#خليك_بالبيت
ترجمة: آلاء فائق – عن موقع فري ول مايند، بقلم: كندرا شيري /
يمكن أن يلعب الحجر الصحي داخل المنزل دوراً مهماً في منع انتشار الأمراض المعدية، لكن هذا لا يعني أن التعامل مع هكذا نوع من التعطيل في حياتنا الطبيعية الروتينية أمر سهلاً.
من الضروري في هكذا أوضاع العناية بصحتك النفسية، وسواء طالت أو قصرت مدّة الحجر الصحي فعليك الاهتمام بجميع مخططاتك الحياتية.
أدى تفشي فيروس كورونا لإرغام الناس على التباعد الاجتماعي وعدّه وسيلة حاسمة للمساعدة بما يعرف بـ”تسطيح المنحنى”، واحتواء انتشار المرض للمساعدة في الحفاظ على معدلات الإصابة عند أدنى مستوى ممكن. ويوصى بالحجر الصحي عادة في الحالات التي يكون فيها الشخص قد تعرَّض لفيروس ما من آخرين أو يحتمل أن يكون هو سببا في تعرّض آخرين للفيروس.
التأثير على الصحة النفسية
تُعرِّف مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أو ما يعرف عالميا بـ CDC مفهوم الحجر الصحي بأنَّه أفضل وسيلة لفصل وتقييد حركة الأشخاص الذين تعرّضوا لأمراض معدية لمعرفة ما إذا كانوا قد أصيبوا بالمرض أو لا. لأنّ بعض الأمراض يمكن أن تكون معدية حتى لو لم تظهر على أصحابها الأعراض، تقلّل خطوة الحجر من انتشار المرض خلال فترة الأعراض.
فضلا عن الخوف والتوتر من تفشي جائحة كورونا عالميا، فإنّ قضاء الوقت في الحجر الصحي يمكن أن تكون له آثار نفسية بالغة الخطورة على الأفراد. جزء من أسباب ذلك هو تأثير الحجر الصحي على ثلاثة عناصر رئيسة للصحة النفسية:
– الاستقلال الذاتي
– الكفاءة
– الترابط
كثيرا ما تترك العزلة التي يفرضها الحجر الصحي لدى الناس شعورا بعدم السيطرة على الكثير من المواقف، كما أنهم يشعرون بالعزلة عن بقية العالم وعدم القدرة على أداء واجباتهم المعتادة.
مخاطر العزلة
مع إغلاق المدارس، يختار أغلب العاملين فيها العمل عن بعد، كما يتم إلغاء اغلب الأحداث الاجتماعية الأخرى، من المحتمل أن يكون البقاء بمنزلك جراء الحجر الصحي أمراً مثبطاً للهمم. يبدو أنّ الوقت يمضي بطيئا وأنت جالس في المنزل لفترة طويلة من الزمن، حتى لو كنت مع بقية أفراد أسرتك، يمكن أن يكون الشعور بالحجر وحمى العزل الاجتماعي قوياً.
تشير جمعية علم النفس الأميركية إلى أن العزلة الاجتماعية تنطوي على عدد من المخاطر الصحية. يمكن أن يؤدي الشعور بالعزلة لقلة النوم، ضعف صحة القلب والأوعية الدموية، نقص المناعة، أعراض الاكتئاب، وضعف الوظائف التنفيذية، وعندما تضعف مهارات الوظائف التنفيذية، قد تجد صعوبة أكبر في التركيز وإدارة عواطفك وتذكر المعلومات واتباع التوجيهات.
رغم أنّ الحجر الصحي قد يكون مؤقتاً، إلا أن فترات العزلة والوحدة يمكن أن يكون لها نتائج سلبية على الصحة الجسدية والعقلية حتى بعد انتهاء فترة الحجر.
