قررت أن تتخلص من طفلها.. فرمته في ساقية

د. معتز محيي عبد الحميد /

كانت بلا قلب.. حتى وهي تواجه أبشع تهمة، بدت متلبدة المشاعر والأحاسيس!.. هي أم ولكنها ليست مثل باقي الأمهات اللاتي يفتدين أولادهن بأرواحهن!، (م) لم يكفها أنها ارتكبت جريمة الخطيئة وانما بعد أن وضعت ثمرة علاقتها الحرام… طفل عمره أيام… القته بيديها في ساقية قريبة من بيتها ووقفت تشاهده وهو يغرق حتى رقد الصغير في قاع سحيق… كان قبره!.
ضحية جديدة من ضحايا العلاقات غير الشريفة، يدفع الطفل الثمن وفي النهاية هروب الشاب تاركا الفتاة تواجه مصيرها المجهول بمفردها… فكرت كثيرا في ايجاد حل لمشكلتها بعدما رفض هذا الشاب بانه هو السبب في ثمرة الخطيئة وهناك أشخاص آخرون سبقوه في الخطيئة!.. وفي لحظة تخلت فيها الأم عن كل معاني الأمومة والانسانية… قررت القاء طفلها في الساقية بدلا من أن تواجه المشاكل، تخيرت المكان والوقت المناسب وتسللت في الليل، تحمل طفلها على يديها، والقت به في المياه الراكدة بالساقية الموجودة في نهاية الحي الذي تسكن فيه.. وظلت تشاهده وهو يغرق حتى لقي مصرعه غرقا في المياه أمام عينيها من دون أن تتحرك مشاعرها وكأنها لم تحمله في بطنها تسعة أشهر!

فتاة طائشة

اسمها (م) تبلغ من العمر 17 عاما، متمردة منذ الصغر، ساخطة على الحياة.. السبب لا أحد يعلمه، هي باختصار فتاة طائشة والدها متوف… وحيدة أمها التي تعمل بائعة خضر في أحدى الأسواق الشعبية في كركوك… تخرج في الصباح ولا تعود الا في وقت متأخر من المساء بحثا عن الرزق.. تاركة أطفالها عند الجيران. (م) لم تلق رعاية واهتمام فقد تركت لها الأم الحبل على الغارب… فاهتمام الأم هو السوق والحصول على المورد اليومي لتربية أطفالها واسكاتهم من الجوع، كبرت (م) وهي تكره كل من حولها، فبدأت تصاحب بنات من نفس سنها، يخرجن مع بعض، ويتقابلن مع شباب من أماكن بعيدة من البلدة الى أن شاهدها أحد الجيران فشكا ذلك لأمها…

دائمة الرسوب

اخذت الأم تمنعها، لم تستجب الى نصائح أمها التي تقضي معظم وقتها ما بين العلوة وسوق الخضراوات… لا تملك الوقت لمراقبتها، فقررت أن تخرجها من المدرسة، خاصة أنها كانت دائمة الرسوب. ذات يوم قابلها أحد الشباب بالطريق العام… بدأ ينظر اليها بنظرات الاعجاب متأملا فيها… عيناه لا تفارقها… أخذ يراقبها، بدأت تشعر (م) وتتساءل ماذا يريد مني؟ بادلته النظرات لكنها نظرات مقترنة بالخوف والحذر الى أن ارسل اليها فتاة تبلغها رسالة منه يعترف فيها باعجابه وحبه لها، رسالة شفوية كان لها وقع السحر على قلب (م) استيقظت في الصباح، السعادة على وجهها كأنها رأته في منامها خرجت من غرفتها قبلت اخوتها على غير عادتها.. فهي دائما تستيقظ والغضب ملازم لها، خرجت (م) تبحث عن حبيبها صاحب الكلمات المعسولة التي رق قلبها اليه، مر الوقت ولم يأت قلقت فذهبت الى صديقته التي ارسل معها الرسالة وسألت عنه؟ فقالت لها أنه مريض يجلس بالبيت، ازداد قلقها عليه، تركت أمها مشغولة في عملها بحجة الذهاب لزيارة صديقتها بالمستشفى… انصرفت ومعها صديقتها واتجهت الى المنزل، طرقت الباب ففتح لها دخلا وجدته مقيما بمفرده في البيت وجهه شاحب بعض الشيء لكن ليس من آثار للمرض فهو بكامل صحته… تعجبت (م) لحظة وتركتها صديقتها بحجة انشغالها بشيء ما بمفردها داخل البيت.

