د. معتز محيي عبد الحميد/
الطريق الى مركز الشرطة يمكن أن يصله أي انسان من أي مكان في المدينة خلال نصف ساعة، لكن (أم العروس وأم العريس) قطعتا هذا الطريق في ألف عام …
هكذا شعرت كل واحدة منهما عندما ذهبتا صباحا الى مركز الشرطة!
جلست الاثنتان تبكيان امام ضابط الشرطة أم العروس والى جوارها أم العريس.
وبدأت أم العروس تروي الحكاية المثيرة لاختفاء ابنتها العروس بفستان الفرح على الطائرة.
– قالت أم العروس: ابنتي طالبة جامعية أحب بناتي وأقربها إلى قلبي راحت ولم أعرف أين ذهبت.. اختفت يوم زفافها وتبخرت في السماء !
– قال ضابط المركز لها: أختي هدئي من روعك وحاولي إن تخبريني بما حدث بهدوء
– قالت أم العروس وهي تذرف الدمع: كيف وأنا لا أعلم مصير ابنتي نحن لا نعرف ماذا نفعل هل نتقبل تهاني الأقارب بزفافها أم تعازيهم لاختفائها، انظر ياسيدي إلى هذه السيدة الفاضلة التي بجانبي هي جارتي منذ سنوات ولقد جاءت منذ شهور وأخبرتني بأن ابنها الذي يعمل في الكويت يرغب في الزواج من ابنتي، وأنه لا يستطيع الحضور من الكويت إلى بغداد لارتباطه بعمل ولعدم وجود إجازة لديه فطلب من والدته أن تخطب ابنتي له وأن يتم الزواج بالتوكيل الذي أرسله إلى شقيقه على أن تذهب العروس إليه لتستقر معه في الكويت، وعندما فاتحتني والدته برغبة ابنها في الاقتران بابنتي الطالبة الجامعية رحبت كثيراً فأنا أعلم أن ابنها شاب طيب ودمث الخلق وأنه سوف يكون خير زوج لابنتي وبالفعل تم عقد الزواج بالتوكيل واشترينا ملابس العروس وفستان الزفاف الأبيض وتوجهنا جميعا لتوديعها في مطار بغداد بعد أن وصلتها الإقامة من زوجها وبعد أن ودعناها في المطار رجعنا إلى البيت والفرح والسرور يملأ قلوبنا لكن ما ان جاء صباح اليوم التالي حتى تلقت والدة الزوج مكالمة غريبة من ولدها! فقد اتصل بها غاضباً ليقول: لقد ذهبت إلى المطار لاستقبال العروسة ففوجئت بأنها ليست ضمن الركاب الذين نزلوا من الطائرة !
– صرخت والدته كيف وقد ودعناها حتى سلم الطائرة ودخلت أمام أعيننا ؟
-سألها العريس حائرا: إذن أين اختفت هل قفزت من الطائرة في السماء ؟
كانت رواية غريبة بحق لكن ضابط المركز بحاسته وخبرته التحقيقية شعر إن في القصة شيئاً مجهولاً! فانتحى جانباً بأم العروس وطلب إليها أن تعود إليه في اليوم التالي بمفردها، من دون أن تخبر أو تحضر معها أم العريس.
وعندما جاءت في اليوم التالي حاول ضابط الشرطة أن يعثر على الحقيقة التائهة فسألها:
-اخبريني بصراحة هل ابنتك تعرف أحدا؟ هل هناك من يريد أن ينتقم منكم؟
-صرخت أم العروس: ابنتي أشرف من كل البنات ولا أعرف أحدا يكرهنا إلى حد يدبر لخطف ابنتي من على متن الطائرة وهي بفستان الفرح !
-رد ضابط المركز: إذن سأحصل على الحقيقة بنفسي!
وبالفعل نفذ ضابط المركز كلمته فبدأ بإحضار قائمة ركاب الطائرة التي استقلتها العروس المختفية واخذ يبحث بين أسماء الركاب عن أي شخص يحتمل أن تكون لة أية علاقة بها وأخيرا عثر على اسم طالب كلية يسكن في بغداد وفي نفس منطقة سكن العروسة بل أن عنوانه هو نفس عنوان منزل العروس! ويكتشف الضابط أن الطائرة لم تتجه مباشرة من مطار بغداد باتجاه مطار الكويت بل هبطت ترانزيت في مطار البصرة لمدة ساعة واحدة فقط!!
فيتصل ضابط المركز بمطار البصرة مستفسراً من مدير شرطة المطار عن ركاب الطائرة من هبط منهم ومن بقي فيها ومن أكمل الرحلة إلى الكويت؟
وتأتي المفاجأة في رد برقية شرطة مطار البصرة إن العروس هبطت بالفعل في مطار البصرة ومعها الطالب الجامعي الذي يسكن في نفس عنوان بيتها في حي القدس!
هذه المرة جاءت الأم خائفة فبعد أن روى ضابط الشرطة لأم العروس نتيجة تحرياته ومعلوماته التي جمعها لطمت على خديها في حسرة وبكت قائلة:
-أرجوك استرنا شرف العائلة وشرف ابنتي برقبتك!
ثم أبلغت ضابط المركز بالحقيقة التي كانت تخفيها فاعترفت بالفعل بأن الطالب الجامعي يسكن في مشتمل ملحق بمنزلهم وإنها اكتشفت أن ابنتها تبادله الحب، ولذلك وافقت على زواجها من ابن جارتها الذي يعمل في الكويت حتى لا تتورط في علاقة مع الطالب الذي عائلته فقيرة ولا تستطيع الزواج منه؟
-ثم قالت بحسرة: أرجوك ياسيدي حاول أن تعثر لي على ابنتي أين تقيم في الوقت الحاضر؟
ويتصل ضابط المركز مرة ثانية بشرطة البصرة وتكون المفاجأة إن شرطة البصرة عممت أوصافها وأوصاف الطالب الجامعي صديقها على الفنادق والدور السياحية كافة وبعد أيام أرسلت برقية إلى بغداد تخبر بتفاصيل إقامتهما فقد وصلت العروس إلى البصرة مع حبيبها الشاب بعد أن اتفقت معه على الهرب معا في نفس اليوم المقرر فيه أن تسافر إلى عريسها المقيم في الكويت والغريب إنهما شاهدا خطة هروبهما من قبل في أحد الأفلام العربية فحاولا تقليدها من دون إن يدركا حجم المتاعب التي سيقعان فيها والمشاكل التي سوف تحدث للعائلات الثلاث!
عاشت العروس مع حبيبها في فندق العيون في شارع الاستقلال عدة أيام وعندما حاول أن يتقرب منها صدته بحزم وأصيبت بحالة نفسية سيئة بعد أن أدركت مدى طيشها ونزقها فحاولت الانتحار لكن عمال الفندق انقذوها واخبروا الشرطة بذلك!
وتولى ضابط الشرطة ترتيب عودة الفتاة العروس إلى أهلها وعادت بالفعل وهي منكسة الرأس بعد تجربة الطيش التي عاشتها! اما العريس المسكين فما زال لا يعرف كيف اختفت عروسته بفستان الزفاف من داخل طائرة تمخر عباب السحاب!!