عن موقع “هو ستاف وركس”
ترجمة: آلاء فائق
رغم نظرة العزاب لأنفسهم بأنهم في وضع محايد مفعم بالأمل، مقارنة بما يمكن أن يكون عليه وضعهم في أي حال آخر، ورغم سعادة المتزوجين بحياتهم وأولادهم، غالباً ما يختلف المجتمع في نظرته التأملية عن أيهما أسعد: العازب أم المتزوج،فمنهم من يجد العزاب تعساء لأنهم لم يتزوجوا، ومنهم من يجد أن ليست كل الزيجات سعيدة.
طالما شدّد الرومانسيون العنيدون أن دفع ثمن الحب الذي يكلل بالزواج السعيد غير ممكن، لكن الاقتصاديين في الدول الأوروبية يختلفون في ذلك، ففي عام 2002، احتسب رجلان القيمة النقدية لتكاليف الزواج التي بلغت 100 ألف دولار في السنة، طبقاً لما أوردته صحيفة الفاينانشال تايمز.
90% من البالغين يعيشون حياة عزوبية
رغم مزايا الزواج العديدة، غير أن الناس في الولايات المتحدة الأميركية باتوا يميلون أكثر من أي وقت مضى إلى تأجيل زواجهم إلى سنوات متأخرة من الحياة. فيما يتعلق بارتفاع متوسط العمر المتوقع، فإن الرجال والنساء يمهلون أنفسهم وقتاً أكثر قبل عقد النية على الزواج وتبادل العهود. فقد ارتفع متوسط عمر المرأة الأميركية العازمة على الزواج من 20 الى 25 عاماً من 1970 -2003 وفقا(لمكتب الإحصاء الأميركي). وفضلاً عن ذلك، أمسى المزيد من البالغين يعيشون حياة عزوبية وحيدة، والسبب في ذلك يعود لارتفاع كبير في معدلات الطلاق. وعلى وفق بيانات التعداد السكاني الأميركي، وجد أن الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم باتوا يشكلون نسبة 90%أو اكثر من ذلك في العام 2005 مما هو عليه عام 1970.
الزواج خيار اجتماعي أكثر منه ضرورة
على مدار الثلاثين عاماً الماضية، أصبح الزواج خياراً اجتماعياً أكثر منه ضرورة، كل ما يتطلبه الأمر هو متابعة الفرد الأميركي لبضع حلقات عن “الجنس والمدينة” لرؤية أن الثقافة الغربية لا تزال تفضل التعايش أو ما يعرف بعلاقة المساكنة (معاشرة الرجل لامرأة حلالاً أو حراماً؛ في إطار شرعي أو غير شرعي).
رغم نتائجه الحاسمة برفع سعادة الفرد، غير أن الأميركيين يؤثرون دائماً تأخير زواجهم.
المتزوجون يكسبون المزيد من المال ويعمّرون علاوة على ذلك، توجد فكرة واسعة الانتشار مفادها أن الارتباط برفيقة الروح يجلب للمرء الفرح ويجعل الحياة تستحق العيش، وربما لسنا بعيدين عن هذه الملاحظة، فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن المتزوجين يميلون إلى كسب المزيد من المال ويعيشون حياة أطول من العزاب، لأن الزواج يحسن من صحة الفرد.
كما وجدت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية (CDC) أن الأزواج يكونون أقل عرضة للتدخين أو تناول المشروبات الكحولية بشكل كبير، لكنهم مع ذلك يعانون من صداع متكرر ومن مشاكل نفسية أكثر من الأشخاص غير المتزوجين.
المراهنة على الزواج يجلب السعادة
لكن المراهنة على أن الزواج يجلب لك السعادة قد تكون أيضاً مقامرة محفوفة بالمخاطر. مع ذلك، فإن احتمالات التمسك بالشريك المثالي إلى الأبد قد تم تقليصها حالياً، فقد وجد أن نحو 48% من الزيجات تنتهي اليوم بالطلاق، مع ذلك، يشير علماء النفس أن الزواج هو من أكثر مؤشرات السعادة الجديرة بالثقة. عبر الأمم والجماعات العرقية (جماعات مرتبطة بروابط اللغة، التاريخ، الجنس والدين) يسجل الناس سعادة أكبر بالزواج ثم المهنة، المجتمع، المال. يؤكد مسح أجراه مركز بيو الأميركي للدراسات والأبحاث بأحوال شعوب العالم عام 2005 هذه التأكيدات، إذ أفاد 43% من المتزوجين الذين شملهم الاستطلاع أنهم “سعداء للغاية”، مقارنة بـ 24 في المئة من العزاب، وكانت هذه النتائج متناغمة مع جميع الفئات العمرية والأجناس.