خداع باسم الحب

شاب غريب لا تعرفه كل ما يربطها به انه ارسل اليها رسالة بانه معجب بها، احضر الشاب قناني المشروبات الغازية وجلس يتحدث معها، في البداية الصمت ساد المكان (م) تضع عينيها في الأرض الشاب الذي يدعي المرض تراه في اكمل صحته… انتهز الفرصة واعترف لها بحبه لها لم ترد عليه عرفها باسمه (ع) وقال لها أنه ليس بمريض … لكنه اضطر لهذه الحيلة حتى تأتي اليه، بادلته الكلام وسألته: لماذا اختارها؟ واجابها أنه الحب، بعدها حاول الاقتراب منها لكنها اسرعت وخرجت من المنزل. ازدادت المقابلات بينهما وتحدث كل واحد منهما عن نفسه… كانت قصة خداع باسم الحب، دائما ما يتقابلان خارج الحي الذي يسكنان فيه.. حتى لا يراهما أحد من أهلها… الى أن طلب منها أن يتقابلا في منزله.. رفضت (م) لكنه أقنعها بحيله المتعددة واسرعت تجاه منزله.. لقد احبته بجنون! في البيت اعاد (ع) على مسامعها حبه الشديد لها، اقترب منها لكنها رفضت؟، عرض عليها بانه سوف يتزوجها ويخطبها من أمها عن قريب.. رفضت في البداية لكنه اقنعها في النهاية.. رضخت (م) تحت تأثير حيله في اقناعها ووافقت وحدث ما حدث، خرجت (م) من منزله نادمة على ما فعلته.. دخلت بيتها واغلقت باب غرفتها عليها، تبكي بحسرة.. مرت ثلاثة أشهر.. وبدأت تظهر عليها أعراض الحمل شكت الأم في أمرها اخذتها الى طبيبة نسائية للاطمئنان عليها.

ابنتك حامل!

الدكتورة أبلغت الأم أن ابنتها حامل في ثلاثة أشهر.. كلمات نزلت على الأم كالصاعقة.. كادت تسقط على الارض من المفاجأة اخذت ابنتها الى المنزل.. الأم غير قادرة على الحديث أمام اخوتها انهارت أعصابها اعترفت (م) لأمها أن (ع) عرض عليها الزواج اخذتها الأم وذهبت اليه، قابلها من دون اهتمام ورفض أن يتقدم لخطبتها، ذهبت الأم الى مختار المحلة وشرحت له ما حدث.. فذهب اليه ووجده قد هرب من الحي قبل أيام الى جهة مجهولة! وضعت (م) بعد تسعة أشهر طفلها وانجبت ولدا… وفي نفس توقيت الولادة، علم (م) بالخبر من صديقتها، فقرر الهرب وعدم العودة نهائيا الى بلدته… اليأس ملأ قلب (م) عندما علمت بهروبه.. خافت من مواجهة هذا المصير المجهول بمفردها… خافت أن يكبر ابنها من دون أن ينسب لوالده.. فقررت التخلص منه للأبد.

القت بطفلها في الساقية

حملت طفلها ليلا من دون أن يراها أحد والقت به في الساقية التي تقع في نهاية الحي الشعبي… شاهد أحد الاشخاص جثة تطفو فوق المياه في صباح اليوم التالي فاسرع يبلغ الشرطة بذلك. حضرت شرطة النجدة الى الساقية واخذت الطفل وارسلته الى الطبابة العدلية وبدأت الشرطة اجراءاتها لمعرفة الفاعل الذي اغرق الطفل في الساقية.. وبعد الاستفسار من مختار البلدة اخبر الشرطة بانه يشك في ان (م) هي أم الطفل لانه يعلم بقصتها.. بعد أيام تم القبض على (م) واعترفت أمام المحقق بالواقعة مبررة بان والده رفض الاعتراف به وهرب من البلدة.. فقررت أن تتخلص منه خوفا من الفضيحة أمام الناس وأمام أخوتها.!