الدليل الاثاري :محمد علي جواد/
اختلطت الحقائق بالظنون والوقائع بالخيالات ما دعا إلى الإيمان بنظرية أن الحقيقة والواقع أغرب من الخيال الجامح
الأسطورة هي فكرة أو حدث معلوم أو مجهول الأصل، واقعي حقيقي أو خيالي غير حقيقي، تضاف إليه مجموعة من الأحداث اللاحقة لتجعل من ذلك الحدث أو مجموعة الأحداث شيئاً مثيراً خارقاً للقوانين الطبيعية التي اعتاد عليها بنو البشر. وتمتاز الأسطورة بالغرابة والأعجوبة وأن يكون فيها ما هو ضد النواميس الطبيعية النظامية المعتادة وقد تكون من بنات أفكار الإنسان وقد تكون شيئاً موضوعياً خارج إرادة وقدرة الإنسان.
ولكن من أين تأتي الأساطير.. وما هي منابعها؟
منبع الأسطورة
المصادر الرئيسية المساهمة في خلق الأساطير وتطورها هي:
– الظواهر الطبيعية الكونيّة: مثل شروق الشمس وغروبها وظهور القمر ليلاً بأشكاله المختلفة كالبدر والهلال، والنجوم في الليل ومرور المذنّبات والنيازك.
– الظواهر الطبيعية الجوية لكوكب الارض: كالبرق والرعد وهالة المطر ( قوس قزح) والرياح الشديدة والنكبات والفيضانات المدمرة والزلازل والبراكين.
– رؤية الكائنات الكبيرة في البر والبحر كالحيتان والكواسج والأفيال والتماسيح والأناكوندة.
غرائب المخلوقات
– ربما بقيت في ذاكرة الأقوام البشرية غرائب الحيوانات التي عاشت مع أجدادهم القدامى أو ربما تكلم أنبياء الله الصالحون مثل نوح وإدريس ومن قبلهما عن حيوانات جبّارة كانت يوماً ما على سطح الكرة الأرضية ولم يرها الناس لأنها انقرضت قبل مجيء البشر مثل الديناصورات.
– غرابة الولادات في الكائنات الحيّة البشرية والحيوانية كأن يكون خروفاً برأسين أو التوأم البشري الملتصق من الوسط ما يدفع الإنسان إلى إعطاء تفسير غريب أسطوري لهذه الولادات الشاذة.
– الكثير من الأقوام البشرية لم يهتد إلى الله الخالق ووحدانيته، فآمنوا بـ(الشرك) وجعلوا آلهة كثيرة هي الخالقة للكون وكل إله مسؤول عن ظاهرة معيّنة في الوجود.
– الأحلام والرؤى والكوابيس التي تستحوذ على عقول وأفكار عامة الناس وأمرائهم وملوكهم مما يحتاج إلى تفاسير فيختلق الإنسان أو المتعاملون تفسير الأحلام والرؤى.
– الاعتقاد بوجود كائنات حيّة تعيش مع البشر (ونقصد بها الملائكة والجن) ولا ندري هل كانت هذه الكائنات تتجسد أمام الناس دائماً أو بين فترة وأخرى ولربما يلهم الحديث عنها الإنسان ليذهب بعيداً في وصف كل غريب وعجيب من هذه المخلوقات اللامرئية.
الأسطورة فنياً
– لقد أتحفتنا السينما الأمريكية الهوليودية بالكثير من أفلام الخيال العلمي مثل مدينة الملائكة (City angels ) بطولة نيكولاس كيج ومسلسلات تلفزيونية مثل (Angle) أنجيل وبافي قاتلة مصاصي الدماء ( Buffy the vampire slayer) وكلها تتكلم عن الملائكة والجن والشياطين في أشكالها المختلفة وإمكانية تجسدها مثل البشر العاديين. إضافة إلى ذلك أفلام السفن الفضائية المستكشفة للكون وفرضية وجود أقوام وحضارات أخرى في الكون الفسيح مثل مسلسلات ( ستار تريك -Star Trek) وأفلام حرب النجوم (Star wars) وسيد الخواتم الملحمية أو وجود كائنات كبيرة حيّة غير بشرية في المجرّات البعيدة مثل فلم الحشرات (Bugs) ما يطلق العنان للكتّاب والشعراء والروائيين لمزيد من الخيال الجامح الذي ليست له حدود ولا نهايات مستقرة وثابتة.
الواقع أغرب من الخيال
– في ملحمة كلكامش وبعد حصول ملك الوركاء على عشبة الحياة والتجدد (الخلود )، شمّت الأفعى رائحة العشبة، فغافلت كلكامش وهو يغتسل بعين ماء وأكلت العشبة فسقط جلدها القديم وصار لها جلد جديد غيره وباتت تبدل جلدها كل سنة، وهذا مثال واضح حول كيفية نشوء وتطور المفهوم الأسطوري.
– لقد اختلطت الحقائق بالظنون والوقائع بالخيالات وفوق كل ذلك هنالك المفاهيم الإيمانية التي ليس إلى رؤيتها من سبيل مثل الحياة بعد الموت أو الحياة في القبر أو وجود الجنّة والنار ويوم القيامة وليس آخرها الإسراء والمعراج للرسول الكريم محمد (ص)، وهذا ما يدعو إلى الإيمان بنظرية أن الحقيقة والواقع أغرب من الخيال الجامح.
في القرآن
أما في القرآن الكريم فقد ذكرت كلمة (أساطير) نختار ذكرها في سورة (المؤمنون) بسم الله الرحمن الرحيم (قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (83).
ومن أسماء الأبطال الملحميين الذين دارت حول شخصياتهم الأساطير بسبب أعمالهم البطولية وتعرضهم للأخطار الجسيمة وامتلاكهم الحكمة والشجاعة وتحدياتهم الخارقة للطبيعة: كلكامش وهرقل وشمشون والإسكندر المقدوني والنبي سليمان وذو القرنين.