#خليك_بالبيت
عامر جليل إبراهيم – تصوير: صباح الإمارة/
يقع مزار السيد الفضل بن العباس (ع) في محافظة الديوانية قضاء سومر منطقة آل زياد على الطريق الدولي السريع، ويبعد عن السريع بنحو 800 متر، وعن محافظة الديوانية بنحو 18 كيلومتراً وعن قضاء عفك شرقا بنحو 20 كيلومتراً وعن ناحية سومر غرباً 5 كيلومترات وعن قضاء الدغّارة جنوباً 5 كيلومترات.
يرتاده يومياً ما لا يقل عن 200 زائر في الأيام العادية، أما في المناسبات والأعياد فيغصّ المزار بالزائرين بحيث لا يستوعب حجم أعداد الزوار التي تقدر بالآلاف وذلك لموقعه الجغرافي الجميل حيث المساحات الخضر والأجواء الريفية اللطيفة بهوائها النقي.
“مجلة الشبكة العراقية”، في سعيها للتعريف بأماكن السياحة الدينية، زارت هذا المزار والمرقد الشريف والتقت السيد علي عبد مشكور الفتلاوي، الأمين الخاص لمزار الفضل بن العباس (ع).
نسبه
يقول الفتلاوي عن نسب الفضل: هو السيد الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس (ع) بن علي بن أبي طالب (ع)، ويكنى بأبي العباس وأبي الرحى وسبع آل زياد، وعلى هذا الاسم سُميت المنطقة التي يقع فيها المزار، والسيد الفضل بن العباس (ع ) شاعر يشار إليه بالبنان.
ولادته
يضيف الأمين الخاص للمرقد: ولد هذا السيد الجليل في أيام الدولة العباسية في حكم المتوكل العباسي وكان أحد المقربين منه، وهو من طلبة الإمام الهادي (ع) إذ تلقى منه علومه ودراسته حتى فاق أقرانه، وكان مشهوداً له بالعلم والشجاعة، فصيحَ اللسان شاعراً بليغاً، يكنّى بأبي العباس وقد لقب في العصور المتأخرة بسبع آل زياد وكذلك بأبي الرحى.
استشهاده
يروي الفتلاوي قصة استشهاد الفضل قائلاً: استدعى المتوكل العباسي الإمام الهادي عليه السلام، وكان المتوكل يخشى أن يعرف الناس مقام الأئمة، فاستخلف الإمام السيد الجليل الفضل بن العباس في المدينة وكلفه بنشر علوم آل محمد عليهم السلام بين الناس، لكنه (المتوكل) أرسل الجواسيس والعيون الى المدينة فأعلموه بخطورة السيد الفضل بن العباس (ع)، فأراد الخليفة حبسه أو قتله، وعندما علم الإمام الهادي (ع) بمكر المتوكل أرسل إلى الفضل أن اخرج من المدينة إلى خراسان، فخرج السيد الفضل ومعه عياله وبمرافقة ابن عم له يدعى القاسم قاصدين خراسان، لكن الخبر وصل إلى المتوكل العباسي فأبلغ حاكم مدينة واسط ليلقي القبض على الفضل فأرسل جواسيسه الذين أخبروه بأن السيد في منطقه يقال لها النيل وهي اليوم قضاء سومر التابع لمحافظة الديوانية، فأرسل المتوكل الجيش لملاقاته وأسره، لكن السيد الفضل (ع) رفض أن يسلم إليهم قيادَه، وأبى كجدّه العباس (ع) أن يذهب معهم أسيراً للطاغية فقاتلهم بشجاعة حتى أدركه التعب، فقتلوه هو ومن معه وتركوهم في البيداء، ولما جنّ الليل جاءت مجموعة من أتباع آل البيت فنقلوا الجثامين الطاهرة إلى مرتفع أرضي ((يسمى اليوم تل ابن العباس (ع)) ودفنوهم فيه وهو مرقده حالياً.
المرقد
يحدثنا السيد الفتلاوي عن المرقد الشريف قائلاً: تبلغ مساحة المرقد أكثر من 19 دونماً تشتمل على الصحن الشريف البالغة مساحته نحو 2000 متر مربع وكذلك الحضرة المطهّرة بمساحة نحو 50 متراً مربعاً.
يتوسط الحضرة المطهرة شباك المزار الذي صُنعَ قبل ثلاثة أعوام في دولة باكستان وتحملت الأمانتان العامة والخاصة تكاليف إنشائه.
