التكنولوجيا المتطورة AI أداة للابتكار وليس للتدمير

19

إعداد وترجمة/ أحمد الهاشم

أثار قطب التكنولوجيا، الملياردير بيل جيتس، الجدل مرة أخرى بصدد مستقبل الذكاء الاصطناعي. لكن الجدل دار حول الآثار التي تبعث على القلق. صاحب شركة مايكروسوفت له آراء متعددة بشأن الذكاء الاصطناعي وإمكاناته، وقد أشاد بالآفاق الواسعة التي يفتحها. ففي وقت مبكر من عام 2017، سلط الضوء على القدرات المتنامية لهذا الذكاء.

التوقعات الأولى
وصف بيل جيتس الذكاء الاصطناعي بأنه “ثورة تعادل ثورة ابتكار المعالج الدقيق والكمبيوتر الشخصي والإنترنت والهاتف المحمول.” ففي مدونته الشخصية gatesnotes قال في اذار/ مارس 2023 إن الذكاء الاصطناعي سيغير طريقة عمل الناس وتعلمهم وسفرهم وحصولهم على الرعاية الصحية وتواصلهم، بعضهم مع بعض. وستتمحور صناعات بأكملها حوله، وستميز الشركات نفسها بمدى جودة استخدامه.
وكان بيل جيتس يفكر كثيرًا في الكيفية التي يتمكن من خلالها الذكاء الاصطناعي – إضافةً إلى مساعدة الناس على أن يكونوا أكثر إنتاجية –أن يقلل من بعض أسوأ أوجه عدم المساواة في العالم. وخصوصًا في مجال الصحة: إذ يموت خمسة ملايين طفل دون سن الخامسة كل عام.
وقد انخفض هذا الرقم من 10 ملايين طفل قبل عقدين من الزمن، لكنه لا يزال رقمًا مرتفعًا بشكل صادم. يُولد جميع هؤلاء الأطفال تقريباً في بلدان فقيرة ويموتون لأسباب يمكن الوقاية منها، مثل الإسهال أو الملاريا. وليس ثمة استخدام أفضل للذكاء الاصطناعي من استخدامه في إنقاذ حياة الأطفال.
وكان جيتس في توقعاته الاولى يفكر كثيرًا في كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقلل من عدم المساواة في مجال التعليم، ولا سيما “نجاح الطلاب في الرياضيات، إذ تظهر الأدلة أن امتلاك مهارات الرياضيات الأساسية يؤهل الطلاب للنجاح، بغض النظر عن المهنة التي يختارونها، لكن التحصيل في الرياضيات يتراجع، خاصةً لدى ذوي الدخل المنخفض، ويمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تغيير هذا الاتجاه.” كما يقول جيتس.
تغيّر المناخ قضية أخرى، وقد كان بيل جيتس مقتنعًا بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعل العالم أكثر إنصافاً في هذا المجال. إذ إن الظلم في تغير المناخ يقع على أفقر الناس في العالم، في حين انهم أقل المساهمين في خلق هذه المشكلة.
التوقعات الأخيرة
توقع جيتس مؤخرًا أنه في غضون السنوات العشر المقبلة، يمكن أن يصبح العديد من الوظائف البشرية، وخاصة في الطب والتعليم، مهنًا عفا عليها الزمن. وفي حديثه في برنامج على شبكة “إن بي سي”، قال إن الذكاء الاصطناعي يتقدم بسرعة كبيرة، لدرجة أنه “لن تكون هناك حاجة للبشر في معظم الأشياء.”
ووصف جيتس هذا التحول بأنه صعود “الذكاء المجاني”، إذ سيقدم الذكاء الاصطناعي استشارات طبية عالية الجودة وخدمات تعليمية من دون أية تكلفة. وقال إن الاعتماد اليوم على المهنيين الماهرين، مثل الأطباء والمعلمين، سيتضاءل مع زيادة إمكانية الوصول إلى الذكاء الاصطناعي والاعتماد عليه. مضيفًا: “من النادر وجود طبيب بارع أو معلم بارع، ولكن مع الذكاء الاصطناعي سيصبح ذلك مجانيًا وشائعًاً.”
مهن غير مُهدَّدة
في حين يتوقع جيتس أن يحل الذكاء الاصطناعي محل العديد من الوظائف البشرية، لكنّه حدد أيضًا ثلاث مهن آمنة، على الأقل في الوقت الحالي. أولاها مهنة البرمجة. ففي حين يستطيع الذكاء الاصطناعي توليد التعليمات البرمجية، لكن لا تزال هناك حاجة إلى البشر لحل المشكلات وتصحيح الأخطاء. أما المهنة الثانية فتخص علم الأحياء (البيولوجيا)، فمع أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في البحث، لكنه يفتقر إلى القدرة على تكوين فرضيات علمية جديدة. وهناك قطاع الطاقة: إذ إن الخبرة البشرية مطلوبة في مجال الطاقة لإدارة الأزمات والستراتيجية الطويلة الأجل، وتقتصر مساهمة الذكاء الاصطناعي على تحسين الإنتاج في هذا القطاع.
وعلى الرغم من مخاوف بيل جيتس، التي أعرب عنها مؤخرًا، فإنه لا يزال متفائلًا، إذ يرى أن الذكاء الاصطناعي سيحقق اختراقات في الطب والحلول المناخية والتعليم. ومع اعترافه بعيوب الذكاء الاصطناعي، ومن ضمنها المعلومات الخاطئة والتحيز، إلا أنه يرى أنه أداة للابتكار وليس للتدمير.
ويشجع جيتس رواد الأعمال الشباب على تبني الذكاء الاصطناعي بدلاً من الخوف منه. وهو يحث الشباب على النظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه جبهة للابتكار بدلاً من أن يكون تهديداً للتوظيف.