رفاه حسن /
ثمة كثير من الأسئلة المهمة التي تراود أي مستخدم للشبكة العنكبوتية “أأنا مراقب؟ هل يتعقبني أحد من هاتفي الذكي؟ هل يسمعون صوتي أو يرونني عبر كاميرا الهاتف أو الحاسوب؟” ولعل أهم أسباب هذه الأسئلة هي الإعلانات التي تتطابق مع احتياجاتنا الحالية في كل مرة دون أن تخيب، سواء أعلنتَ عنها شفهياً أو كتبتها في رسالة أو بحثت عنها في أي مكان، ستجد أن إعلانات كثيرة، خاصة بالمنتج الذي تريده، تظهر لك في كل مكان وفي أكثر من تطبيق، وهذا ما يثير مخاوف كثير من المستخدمين عن مقدار الأمان والخصوصية التي يتمتعون بها مع هذه البرامج والتطبيقات. ولقد اختلفت الآراء حول هذا الموضوع وأصبح في وقت من الأوقات قضية رأي عام أدت إلى استجواب الشركات الكبرى للتحقيق فيه.
كانت البداية مع فضيحة مؤسسة Cambridge Analytica التي سرَّبت بيانات ما يقارب الـ 87 مليون مستخدم على تطبيق فيسبوك كان معظمهم من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت هذه الشركة قد تعاملت سابقاً مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حملته الانتخابية. لذلك فلقد كان من ضمن التهم الموجهة إليها التدخل في الشأن السياسي للبلاد، رافقها كثير من المشكلات والانتقادات التي طالت تطبيق فيسبوك نفسه، ولاسيما بعد التقرير الذي نشرته صحيفة The Guardian البريطانية معلنة عن وجود خطأ في تطبيق فيسبوك على أجهزة الآيفون يسمح بوصول التطبيق إلى الكاميرا أثناء الاستخدام دون علم المستخدم. لكن الشركة صرّحت في ذلك الوقت وأكدت أن الأمر مجرد خطأ أمني وأنه لم تُحمل أية صور أو فيديوهات للمستخدمين، وأكدت عدم وجود أية محاولة للتجسس على المستخدمين. مع ذلك اضطر الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك إلى أن يَمثُل أمام الكونغرس الأمريكي في جلسة استجواب مغلقة للإجابة على كل الأسئلة والانتقادات التي طالت الشركة في تلك الأزمة.
ولكن، أحقاً يتعقب فيسبوك أو جوجل نشاطك على الإنترنت؟ ما زال هذا السؤال يحتاج إلى المزيد من التوضيح لنفهم بشكل أفضل إن كنا، نحن وبياناتنا، في أمان أم لا مع هذه الشركات، وهل تتاجر هذه الشركات حقاً بمعلوماتنا الشخصية أم أنها مجرد إشاعات؟
ربما من أبرز التهم التي واجهها فيسبوك أنه يتجسس على المستخدمين عبر المايكروفون، ولقد تم الوصول إلى هذا الاستنتاج نتيجة لظهور إعلانات للمستخدمين عن منتجات يرغبون في الحصول عليها ولكنهم لم يصرحوا بذلك على الفيسبوك بأي شكل من الاشكال. ولقد لاحقت هذه التهمة شركة فيسبوك بشكل واسع. لكن الحقيقة أن الشركة لا تحتاج إلى أن تستمع لمحادثاتك لتظهر لك الإعلانات التي تحتاجها، لأنها قادرة على التنبؤ بسلوكك الشرائي بدقة عالية من كمية المعلومات الهائلة التي تنشرها عليها بشكل يومي، فضلاً عن معرفتها المستمرة بموقعك الجغرافي الذي يسهل عليها استهدافك بالإعلانات المناسبة. كما يعتمد التطبيق على أداة تدعى Facebook Pixel خاصة بالفيسبوك حصراً، وهي عبارة عن (كود) برمجي يتتبع زيارات مستخدمي الفيسبوك إلى المواقع الأخرى، مثل أمازون وغيرها، ويحدد المنتجات التي يبحثون عنها في تلك المواقع، فيعمد إلى استهدافهم بالإعلانات المناسبة لهم بالتحديد. ومن المحتوم أن الفيسبوك يتتبع نشاطك ونشاط عائلتك وأصدقائك مما يجري نشره على التطبيق بالإضافة إلى الصفحات والمنشورات التي يبدي المستخدم إعجابه بها، فيسجلون كل تلك البيانات الخاصة بك ويحللونها لمعرفة سلوكك الشرائي بدقة، ثم عرض الإعلانات التي تحتاجها بالتحديد وعلى درجة صادمة من الملاءمة.
ومع إدراك كمية البيانات التي يملكها فيسبوك عنا، فإن السؤال الأهم هو: هل يبيع الفيسبوك هذه البيانات لشركات أخرى؟ من المعروف أن عملية بيع البيانات وعدم حفظ خصوصية المستخدمين هي عملية مخالفة يحاسب عليها القانون الدولي. ومن هذا المنطلق من المهم توضيح كيفية استفادة شركة فيسبوك من هذه البيانات مع الحفاظ على خصوصية المستخدمين. فكما ذكرنا سابقاً فإن الشركة تجمع هذه البيانات لتحليل السلوك الشرائي للمستخدمين من فئة أو جنس أو رقعة جغرافية معينة وتبيع للشركات السلوك الشرائي للمستخدمين بالاعتماد على التصنيف الذي تحتاجه الشركة المعلنة دون الوصول إلى بيانات المستخدمين الأصلية.
حتى الآن استطعنا معرفة كيف يتتبع الفيسبوك نشاطنا على الشبكة العنكبوتية، ولكن هل تعلم بأنه قادر أيضاً على تتبع عمليات شرائك التي لا تكون متصلة بالإنترنت، أي أنه يمكنه معرفة عمليات الشراء التي تُبرمها من السوق أو المتجر على أرض الواقع، وذلك من الشراكة مع موفري خدمات الدفع الإلكتروني. ومع أن العملية ليست سهلة مثل تتبع النشاط الإلكتروني للمستخدمين، لكن فيسبوك قادرة على إعطاء تقارير للمعلنين إذا ما كانت إعلاناتهم تصل إلى الأشخاص المناسبين أم لا.