تحتوي الحضرة المطهّرة على باب الدخول الرئيس وهو من جهة الشرق وباب آخر يطل على مصلّى للرجال من الجهة اليمنى وباب مدخل النساء من جهة الجنوب الشرقي ويطلُّ من الضريح على مصلّى النساء، مساحة مصلّى الرجال نحو 70 متراً مربعاً ومساحة مصلّى نسائي نحو 56 متراً مربعاً.
مراحل الإعمار
يكمل السيد الفتلاوي حديثه: مرّ المرقد الشريف بمراحل إعمار كثيرة، فكان قبل سقوط النظام المقبور مبنياً من القصب وجذوع النخيل التي كانت تستند إليها القبّة وليست فيه أية خدمات مثل الماء والكهرباء، ولكن بعد سقوط النظام البائد تسلمت الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة المزار حسب قانون 19 لعام 2005 وانضم المزار رسمياً إلى الأمانة في عام 2008 حين باشرت الأمانة الخاصة للمزار منذ أول تسلمها مهامها بالشروع بتحويل مساحات واسعة من الأراضي تقدَّر بثمانية دونمات إلى حدائق عامة ومتنزهات لاستراحة الزوار، والشروع كذلك ببناء ساحة وقوف للسيارات بمساحة 8000 متر مربع وإكسائها بمادة (السبيس) مع بناء صحيات نسائية ورجالية حديثه مع ربط منظومة تبريد مركزي، وبناء مسقّفات لاستراحة الزوار موزعة على الحدائق العامة بمساحة 1300متر مربع وإنشاء منظومة تصفية وتحلية المياه بسعة 1000 لتر في الساعة.
كما أنشئت منارتان من الحديد ارتفاع كل منهما 18 متراً، وشُمل المزار بالتوسعة استناداً إلى توجيهات سماحة الشيخ خليفة الجوهر أثناء زيارته المرقد الشريف إذ أوعز سماحته بإنجاز سياج الصحن الجديد الذي يبلغ طوله 240 متراً وارتفاعه 5 أمتار، كما تم إكساء صحن المزار بالمرمر وبمساحة 1400 متر مربع.
مَعلَم ديني وسياحي
يضيف الفتلاوي: يقوم على خدمة الزوار منتسبون للمزار يبلغ عددهم 23 شخصاً، من ضمنهم الأمين الخاص موزعون على ثلاث دوريات صباحية ومسائية وليلية، ويقدمون أفضل الخدمات للزوار الكرام وفي كل الأوقات بتوفير المنام للإخوة الوافدين داخل المرقد الشريف، إذ يتوافد على المرقد الشريف، ولاسيما في أيام شهري محرم الحرام وصفر، من دول إسلامية كثيرة، زوار موالون لآل البيت الأطهار مثل إيران والكويت والسعودية والبحرين، ويكون مقر استراحتهم في المرقد الشريف ثم الانطلاق إلى كربلاء لما يتمتع به المزار من موقع جغرافي مهم لوقوعه على الطريق السريع الذي يربط جميع محافظات العراق الجنوبية والوسطى والشمالية والدول المذكورة آنفاً.
يستطرد الفتلاوي: يصلح المزار لأن يكون موقعاً سياحياً لو استُثمر على الوجه الصحيح وبناء مدينة سياحية، إذ يفتقر المزار لمثل هذه الأمور، والأمانة الخاصة للمزار بالتعاون مع الأمانة العامة جادّة في توسعة المزار وبناء مسقّفات أكثر لاستيعاب الزوار وإنشاء مدينة سياحية لفكِّ الازدحام في الزيارات، وكذلك أثناء إحياء المناسبات الدينية والنشاطات الرسمية، ويقام محفل قرآني كل عام في شهر رمضان المبارك يضم أفضل قُراء العراق والمحافظة وسينعقد خلال هذا العام المحفل القرآني التاسع.
يختتم الفتلاوي حديثه بأبيات من شعر السيد الفضل بن العباس (ع) يرثي بها جدّه الحسين شهيد معركة الطف فيقول:
إني لأذكر للعباس موقفَه
بكربلاءَ وهامُ القومِ يُختطفُ
يَحمي الحسينَ ويَحميه على ظمأٍ
ولا يُولّي ولا يَثني فيختلفُ
ولا أرى مشهداً يوماً كمشهدهِ
مع الحسينِ عليهِ الفضلُ والشرفُ