأي بعض كتابنا في الهفوة التي زل بها قلم كل منهم فأجابوا بما يلي:
الدكتور طه حسين بك:

أخشى أن تكون في كل شيء كتبته هفوة، وانا أسعد الناس إن استطعت أن احصي هفواتي وقد قال المتنبي:
“كفى المرء نبلاً ان تعد معايبه”
ولست من هذا النبل في شيء.. فمعايبي لا تحصى!

الأستاذ محمد فريد أبو حديد:

فكرت مرة أن ادخل على الشعر العربي لوناً جديداً من ألوان الشعر الغربي هو الشعر المرسل –أي الشعر الذي لا يتقيد بالقافية- كأكثر شعر “شكسبير” وبدأت فعلا في القيام بالتجارب، فترجمت بعض القطع من روايات شكسبير وغيرها، وبدأت اتحدى بهذا الشعر الذي اعتبرت المضي فيه تجديداً يروق لزعماء العربية. وحدث أن كنت جالساً مع صديقي المرحوم الاستاذ صادق عنبر، ودار بيننا الحديث عن الحرب الماضية، فقال لي:
– لقد أضرت بنا الحرب ضرراً بليغاً، واذا لم تكن نقلت الينا الا شيئين لكفى..

فقلت: “وما هذان الشيئان”؟ فأجاب: “الخى الإسبانيولية” وشعرك المنثور!..

ومن هذه اللحظة، شعرت بأنني اخطأت فيما تصورت، وعرفت ان تلك هفوة لم يغفرها لي الأدباء، وبدأت انساها ولا أذكر منها إلا أنها الهفوة الكبرى في حياتي الأدبية..

الأستاذ ابراهيم عبد القادر المازني:

تسألني عن هفوة، فأنا اذكر لك جناية جنيتها على نفسي، وذلك اني اشتغلت بالأدب، وانصرفت اليه، وتوفرت عليه، وأخلصت له وجعلته همّي وكدي وغايتي في دنياي..

ورحت أولاً أنظم الشعر وضيعت في هذا خير شطري عمري، ثم أدركت لحسن الحظ –ولو بعد الاوان- اني اخفقت فنفضت يدي من هذا العبث الذي لا طائل تحته، وأردت ان اكون ناقداً، كأن الأمر بالاختيار فلم افلح وشئت أن أكون متفلسفاً وروائياً ولا أدري ماذا ايضا، وفي كل ما تكلفت خبت، وهذا هو السبب في اني أعالج كل شيء واطرق كل باب واخوض كل عباب، لأني حائر لا استقر، وضال لا أهتدي، وهكذا ترى اني ضيعت حياتي ولم استفد الا العناء!..

وكل كتبي أخطاء ضخمة، جاءت تبعاً للغلطة الكبرى التي لم اجد من يزجرني عنها!

وأعظم أثر لهذه الغلطة، او الجناية اذا شئت، اني شغلت بها عن كل ميادين الحياة التي يمكن ان ينزل اليها ويعمل فيها الانسان، حتى اني لا ادري ماذا اصنع بنفسي اذا انا انصرفت عن الادب فانا كالذي اعتاد الإجرام حتى تعذر اصلاحه وانتسخ الأمل في تقويمه وتهذيبه!
الدكتور زكي مبارك:

لم أكن كثير الهفوات في حياتي الأدبية، فهفواتي تعد على اصابع اليد الواحدة. ومن الهفوات التي اجترحها قلمي انني لم أقم بواجب التنويه بعبقرية الكاتب الشاعر الاستاذ ابراهيم عبد القادر المازني، ومن هفواتي الكبرى انني لم أؤلف كتابا عظيما في مآثر “الدكاترة” زكي مبارك!