الحجر المنزلي والصحة
في استعراض نشرته في العام 2019مجلة The Lancet الطبية، التي تعد واحدة من أكثر المجلات تميزا بالعالم، جرى من خلاله تحليلاً دقيقاً لنتائج الدراسات السابقة للحصول على فكرة أفضل عن كيفية تأثير كوفيد – 19 على أولئك الذين تم عزلهم، وجدت المراجعة أن الضائقة النفسية شائعة أثناء فترة الحجر الصحي وما بعدها، كما وجد الناس الذين مروا بفترات سابقة من الحجر الصحي تزايد ظهور جملة أعراض نفسية لديهم مثل:-
الخوف، الحزن، الخدر النفسي، الأرق، الالتباس، الغضب، أعراض الإجهاد التي تلي الصدمة، أعراض الاكتئاب، المزاج السيّئ، الضغط العصبي، الاضطراب العاطفي، التهيج، الارهاق العاطفي.
بعض الأدلة تشير إلى أنه قد تكون هناك عواقب بعيدة المدى كذلك على الأشخاص الذين خضعوا لفترة طويلة من الحجر الصحي. ففي الدول الغربية كانوا يعتمدون على إنفاق ما يدخرونه من أموال وشرب المشروبات الكحولية، حيث كانت الأكثر شيوعا حتى ثلاث سنوات بعد الحجر الصحي.
في الوقت الذي تختلف فيه ردود الفعل الفردية للعزلة التي تفرضها على نفسك أو العزلة الإلزامية، فمن المحتمل أن يكون لديك مشاعر كالوحدة والحزن والخوف والقلق والتوتر. هذه المشاعر طبيعية بالنظر إلى الظروف، ومع ذلك، هناك خطوات يمكنك اتخاذها لحماية صحتك النفسية ورفاهيتك أثناء التعامل مع الحجر الصحي.
التأقلم والإجهاد
من المهم أن نتذكر أن كل شخص لديه القدرة على التعامل مع الضغوطات بشكل مختلف عن الآخر. قد يكون بعض الناس أكثر قدرة على تحمل الحجر الصحي لجملة متنوعة من الأسباب بما في ذلك عوامل كالمرونة الشخصية والشخصية الشاملة.
اليك بعض العوامل التي قد تلعب دوراً في التأقلم :صحتك النفسية الحالية يمكن أن تؤثر حالات الصحة النفسية الموجودة سابقاً، بما في ذلك الاكتئاب واضطرابات القلق، على قدرة الفرد على التأقلم والتعامل مع ضغوطات الحجر الصحي.
إذا كنت تميل إلى أن تكون مرناً إلى حد ما في مواجهة الضغوطات، فقد تكون لديك مهارات التكيف التي تسمح لك بإدارة الحجر الصحي دون العديد من الآثار السلبية.
قد يكون للاختلافات في الشخصية تأثير كبير على كيفية التأقلم. الانبساطيون او المنفتحون، على سبيل المثال، قد يعانون أكثر مع مشاعر الوحدة التي تجلبها العزلة لهم. يتميز الانبساطيون بالحاجة العالية للتفاعل الاجتماعي. قد يواجه المنفتحون المزيد من مشاعر الوحدة أو يجدون البقاء في المنزل أكثر صعوبة.
وهذا لا يعني بالضرورة أن المنفتحين هم بحاجة إلى الانغماس باستمرار في المواقف الاجتماعية، ثمة طرق لتلبية الحاجة للتفاعل، حتى بين أكثر أنواع الشخصيات غير المتحفظة. يمكن أن تكون المجتمعات المتكونة عبر الإنترنت هي الأروع خلال فترة الحجر للحفاظ على الاتصالات ويمكن أن يوفّر التحدث عبر الهاتف التنشئة الاجتماعية التي تشتد الحاجة إليها.
بينما تجد الانطوائيين من أكثر الشخصيات ميولا للاستمتاع بالعزلة، لذلك قد يكون من السهل لهم التعامل مع التفاعلات الاجتماعية المنخفضة أو المحدودة. يميل الانطوائيون إلى الشعور بالاستنزاف بعد الاختلاط بالآخرين، لذا قد يتعاملون بشكل جيد جدَّاً أثناء فترة الحجر الصحي – على الأقل لفترة من الوقت. حتى الانطوائيون بحاجة إلى اتصال اجتماعي، لذلك لا يزال من الضروري العثور على طرق للتواصل مع الآخرين بطريقة ما.
