عادات الشعوب الإسلامية في عيد الفطر

ترجمة: آلاء فائق /

تحتفل الشعوب الإسلامية في كل انحاء العالم بعيد الفطر السعيد، الذي ينتظرونه بعد شهر كامل من الصيام والابتهالات لله تعالى. يحضر كثير من المسلمين صلاة الجماعة ويستمعون لخطبة اليوم الأول من شهر شوال.
ونظراً لأعداد المصلين الكبير في بعض الدول الإسلامية، تقام هذه الصلوات في المساحات المفتوحة خارج المساجد أو في أماكن كبيرة كالملاعب الرياضية مثلاً. يسافر كثير من المسلمين إلى مدن أخرى للمشاركة بهذه الأنشطة. في مثل هذا اليوم، تنظم بعض المجتمعات الإسلامية مراسم وأجواء احتفالية مختلفة، كتقديم وجبات الطعام الجماعية أو اصطحاب الأطفال إلى أماكن اللهو واللعب للترفيه عنهم في هذا اليوم السعيد.
زكاة الفطر
إذا لم يعط المسلم زكاة الفطر في رمضان، فيمكنه أن يعطيها في عيد الفطر. زكاة الفطر هي شكل من أشكال الصدقة المادية بما يعادل كمية من المواد الغذائية، كالشعير والتمر والزبيب أو دقيق القمح التي تعطى للفقراء.
يمكن للعديد من المسلمين أيضا إعداد وجبات احتفالية للمشاركة بهذا اليوم السعيد ويرتدي الكبار والأطفال ملابس جديدة، ويتزاور الأقارب فيما بينهم ويتبادلون الهدايا، وينال الأطفالُ نصيباً طيباً من العيديات وكذلك الحلوى. يرسل البعض أثناء أيام العيد بطاقات التهنئة التي غالباً ما تتضمن عبارة “عيد مبارك”.
عيد الفطر ليس عطلة رسمية في بعض الدول
عيد الفطر ليس عطلة رسمية على مستوى البلاد في دول كأستراليا أو كندا أو المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن العديد من الشركات والمؤسسات الإسلامية تغير ساعات عملها خلال أيام عيد الفطر. قد يكون هناك أيضاً بعض الزحام حول المساجد أثناء النهار.
عيد الفطر هو السكَّر في تركيا
يتهيأ الأتراك للعيد بعمل حملة تنظيف شاملة للبيت تشمل جميع مقتنياته، وتنثر الزهور على شرفة المنزل وتعلق أضواء الزينة ابتهاجاً بقدوم العيد.
كما يحرص الأتراك على طهو ورق العنب بكميات كبيرة ويشترون الحلقوم والبقلاوة والكلونيا، إذ تعد هذه من أساسيات موائد الضيافة التي يُستقبل بها الضيوف، فورق العنب هو بديل لكعك العيد.
كما توزع العائلات التركية ورق العنب والبقلاوة وبعض السكريات المُعدة في المنزل على الأطفال في يوم عرفة، وجرت العادة أن يقوم الأطفال بتحضير أكياسهم والطواف بها على بيوت الجيران لتجميع ما يوزعه الجيران عليهم.
معظم الأتراك يذهبون لأداء صلاة الفجر بملابسهم الجديدة وبعطور طيبة، ويبقون هناك للتكبير والتهليل حتى قدوم موعد صلاة العيد.
عقب الانتهاء من صلاة العيد يصطف المصلون للمعايدة ومباركة بعضهم البعض. عند العودة إلى المنزل يذهب الصغار لتقبيل أيدي الكبار وتهنئتهم، فالابن يقبّل يد أبيه وجدّه والأب يقبل يد الجد ويكررون على بعضهم البعض عبارة “عيدكم مبارك”.
في موريتانيا يكرّمون الأصهار وكبار السن
يغتنم الموريتانيون أيام عيد الفطر لإنعاش عاداتهم وتقاليدهم التي يسودها التكافل الاجتماعي، وتكريم الأصهار وكبار السن، ومن بين أبرز التقاليد المتوارثة تقديم هدايا للأصهار كملابس العيد أو خروف أو مبالغ مالية.
التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها موريتانيا في السنوات الأخيرة لم تثنِهم عن “واجب الأصهار” الذي ما يزال متبعاً. ويحتم العرف الموريتاني على الرجل حتى لو كان غير مقتدر تقديم “الواجب” لعائلة زوجته، وبالمقابل تشتري الزوجة هدايا لعائلة زوجها وتقدمها لهم قبل العيد بأيام.
كما تحفل أيام عيد الفطر بزيارة الأهل والأقارب، وطلب الصفح والرضا من الوالدين وكبار السن. ووفقاً للعادات الموريتانية يتم إخراج زكاة الفطر المعروفة محليّاً بـ”الفطرات” صباح يوم العيد وقبل الخروج للصلاة، بينما يفضل الشباب تقديمها نقداً للمحتاجين أو التبرع بها لصالح الجمعيات الخيرية. قبل الخروج للصلاة يرتدي الموريتانيون ملابسهم التقليدية، وهي عبارة عن “دراعة” للرجال و”ملحفة” للنساء.
تهتم الموريتانيات كثيراً بتزيين بيوتهن يوم العيد، ويرحبن بالزوار بالبخور الفاخر، إذ تتناوب الأم والبنت الكبرى على استقبال الزوار والمهنئين بمواقد البخور ليعطروا وجوههم، ويسود الاعتقاد بينهم أن البخور يطرد الأرواح والعيون الحاسدة ويجلب البركة.
فرحة الأطفال لا تكتمل الا بحصولهم على العيدية أو “أنديونة” كما يسميها الموريتانيون، ويبتهج الصغار بملابس العيد وما جمعوه من مال يستطيعون إنفاقه بكل حرية لشراء الحلوى والألعاب النارية وارتياد أماكن التسلية. اما اهتمام الموريتانيات بجمالهن فيسبق العيد بإيام، إذ يخصصن أياماً قبل العيد لزينتهن بارتياد الحمام المغربي والتزين بالحناء واستعمال الضفائر الإفريقية التي تزيدهن جمالاً.
العيد في ماليزيا ونيجيريا
في الوقت الذي تتنوع فيه الطرق الماليزية والنيجيرية للاحتفال بعيد الفطر او ما يعرف بـ “هاري رايا” لدى أهل البلاد الأصليين، لكن ما تزال هناك بعض الاختلافات البسيطة، الملاحظ أن الناس في كلا البلدين يحتفلون بالعيد بالتجمع في منزل الحاكم.
يتميز العيد في ماليزيا باستقبال الحاكم لعامة الناس في قصر هاري رايا المفتوح في إستانا باسير. فتجد الطلاب الأجانب يشعرون بسعادة غامرة للقاء حاكم ولاية واقليم جوهور في ماليزيا، فضلاً عن توافد عشرات الآلاف من الناس الى المنزل المفتوح لمقابلة السلطان إبراهيم بن المرحوم سلطان إسكندر.
تقع إستانا باسير في مدينة جوهر بهرو، ثاني أكبر مدن ماليزيا بعد كوالالمبور، يقطنها نحو 900 ألف نسمة، تعد من أكبر المراكز الصناعية في ماليزيا كما أنها ترتبط بسنغافورة بواسطة جسر ما يسهل عملية الانتقال بين البلدين ويسهم في نمو الدخل من التجارة والسياحة.
يرتدي حاكم مدينة جوهر قميصاً بنياً بسيطاً وسروالاً طويلاً، ويمضي الحاكم نحو 15 دقيقة مع رعاياه، ويلتقط معهم صوراً عادية فضلاً عن صور السلفي.
يقول أحد النيجيريين: “نتشرف بدعوتنا لقصر حاكم البلاد لتناول الطعام معه.”
من جهة أخرى يشعر الطلاب الأجانب بسعادة غامرة للقاء الحاكم جوهر في بيته المفتوح للجميع، وهم يرونه شخصية ودية ومتواضعة، لتوجهه شخصياً لتحية الجماهير.
من بين الزوار المبتهجين، النيجيري المسلم اوالو محمد (34 عاماً) الذي شعر بالبركة لانضمامه لاحتفال عيد الفطر بماليزيا. يقول “أنا محظوظ جداً لأنني تمكنت من مصافحة يد الحاكم والتقاط صورة شخصية معه”، مضيفاً أنه لم يعد لوطنه في فترة العيد على مدار السنوات الثلاث الماضية لحضور هذه المناسبة.