ترجمة: آلاء فائق – تصوير: يوسف مهدي /
إثر تعرض البلاد لموجة برد شديدة، باغت تساقط الثلوج وسط البلاد وجنوبيّها، أغلب العراقيين عندما فتحوا ستائر نوافذ بيوتهم صباح الثلاثاء (11 شباط) كانوا غير مصدقين المشهد النادر الحدوث، فهو أول تساقط للثلوج يستقر بضع ساعات منذ أكثر من قرن.
كانت الثلوج تهطل بصمت على كل أجزاء العاصمة بغداد، وعندما استيقظ الجميع كانت طبقات خفيفة من الثلج قد أكملت تغطيتها للأشجار والمباني والسيارات. تزامن هطولها مع أولى ساعات فجر ذلك اليوم بحيث كانت مصابيح الشوارع مضاءة واستمر حتى شروق الشمس، تحولت أشجار النخيل في المدينة إلى اللون الأبيض.
بعض العراقيين لم تسبق لهم رؤية تساقط الثلوج من قبل. آخرون، لم يشهدوا تساقطه بمثل هذا المقدار. مصطفى علي، وهو أب لثلاثة أولاد يقول: “استيقظت من النوم على صياح أولادي من شدة البهجة، لم نصدق الأمر في البداية، شاهدت أطفالي وهم يضغطون وجوههم بنوافذ غرفة النوم ويحدقون في مشهد تساقط الثلج وكان الأمر أشبه بالسحر”.
شهدت بغداد أول تساقط للثلوج منذ أكثر من عقد من الزمان. وفي الموصل، وتحديداً على بعد 250 ميلاً إلى الشمال، كانت ضفاف الأنهار بيضاً، وكانت الثلوج تغطي بقايا ركام وأنقاض الحرب مع داعش في المدينة القديمة.
بينما يعدُّ تساقط الثلوج أمراً أكثر شيوعاً في جبال المناطق الشمالية للعراق، إلا أنه نادر الحدوث وسط البلد وجنوبيّه.
سكان مدينة بغداد أفادوا بأن الثلوج تجمّعت الثلاثاء فوق السيارات والأشجار وأسطح الأبنية بنحو غير مسبوق، وأوقف سائقو السيارات آلياتهم بالقرب من المتنزهات التي غطتها الثلوج بالكامل وعمد بعضهم لالتقاط الصور مع أطفالهم، بينما تدنّت درجات الحرارة إلى الصفر. كما تساقطت الثلوج على مناطق أخرى في العراق، بينها كربلاء جنوب العاصمة.
تأثر العراق بالمنخفض الجوي الآتي من أوروبا، ما جعله يتعرض لكتلة هوائية قطبية المنشأ، بلغت ذروتها نهار ذلك الثلاثاء، إذ كانت توقعات الطقس تشير إلى تمركز الكتلة فوق الأراضي العراقية مباشرة، وكانت هذه الكتلة قد سببت هبوطاً حاداً في درجات الحرارة في أغلب المناطق العراقية.
كانت آخر مرة تساقطت فيها الثلوج في العاصمة بغداد عام 2008، غير أن الثلج سرعان ما ذاب لحظة هطوله، لكن كانت هذه هي المرة الأولى منذ 100 عام التي تشهد فيها المدينة تساقطاً ملموساً للثلوج.
يشير عالم الأرصاد الجوية جيسون نيكولز إلى أنه وفقاً للعديد من التقارير الإخبارية، فإن العراق قد شهد قساوة في الظروف الجوية التي كانت شائعة في السنوات الأخيرة، تجلى معظمها في نقص المياه من جهة، وتساقط الأمطار الغزيرة من جهة اخرى، في حين كانت حرارة الصيف اللاهبة تشعل الحرائق بالبساتين والغابات. هذه المرة كان تساقط الثلوج داخل حدود المدينة هو بمثابة ظاهرة نادرة الحدوث.
ويعانى العراق، الذى يعتمد ثلث سكانه البالغ عددهم أربعين مليون نسمة على الزراعة، من جفاف مزمن، ويتطلع العراقيون إلى موسم زراعي مثمر هذا العام مع تساقط كميات كبيرة من الأمطار أعادت المياه إلى الأنهار التي جفّ بعضها بسبب السدود التركية والإيرانية.
بالنسبة لابنة مصطفى علي البالغة من العمر 9 سنوات، بدا الأمر وكأنها استيقظت للتو من غفوة خفيفة، قالت لأبيها: “كان الجو في الخارج كالكهرباء، والآن أصبح طبيعياً مرة أخرى… أبي هل سيحدث ذلك مرة أخرى؟”
من جهة أخرى، عجّت مواقع التواصل الاجتماعي العراقية بصور تساقط الثلوج. بعض الأولاد صنعوا رجال ثلج وألبسوهم ثياباً تقليدية باللونين الأحمر والأبيض، ونشروا تعليقات مازحة تحتها تتندر بها بعض العشائر العراقية، منها: “بالطلاك ما تموع إلا تتغدى” إشارة لكرم العوائل العراقية التي لا تدع ضيفها يغادر إلا إذا أكرمته بتناول وجبة طعام، حتى وإن كانت خفيفة.
وشهد المتظاهرون في ساحات التحرير سقوط الثلج، بدأوا بعدها بتنظيف الثلوج المتراكمة على خيامهم والتقاط صور سيلفي وصنع كرات الثلج، وذكروا أن الثلوج قد ذاب معظمها بحلول منتصف اليوم.
يقول فوزي كريم، الذي يدير مطعماً صغيراً في هور رجب، على بعد ستة أميال من بغداد: “سألت أمي، البالغة من العمر 80 عاماً، عما إذا كانت قد رأت الثلج في العراق من قبل؟ وكان جوابها: كلا… هذا أمر غير مألوف”. بينما قال الطالب الجامعي طالب حيدر: “اتصل بي صديق في الساعة 8 صباحاً لإيقاظي وأخبرني أن الثلوج تتساقط من السماء. هرعت بسرعة إلى الشرفة لأرى مشهداً جميلاً للغاية، حاولت تصويره بكاميرا الهاتف الخليوي، لقد جعلني هذا المشهد حقًا أشعر بالفرح، اتصلت بأصدقائي الآخرين، وأخبرتهم أن ذلك الصباح كان من أسعد الصباحات في حياتي”.
عن موقع /ايكو ويذر، انك نيوز والواشنطن بوست، بقلم لويزا لوفلوك و ليز سلاي