مدّة الحجر الصحي
تعدّ مدّة الحجر الصحي من العوامل الرئيسة التي تسهم في تحديد مدى تعامل الناس مع الآخرين. تشير الأبحاث إلى أنّ تقليل مدة الحجر الصحي يمكن أن يساعد. إذ كلّما طال أمد القيود، كلما كانت الآثار أكثر وضوحا.
في حين أنّه قد تكون هناك فترة زمنية دنيا مطلوبة للتخفيف من انتشار المرض المحتمل، كالعزل الذاتي الموصّى به لمدة 14 يوماً لتقليل خطر انتشار فيروس كورونا، قد تؤدي إطالة فترة الحجر الصحي إلى ما بعد الوقت الموصّى به إلى إلحاق ضرر أكبر بالصحة النفسية.
إنشاء إجراءات روتينية
يمكن أن يكون الانقطاع في روتينك اليومي العادي أحد أصعب جوانب الحجر الصحي. قد يجعلك ذلك تشعر بأنّك بلا اتجاه بينما تحاول معرفة كيفية تعبئة وملء كل ساعات يومك.
العمل في المنزل
إذا كنت تعمل من المنزل، فقد يكون من المفيد لك تنظيم وقتك كيوم العمل المنتظم. ومع ذلك، يمكن أن يكون هذا تحدياً في حدّ ذاته، إذا كنت في المنزل مع أفراد الأسرة الآخرين، بما في ذلك الأطفال، الذين هم الآن في المنزل طوال اليوم كذلك، لا سيما إذا ما تركوا بدون هيكل ليوم دراسي عادي، يمكن أن يفرغوا نشاطهم باللعب والضوضاء، الأمر الذي سيؤثر في طبيعة عملك.
إشغال الآخرين
إذا كنت تحاول إبقاء الأطفال الصغار مستمتعين أثناء البقاء في المنزل، أو حتى تحاول الاستمرار في العمل وسط كل تلك الضوضاء التي يخلقونها، فمن المهم أن تجد روتيناً يناسبك. خطط للأنشطة التي ستبقي الجميع مشغولين حتى تتمكّن من إنجاز بعض الأعمال. حاول إنشاء جدول يومي، ولكن لا تنغمس كثيراً في الالتزام بروتين صارم. اصنع روتينك الخاص ونوع نشاطاتك اليومية لدرء الرتابة.
كن نشطًا قدر الإمكان
حتى فترات عدم النشاط البدني القصيرة نسبياً يمكن أن يكون لها تأثير على صحتك، عقلياً وجسدياً. وجدت إحدى الدراسات أن أسبوعين فقط من عدم النشاط يمكن أن تؤدي لانخفاض في كتلة العضلات وتأثيرات التمثيل الغذائي.
لحسن الحظ، هناك الكثير من أفكار التمرين في المنزل التي يمكن أن تساعد في إبقائك نشطاً حتى عندما تكون عالقًا داخل المنزل. قد يكون الحجر الصحي الخاص بك قصيراً، لكن البقاء نشطاً قد يساعدك على الشعور بتحسن والحفاظ على مستويات لياقتك. إنّها أيضاً طريقة رائعة للمساعدة بمكافحة الإحساس بالضيق والملل الذي يمكن أن يأتي من الوقوع في الداخل يوما بعد يوم.
مكافحة الإحباط والملل
بعض محنة الحجر الصحي تنبع من الملل والإحباط. من المهم إيجاد طرق للبقاء مشغولين، لذا حاول الحفاظ على أكبر عدد ممكن من روتينك. استمر في العمل على المشاريع أو ابحث عن أنشطة جديدة لملء وقتك، سواء كان ذلك تنظيم خزانة ملابسك أو تجربة هواية إبداعية جديدة.
يمكن أن يوفّر إنجاز الأشياء إحساساً بالهدف والكفاءة. يمنحك شيئاً للعمل من أجله وشيئاً تتطلع إليه كل يوم. لذا ضع خطة، ودوّن بعض الأشياء التي ترغب في تحقيقها، ثم ابدأ بفحص بعض الأشياء من قائمتك كل يوم.
النسخة الألكترونية من العدد 361
“أون لآين -4-”