الدكتور صفد الشمري : خبير التواصل الرقمي /
على أرض الواقع.. وحين تستعد لقصد الفوز بفرصة عمل ما، في شركة أو مؤسسة أو متجر، فإنك تنشغل بعض الوقت في تحسين مظهرك العام، وتعمل على توفير قاعدة بيانات عامة عنك، وعن تخصصك وخبراتك، وحول ما يميزك عن غيرك، وبكل ما تتوقع أن يتم سؤالك عنه، وقد تجري مجموعة من التمرينات السريعة في لغة الجسد، في مسعى إقناع الجهة التي تحاول أن تعمل فيها، بعيد خلق الانطباع الإيجابي الأولي عن نفسك..!
العلامة الفارقة
عزيزي قارئ “الشبكة العراقية”.. الأمر قد لا يختلف معك في عوالم الإنترنت، وحينما تكون تلك المقابلة عبر إحدى وسائطه أو قنواته، ويكون من الجيد أن توفر “علامتك التجارية” المميزة، والتي ستصنعها أنت عن نفسك، لتدعم حصولك على فرصة العمل التي يتقدم إليها العشرات من الآخرين، بينما يكون تفوقك عنهم بعدد من الخصائص التي تلخصها تلك “العلامة الفارقة”..!
على مستوى العالم، وفي زحمة المنتجات ذات السمات المتنوعة التي تغزو الأسواق، يمكن للمستهلك أن يختار سلعة دون غيرها بالعودة إلى علامتها التجارية، التي قد تمثل اسم الشركة أو الجهة التي أشرفت على إنتاجها، أو الدولة التي أنتجت فيها، وهو ما يطلق عليه في عوالم التسويق بصورة جهة المنشأ، والتي قد تمثل للمستهلك معياراً معرفياً عن مستوى هذا المنتج بشكل عام، وقد تستمد تلك الصورة أسسها من دواعٍ وطنية أو اعتبارية، ومنها الحملة الإلكترونية التي أطلقها مجموعة من الشباب العراقي، والتي دعمت تسويق المنتجات المحلية، تحت شعار “صنع في العراق”..!
السيرة الذاتية الموثوقة
الشركات والمؤسسات التي تعلن عن فرص عمل باتت تعرف جيداً أن “العلامة التجارية الشخصية” يمكن أن تكون أبرز مقومات دعم طلبات بعض المتقدمين بين المئات من غيرهم، وتلك العلامة يمكن أن تصنعها بنفسك عن نفسك، والتي ستمثل سيرتك الذاتية الموثقة والموثوقة لديهم، وتقدم ملخصاً جيداً عن مهاراتك وخبراتك في المجال الذي تتخصص فيه.
نعم.. لا يصيب من لا يعمل على التمييز ما بين الشعار Logo وبين العلامة التجاريةbrand ، في عوالم التسويق، فهناك فروقات كثيرة بين المعنيين، فـ”الشعار” مجرد تعبير بصري برسم أو كلمات عن شركة أو مؤسسة أو جهة معينة، أما “العلامة التجارية” فهي مزيج متكامل من عدة عناصر تتضمن الشعار فيها، وهو ما نحاول التركيز عليه اليوم.
وحين تفكر في الصورة التي يريد أن يعرفها الآخرون عنك، فأنت تفكر في الصورة الذهنية التي ربما تتشكل من: اسمك، وشكلك، وخبراتك، ومهاراتك، وسِجل منجزاتك، وطبيعة قيمك، وغير ذلك.. وهو ما يمكن أن يوفر ملخصاً بـ”علامتك التجارية” التي تميزك عن عدد هائل من العلامات التجارية الأخرى.
ضبط العلامة
هل يمكنك ضبط علامتك التجارية عبر الإنترنت لتكون معروفاً بتخصص أو مهارة مميزة عن العشرات من أقرانك؟
نعم.. من الممكن ذلك، بشرط اتباع مجموعة من الخطوات، ولاسيما بعد أن مكنت وسائط التواصل الاجتماعي الأفراد من ذلك، بعد أن حولت الناس إلى كيانات رقمية، وأصبح لكل منا كيانه الرقمي المختص الذي سيعكس صورته الحقيقية أمام الناس.
فالشخصية الرقمية، بكل ما يتعلق بها، باتت تعطي انطباعاً أولياً ربما يدوم أيضاً، ومثلما أن هناك محترفين متخصصين في إدارة “العلامة التجارية” للشركات والأفراد على أرض الواقع، فإن هناك من يمكنهم مساعدتك في تحسين “علامتك التجارية” الرقمية إذا لم تكن لديك الخبرة الكافية، وهو ما نحاول أن نقدمه لك اليوم.
وإذا كنت تريد أن تعتمد على الوسائط الاجتماعية لتسويق نفسك، فإن هناك جملة الأمور التي يجب أن توليها اهتمامك، في مقدمتها صورة غلاف الحساب، والصورة الشخصية، والحالة والوصف الذي تقدم بها حسابك للآخرين، وإذا كنت تريد إرسال سيرة ذاتية يمكنك تحسينها إما بتصميمها بطريقة احترافية أو تحسين صياغتها باتباع مجموعة من الإرشادات.
قبل كل شيء ضع رؤيتك (للعلامة التجارية) الشخصية التي تريدها: كيف ترى نفسك على المدى البعيد، فلو كنت تحترف الكتابة مثلاً، هل ترى نفسك مستمراً في الكتابة بحسابك الشخصي، أم في تأليف الكتب، أم الكتابة للصحف والمجلات، أم بمحاولة العمل في المواقع الإلكترونية المعروفة؟
عليك تحديد جمهورك المستهدف.. واحرص على تحديد معايير دقيقة قدر الإمكان، ففي اختلاف الجمهور ما يتطلب منك استخدام أدوات متعددة للوصول إليه.. ولو كنت مصمماً فإن عليك معرفة هل أن جمهورك المستهدف هو القطاع الحكومي أم الخاص.. ولو اخترت الخاص فهل هم الشركات أم الأفراد.. وهل تريد العمل باحترافية وميزانيات عالية، أم استهداف زبائن أكثر بميزانيات متوسطة ومنخفضة؟
انشئ أصولك.. والأصول هي الأشياء التي يعرفك الناس بها، فالمدوّن لديه خزين المقالات التي كتبها، والمصمم لديه أعماله السابقة المنشورة أو أية مشاريع برمجتها تفخر بها، ويمكنك نشرها في حسابك ليطلع عليها الآخرون.
كن متعاوناً عندما يطلب أحدهم إجراء مقابلة معك، لا تتردد بالموافقة، وعندما يريد أحدهم أن يقتبس من موقعك أو يجري مشروعاً مشتركاً معك، فالتعاون سيوصلك إلى جمهور جديد، واعثر على مرشد، أي شخص بخبرة أكبر منك في مجالك ومر بنفس المطبات التي ستمر بها، فقد يعطيك خبرته والتي عليك مواءمتها مع تجربتك وليس نسخها حرفياً، وراقب بعدها “علامتك التجارية الشخصية”، وهناك أدوات عدة للقيام بهذا الأمر، أبسطها البحث عن اسمك في محركات البحث، وانظر ما هي النتائج التي تظهر لك، وهل أن النتائج يغلب عليها الطابع الإيجابي أم السلبي..هل يمكنك التأثير فيها، وحاول أن تتخصص في مهارة معينة وتطور إمكانياتك فيها كي يعرفها الناس فيك وتمثل إحدى عناصر علامتك التجارية.