عزيز علي.. الفنان العراقي الذي استعد للثورة قبل أن تقع!

ارشيف واعداد عامر بدر حسون /

ما إن أعلنت الإذاعة النبأ العظيم، نبأ زوال العهد البائد في العراق، وقيام الجمهورية فيها حتى سمع الناس طائفة من الأغاني العراقية الوطنية، التي تنتقد العهد الأسود الذي انهار وتهيب بالعرب أن يهبّوا الى الوحدة والتكاتف والتعاضد.
ودهش الناس، وتساءلوا كيف استطاع الفنان أن يؤلف ويلحن وينشد هذه الأغاني ووصلت الينا بالفعل استفسارات عديدة بهذا المعنى.
الشيء الذي لم يعرفه الناس هو أن هذه الاغاني سجلت منذ سنة 1956، بانتظار تلك اللحظة المباركة.
إن واضع هذه الأغاني هو الفنان العراقي عزيز علي، الذي زار دمشق سنة 1956، والذي تربطه صداقة وثيقة بالناقد الشعبي المعروف سلامة الأغواني الذي يملك استديو للتسجيل بدمشق وسجل عزيز هذه الأغنية في استديو سلامة وقال له:
– إن الثورة لابد أن تقع في العراق ووصيتي اليك هي أن تحفظ هذه الأشرطة لديك فاذا سمعت بقيام الثورة قدمتها الى اذاعة دمشق كهدية.
ومضت سنة وبعض السنة ونجحت الثورة المباركة، وهنا تذكر سلامة الأشرطة فأسرع يحملها الى الإذاعة لتذاع على الفور.
بقي أن تعلم أن عزيز علي قضى في سجون نوري السعيد مدداً متفاوتة بلغت في مجموعها تسع سنوات، إذ كان يضع أغنياته كلما كان الخائن الطاغية بعيداً عن الحكم فاذا جاء كان من أول أعماله إلقاء عزيز في السجن، فاذا خرج من الحكم، خرج عزيز بدوره من السجن ليؤلف أغنية جديدة يعاقبه عليها نوري اذا عاد للحكم وهكذا.
اما اليوم، فإن عزيز يذيع أغانيه ومونولوجاته الوطنية من الإذاعات العربية المتحررة وهو آمن مطمئن لا يهدده سجن ولا يسلط على عنقه سيف الاعتقال او التشريد.
لقد انتظر عزيز الثورة، فاستعد للمساهمة بها على قدر استطاعته، قبل ان تقع بسنة ونصف السنة.