آية البهادلي/
قد يبدو الأمر بديهياً بشأن العلاقة بين الزوجين، التي يجب أن تبقى سريَّة وخاصة بهما، لكن الكثير من الأزواج يتجاهلون هذه الخصوصية ويضربونها عرض الحائط بفضحِ وإفشاء أسرارها إلى المقربين، مع أن بعضهم يرى أن تناقل الأسرار العائلية والفضفضة بها خارج البيت بمثابة نوع من التنفيس وإيجاد الحلول بعيداً عن الضغوطات العائلية،
يعتبرها بعضهم الآخر الغاضب أنها محاولة ناعمة لخرق الخصوصية ونشر الغسيل أمام الغرباء لتهديم البيت!
مشورة ودعم نفسي
ترى (سارة المشهداني)، معلمة جامعية، أن فضفضة الأسرار يمكن أن تسبب ضرراً نفسياً وعاطفياً للأفراد المعنيين، وبالتالي تفاقم المشكلات العائلية والانفصال بين الأفراد، إذ تقول إن “من الأفضل تعزيز الثقة والتواصل الصحيح داخل الأسرة، ومناقشة المشكلات والأسرار ضمن نطاق الثقة والاحترام، وفي المنزل فقط، كذلك يمكن استشارة الأشخاص الموثوق بهم والمختصين في حالات تحتاج إلى النصيحة أو الدعم خارج الأسرة، لكن يجب أن يكون ذلك بموافقة الأشخاص المعنيين ومراعاة حقوقهم وخصوصيتهم بعيداً عن الغرباء.”
محنة الضغط العاطفي
هناك عدة أسباب قد تدفع البعض للجوء إلى كشف الأسرار المنزلية، من بينها الحاجة إلى التخلص من الضغوط العاطفية، كما توضح خبيرة التجميل (ندى عدنان)، قائلة:
“قد يشعر بعضنا بالتوتر والضغط العاطفي نتيجة الاحتفاظ بأسرار ثقيلة ومشاعر مكبوتة، لذلك فإن فضفضة هذه الأسرار يمكن أن تخفض الضغط وتخلق تجربة لتخفيف العبء، وفي بعض الحالات يمكن للأشخاص استخدام كشف الأسرار المنزلية كوسيلة للانتقام من الأفراد الذين يشعرون بالغضب، أو حتى الحزن تجاههم، لذلك يستخدمون هذه المعلومات السرية لإيذاء الآخرين أو التسبب في مشكلات لهم، وبالطبع فإن الأمر متعب للغاية.”
هل الشريك مستمع جيد؟
من جهته، يبين (محمد الوتار) أن ليس جميع أسرار المنزل تعتبر محظورة لا يمكن الحديث فيها، بل قد تكون تفاصيل بسيطة تجعل البعض يلجأون لكشفها من أجل الحصول على مشورة أو دعم من الآخرين، يعتقد أنهم قد يجدون حلاً أو فهماً أفضل للمشكلات التي يواجهونها من خلال مشاركتها مع الآخرين، قائلاً باستغراب:
“ليس تبريراً، لكن علينا أن نرى الأسباب التي تدفع الآخرين إلى الحديث عن خصوصياتهم المنزلية، هل أن الشريك مستمع جيد وقادر على مواجهة المشكلات أو مناقشتها، بعض الأشخاص يشعرون بالرغبة في أن يكون لهم دور واهتمام بحياة الآخرين، وقد يستخدمون كشف الأسرار المنزلية كوسيلة لجذب الانتباه والاهتمام بعد أن فقدوه في الشريك.”
غياب ثقافة الخصوصية
الخبيرة النفسية (آمال علي) اعتبرت أن إفشاء الحكايات المنزلية السرية ستجعلها متاحة للآخرين الذين قد لا يكونون مشاركين في الحياة الشخصية للأفراد المعنيين، وقد يحدث ذلك دون إذن أو موافقة من أصحاب القصة، ما ينتهك حقوق الخصوصية ويؤدي إلى تدهور العلاقات وفقدان الثقة، قائلة باستفاضة إن “احترام خصوصية الأسرة وحفظ الأسرار المنزلية أمران مهمان لدوام الثقة والاحترام بين الأفراد، لذا يجب أن تظل هذه الأسرار سرية وتكون المشاركة فيها بناءً على الثقة والموافقة المتبادلة بين الأشخاص، أي أنهم يجب أن يعلموا بحقيقة مشاركة قصصهم، لئلا يشعروا بالصدمة او إحساس الغدر لاحقاً. لذلك يجب التحدث إلى الشخص بصراحة والتعبير عن أهمية السرية وحفظ الأسرار المنزلية، بالإضافة إلى شرح تأثير إفشاء السر على الثقة والعلاقة العائلية، ما يجعل الآخر قادراً على التفكير كثيراً، قبل إفشاء السر أو نقله إلى الآخرين، وقد تكون هناك عوامل خارجة عن إرادتنا تؤثر على قرار الشخص في إفشاء السر. لذا فإن من المهم أيضاً أن نكون حذرين في اختيار الأشخاص الذين نشاركهم الأسرار ونتأكد من ثقتنا فيهم.”