أيهما يأتي أولاً: السعادة أم الزواج؟
على حد علم أي باحث ذي خبرة، فإن ارتباط أي شخصين لا يساوي دائماً سبب الارتباط. لإغلاق ملف القضية حول ما إذا كانت السعادة الزوجية تتفوق على حياة العزوبية، يجب علينا أولا استنتاج أيهما يأتي أولاً: السعادة أم الزواج؟
عندما ينتهي شهر العسل
أظهرت دراسة شملت24 الفاً من الأزواج الألمان، ممن عبروا عن مشاعرهم الحقيقية عن مرحلة شهر العسل وحياتهم الزوجية بعد ذلك أنه من تتبع مستويات سعادة الأزواج لأكثر من 15 عاماً، وجد أحد أساتذة علم النفس بجامعة ولاية ميشيغان أن الأزواج لم يظهروا سوى ارتفاع بسيط في السعادة بعد زواجهم بمدة قصيرة، إذ ما لبثت أن تراجعت مستويات سعادتهم تدريجياً لحالتها لما قبل الزواج.
هذا النمط يماثل الى حد ما آثار التحسن المالي المفاجئ على اضفاء السعادة للبشر. فالأشخاص الذين يعانون من دخول منخفضة نسبياً، مكنهم المال الذي حصلوا عليه فجأة من شراء السعادة لفترة من الوقت. مع ذلك، كلما اعتاد الأشخاص على الحصول على المزيد من الأموال، كلما فقدت الأموال بريقها بنظرهم.
لكن هذا لا ينفي نتائج الاستطلاع التي أظهرت ارتفاع معدلات السعادة بين المتزوجين، لا بل قد أدى ذلك لتخمين بعض علماء النفس أن الأشخاص المتزوجين يميلون ليكونوا أكثر سعادة من غيرهم لأنهم أكثر سعادة منذ بداية تتويج حياتهم بالقفص الذهبي. لدى بعض الناس ميول واستعداد للسعادة يتراوح تبعاً لظروف الوراثة والشخصية وظروف الحياة. أيضاً، الأشخاص الأكثر سعادة هم عموماً من أكثر الناس اجتماعية، ويترتب على ذلك أن الأشخاص الذين يتواصلون ويكثر اختلاطهم الاجتماعي يكونون نشطين وأكثر استعداداً لمقابلة شخص ما يرغبون بالزواج به.
كما هو الحال مع أحداث الحياة الرئيسية الأخرى، يميل الناس للعودة لخطوط السعادة الفطرية لديهم مع مرور الوقت. وجدت الدراسة التي أجريت على الأزواج الألمان أن هذا صحيح وينطبق حتى مع وفاة أحد الزوجين. ومع ذلك، خلص الطبيب النفسي الذي أجرى الأبحاث الأولية إلى أن الارتداد لذلك الأساس قد يكون أكثر صعوبة بعد الطلاق. كان مستوى الرضا عن الحياة لدى المشاركين بالدراسة من المطلقين أقل قليلاً من سواهم.
المهارات وأرض العجائب السعيدة
توقعات السعادة الزوجية يمكن أيضاً أن تلعب دوراً بارزاً في تحديد سعادة الفرد. فقد سلطت دراسة من جامعة فلوريدا الضوء على العلاقة بين المهارات التي يجلبها الناس للزواج وتوقع الناس لكيفية تحسين الزواج لحياتهم. فإذا تمتع الأزواج بتوقعات عالية جداً للزواج ستتبدل حياتهم “لأرض العجائب السعيدة” لا سيما اذا امتلكوا مهارات بناء حياة زوجية سعيدة.
هل الزواج يجعل الناس أكثر سعادة؟
كما تعلمنا من الاستطلاعات التي أجريت عن السعادة، يمكن لمراسم الزفاف أن تبشر بمستقبل سعيد، لكن الزواج لن يجلب لك السعادة بطريقة سحرية، ما يجعل تنمية شخصية الفرد الخصوصية أكثر أهمية أثناء سنوات العزوبية.