عبد الجبار خلف/
حين طلبت من الكابتن فلاح حسن، ان يستذكر لي يوما من عمره له خصوصية وما زالت ذكراه راسخة في ذاكرته وقلبه، مرت على ملامحه سحابة، شعرت لحظتها انه اغتم وان ما سيستذكره سينزف وجعا، لكنه بهدوئه الجميل ودماثة خلقه راح يحدثني .
قال: هناك يومان من عمري لا انساهما ما حييت، احدهما رياضي والآخر حياتي، ثم بعد صمت قال: قد يكون يوم الاصابة الكبيرة التي تعرضت لها في عام 1979 هو اليوم الرياضي الذي اتذكره دائما لانني كنت في اوج عطائي، وهذه الاصابة غيرت الكثير.
كان ذلك في مباراة الزوراء والميناء البصري ضمن المرحلة الثالثة من الدوري، وكان موقف فريق الزوراء فيها حرجا جدا ولا بد لنا من الفوز حتى نستمر في الصدارة، احرزت الهدف الأول، ولما حاولت تعزيز النتيجة بهدف آخر تصدى لي حارس الميناء بشيء من العنف، ولقوة اندفاعي تجاه المرمى اخفقت في تحاشي الاصطدام به فارتطم بي بكل ثقله وكانت نتيجة الاصطدام أن اصيب عظم الساق اليمنى بكسر عميق.
هذا الكسر العميق لم يفقدني الوعي أو السيطرة على أعصابي فرجوت زملائي عدم الاقتراب مني خشية حدوث أي مضاعفات، وكان ما كان حينما نقلت الى مستشفى مدينة الطب ثم الى لندن.
قلت له: الكثيرون مازالوا يذكرون تفاصيل ما حدث بألم ومحبة ايضا، ثم طلبت منه ان يحدث عن اليوم (الحياتي) الذي لاينساه، فقال: هو اليوم الذي أثر في حياتي وما زلت اعتبره جرحا كبيرا هو خروجي من العراق قسرا، وليس طواعية، وبالتالي تحس بألم في مكانتك وتأريخك وفي بلدك وان اهلك واصدقاءك سوف يعانون، فالمعاناة لم تقع عليّ فقط وانما سيعاني الكثيرون، وفعلا هذا ما حدث.
واضاف: كان ذلك سنة 1991 بعد اسبوع من توقف الحرب العراقية الامريكية (حرب الكويت)، (الحرب انتهت في 28 شباط 1991)، شعرت بالرعب بالتأكيد لانني لاول مرة في حياتي أمر بما مررت به، حينها غادرت الى عمان بجوازي ولكن في وقت متأخر من الليل، انا وعائلتي.