ارشيف واعداد عامر بدر حسون /
صدر في بغداد هذا الأسبوع كتاب سجلت فيه وقائع الجلسة التي عقدها مجلس النواب العراقي في السادس من هذا الشهر ونوقشت فيها السياسة العربية الخارجية في ضوء الأحداث الأخيرة.
وكتب مقدمة الكتاب السيد خليل ابراهيم مدير التوجيه والإذاعة العام والسكرتير الخاص للسيد نوري السعيد وكشف فيها النقاب –كما ذكر- عن بعض الأحداث التاريخية المهمة القريبة منها والبعيدة!..
والسيد خليل ابراهيم كان قد حضر اجتماعات رؤساء وزارات الدول العربية التي عقدت في القاهرة وبغداد كما سبق ان حضر معظم اجتماعات مجلس الجامعة العربية والاجتماعات العربية الاخرى منذ عام 1941، وهو يعتبر “الرجل الثاني” من الرجال المقربين للسيد نوري السعيد، اما الرجل الاول فهو السيد خليل كنّة وزير المعارف.
وقد روى السيد خليل ابراهيم في مقدمة الكتاب ذكرياته مع السيد نوري السعيد منذ عدة سنوات.
فهو يروي مثلاً كيف ان الملك فاروق وضع “العيون والأرصاد” حول نوري السعيد عندما جاء الى القاهرة عام 1949 للتباحث مع السيد حسين سري (باشا) رئيس الوزراء المصري انذاك حول بعض القضايا العربية..
وكيف ان حيدر “باشا” كان يكثر من التردد على اوتيل “سان ستيفانو” حيث كان يقيم نوري السعيد خصيصاً لمراقبته!..
ولم يكتف فاروق بذلك بل أن كريم ثابت استأجر شقة بجوار الشقة التي يقيم فيها نوري السعيد للتجسس عليه!
وقد أقامت الحكومة العراقية استعدادات ضخمة لاستقبال السيد جلال بايار، رئيس جمهورية تركيا الذي يزور بغداد للمرة الثانية رغم انه لم يكن قد مضى على الحفلات التي اقيمت له في المرة الاولى شهر ونصف!..
وفي الوقت الذي سيصل فيه جلال بايار الى العراق يقف في قفص الاتهام امام محكمة الجنايات متهم بالقذف في حق جلال بايار والتشنيع بسمعته على صفحات جريدة “صفحات الاهالي” المعطلة.. والمتهم هو المدير المسؤول للجريدة المذكورة التي كانت تنطق بلسان الحزب الوطني الديمقراطي المعطل ايضاً..
وهذه القضية لم تولد مع الحلف العراقي التركي..بل مع الحلف التركي الباكستاني.
فقد نشرت صوت الأهالي مقالا بتوقيع مستعار حملت فيه على الحلف “التركي-الباكستاني” وقالت: ان جلال بيار يأتمر بأوامر “اسياده” الأمريكان ولا يقيم وزناً لمصلحة الشعب التركي.
واعتبرت الحكومة ما جاء في هذا المقال قذفاً موجهاً الى رئيس دولة صديقة وأحالت مدير الجريدة الى محكمة الجنايات!..
ونظرت المحكمة في القضية ثم رأت انه ليس في قانون المطبوعات العراقي نص يعاقب الذين يقذفون في حق رؤساء الحكومات وليس رؤساء الدول..
وقالت المحكمة في قرارها انها لا تستطيع ان تحكم بلا نص فأفرج عن المتهم..
إلا أن المحكمة الكبرى نقضت هذا القرار وقالت ان رؤساء الدول هم رؤساء الحكومات وان المشرع قصد برئيس الحكومة رئيس الدولة وليس رئيس الوزراء..
وأعيدت القضية الى محكمة الجنايات فأصرت على رأيها بأن ليس هناك نص في القانون وانها لا تستطيع ان تحكم!
وفي الاسبوع الماضي فصلت محكمة التمييز في الموضوع –وهي أعلى محكمة في العراق- فأحالت القضية الى قرار محكمة الجنايات الأولى القائل بأن رئيس الحكومة ليس هو رئيس الدولة..
وستنظر هذه القضية من جديد في أوائل الشهر وهو موعد زيارة جلال بايار للعراق!..
واذا تركنا السياسة والسياسيين والأحلاف والمتحالفين.. فإن فريد الأطرش كان السبب في جريمة وقعت في بغداد في الاسبوع الماضي.. كانت ضحيتها آنسة في مقتبل العمر..
فقد تبادل رجلان الطلقات النارية في حفلة عرس اصابت احداها شقيقة العروس فسقطت ميتة وكان السبب فريد الأطرش.. أو بالأحرى أغاني فريد الأطرش!
كان احد الرجلين وهو مطرب قد قضى وقتاً طويلاً في الحفلة يغني اغاني لفريد الأطرش، فاعترض احد المدعوين على هذا الغناء وصاح بالمطرب: لا نريد ان نسمع اغاني فريد المائعة.. نريد اغاني “ابو جاسم”..
و”أبو جاسم” هو الاستاذ محمد عبد الوهاب.. ويطلق عليه هذا اللقب في العراق لان اسمه محمد.. وكل محمد يسمى “ابو جاسم” في العراق ولكن المطرب الذي يقلد فريد الاطرش لم يعر اهتماما لهذا الطلب ومضى يغني اغاني فريد الأطرش فغضب صاحب الطلب وسرعان ما انقسم المدعوون الى قسمين قسم يؤيد فريد الاطرش وقسم يؤيد محمد عبد الوهاب “ابو جاسم” ويطلب من المطرب إنشاد أغانيه..
ثم تحول الحفل الى معركة عندما هاجم انصار عبد الوهاب المطرب وأوسعوه ضرباً فاضطر هذا الى ان يخرج مسدسه وان يطلق الرصاص فاصيبت شقيقة العروسة وبات العريس وعروسته والمدعوون في القسم!..
وحكمت المحكمة على المطرب الذي اطلق النار بالأشغال الشاقة خمس سنوات!..