مؤيد نعمة.. بصمةٌ فريدة في عالم الكاريكاتير

29

علي الشيخ داغر /

كان واحداً من أبرز رسامي الكاريكاتير في العراق، وأحد رواد هذا الفن، ليس على مستوى العراق فحسب، بل في العالم العربي وبلدان الشرق الأوسط، بعد استخدامه النحت في الكاريكاتير.
أدرك، منذ صباه، أن عالمه سيكون في الرسم، لذا ترك دراسته الإعدادية، ليدخل معهد الفنون الجميلة.
إنه مؤيد نعمة، المولود ببغداد عام 1951، الذي وجد في هذا الفن الرفيع ضالته، ونافذة للتعبير عما يجول في خاطره، بخطوط حادة، وفكرة لا تقبل اللبس.
بدأ النشر أواخر سبعينيات القرن الماضي، لتنتشر أعماله في عدد من الصحف والدوريات العراقية والعربية، واضعًا بصمته الفريدة في هذا العالم، حائزًا العديد من الجوائز، منها الجائزة الدولية للكاريكاتير- كافرو- بلغاريا 1979، وجائزة الكاريكاتير/ نقابة الفنانين العراقيين عام 1989.
كما شارك في معارض كاريكاتير دولية عدة، في بلجيكا 1975، ويوغسلافيا 1986، واليابان 1987، وكوبا 1987، وباريس 1988، وتركيا في الأعوام (1988 – 1989 – 2001).
بالرغم من بطش سلطة البعث المنحلة، وهيمنة الطاغية، ورقابته على المطبوعات ما قبل 2003، إلا أن مؤيدًا تمكن من تمرير رسائله الساخطة على الفساد والجرائم آنذاك بطرق عدة. ولأن الدول الاستبدادية لا يمكنها السماح بحرية التعبير، غادر (نعمة) العراق، لكن غيابه عن الوطن لم يدم طويلًا، إذ عاد بعيد سقوط الديكتاتورية، ليشرع بالكشف عما كان مسكوتًا عليه، فاضحًا برسوماته بؤر الفساد والجريمة، مشرحًا بمبضعه جسد الإرهاب الذي مزق البلاد، ومظاهر النفاق السياسي، عبر رسوم أقل ما يمكن وصفها أنها جريئة ومباشرة.
كان حلم زوال الديكتاتورية واحدًا من أحلامه التي تحققت، ليتسلح بعدها بالأمل، أمل بناء عراق جديد، عراق لجميع العراقيين دون استثناء، فكانت أعماله التي زينت الصحف أول المواضيع التي يتجه إليها القارئ.
اليوم، وفي الذكرى العشرين لرحيله، ما يزال مؤيد نعمة حاضراً بقوة في ذاكرة العراقيين عمومًا، والفنانين والمثقفين خصوصًا، كيف لا؟ وهو الذي عاش كما يجب، وقال ما كنا نريد قوله، ونجح برسم أحلامنا المهدورة في عقود الحروب والجوع والموت، ووثق خيبات أمة عراقية، لم تمتلك سلاحًا لمواجهة كوارثها سوى الأمل.