مكياج زفاف عرائس (البوماك) حفلات الزفاف في بلغاريا

ترجمة: آلاء فائق

يشتهر سكان قرية (ريبنوفو) البلغارية، التي تقطنها أغلبية مسلمة، بإقامة حفلات الزفاف شتاءً خلافاً للعديد من القرى والبلدات الأوربية التي تنظم حفلات أعراسها أيام الصيف الدافئة.
زفاف قرية ريبنوفو
تشهد احتفالات زفاف (ريبنوفو)، وهي قرية جبلية نائية في بلغاريا طابعاً تقليدياً مميزاً. فقد حافظت مجموعة من المسلمين المعروفين باسم (البوماك) على طقوس زفافهم الخاصة التي حُظرت إبان خضوع البلاد للحكم الشيوعي، إذ على الرغم من محاولات الحكومات المتعددة لقمع دينهم، يتواصل شعب البوماك بإحياء تقاليدهم دون انقطاع.
غالبية عرائس بوماك يفضلن الزفاف العصري، لكن سكان قرية ريبنوفو -تحديداً- ملتزمون دينياً ويفخرون بتقاليدهم، الممتدة لمئات السنين.
زفاف شتائي
يستعد العروسان لحفل زفافهما، وغالباً ما يقام الحفل شتاءً، إذ تحيي القرية عشر حفلات زفاف سنوياً، بينما تُخصص مواسم السنة الأخرى للعمل، وتشارك القرية بأكملها في حفل الزفاف. تُوضع الهدايا أمام منزل عائلة العروس في عرضٍ للثراء، ويجتمع أهل البلدة بأكملها لتناول الطعام والرقص احتفالًا بالعروسين.
شعب البوماك
البوماك جماعة بلغارية مسلمة، يُعتبرون أقلية في البلاد، ويعيش معظمهم بالقرى الجبلية في بلغاريا، وتركيا، وشمال اليونان. تعترف بهم الحكومة البلغارية رسمياً كمسلمين بلغاريين. ينحدرون أساساً من مسيحيين بلغاريين اعتنقوا الإسلام خلال حكم الإمبراطورية العثمانية، أغلبهم يتحدثون اللغات السلافية.
تطلق الحكومة البلغارية اسم (المسلمين البلغار) رسمياً على شعب البوماك، الذي يتميز بثقافة وتقاليد غنية ومتنوعة، كما تمتاز لغته بكونها شفوية فقط وغير مكتوبة، ما يجعل العالم يجهل تاريخه.
مهما كان أصلهم، فهم يعيشون حياةً صعبةً للغاية، خاصةً في المناطق التي تشتد فيها الحاجة إلى العمل للبقاء على قيد الحياة، ولاسيما في ظل الظروف الجوية القاسية شتاءً وندرة الأراضي الخصبة.
تاريخياً، واجه البوماك ضغوطاً لتغيير أسمائهم وثقافتهم، وخاصةً في ظل الحكم الشيوعي في بلغاريا. واليوم، لا يزالون يواجهون تحديات تتعلق بهويتهم وحقوقهم في دول ذات غالبية مسيحية.
تقاليد الزفاف
يستمر حفل الزفاف خمسة أيام على الأقل، بما في ذلك التحضيرات. وكجزء من التحضيرات، يُهدى العروسان الذهب والفضة، إذ يُهدي والدا العريس ذهباً للعروس، وخاتماً فضياً للعريس. جوهر الزفاف هو الحفل، ويُقام الاحتفال الفعلي مع الضيوف في اليومين التاليين، عادةً خلال عطلة نهاية الأسبوع. بعد ذلك، يبقى العروسان في منزل العريس لمدة ثلاثة أيام أخرى دون رؤية أي شخص، للحيلولة دون تمكن (الشياطين) من رؤيتهما، حسب اعتقادهم.
رقصة الهاورا
في اليوم الأول، يدعو العريس جميع أقاربه لحضور حفل الزفاف، عادةً ما يزيد عددهم على 500 شخص، فالجميع في هذه القرية أصدقاء. في بداية اليوم، وقبل أن يبدأ العروسان بالترحيب بالضيوف، تقدم لهما سلاسل من الأوراق النقدية. يربط والد العريس خيطاً من النقود حول عنق العريس، ثم تفعل والدته الشيء نفسه حول عنق العروس، كما يفعل شقيق وشقيقة العريس الشيء نفسه ويعلقان سلسلة أخرى من الأوراق النقدية على كليهما. كذلك يُعطي كل زائر العروسين نقوداً، وفي نهاية اليوم سيكونان قد جمعا مبلغاً كبيراً من المال.
يستمر استقبال الضيوف لساعات، تخيلوا 500 شخص يدخلون ويخرجون من المطعم. الوجبة الرئيسة هي الحلويات والمشروبات الغازية. بعد هذا التناول الجماعي للحلويات، يُخصص وقت للراحة لبضع ساعات، ومن المثير للاهتمام أنه لا تكون هناك قطرة كحول واحدة، ثم يجتمع الجميع مجدداً في ساحة القرية لرقص (الهاورا)، وهي رقصة بلقانيه تقليدية، من المدهش حقاً رؤية مئات الأشخاص يرقصون على نفس الإيقاع.
قناع الكريم الأبيض
تُقام حفلات الزفاف لمدة يومين، ومساء اليوم الثاني هو الأكثر تميزاً بمكياج العروس المُتقن. يُسمى هذا المكياج (جيلينا)، وهو مكياج يعود تاريخه إلى قرون مضت، إذ يُغطى وجه العروس بقناع خاص مصنوع من طبقة كريم بيضاء سميكة على الوجه، ترصع بلصق حبات لامعة صغيرة ملونة وشرائط فضية مزيّنة برسوم، وتتقيد العروس بإغماض عينيها طيلة حفل زفافها. ويتكون المكياج من قاعدة بيضاء مع لمسات حمر وورق ذهبي كثيف، كل تصميم يعد فريداً من نوعه بالنسبة للمجتمع الذي ينتمي إليه، لكن كل مكياجها هذا سيغسله لها زوجها بعد الحفل. يستغرق مكياج العروس ساعتين تقريباً، وهو رمزٌ لعفتها.
بعد هذه المراسم، تغادر العروس منزلها وتتجه إلى منزل العريس، عند المغادرة، تُعطى مرآة صغيرة، ولا يُسمح لها بالنظر إلى منزلها، بل إلى المرآة فقط. عندما يختفي منزل أهلها عن الأنظار في المرآة، تُغطى عينيها، وتُقتاد إلى منزل العريس، حيث يبقى العروسان لمدة ثلاثة أيام دون فعل أي شيء. تُقدم لهما وجبات الطعام طوال هذه الفترة، ولا يُسمح لهما بالخروج حتى لا تراهما القوى (الشريرة).
هدايا العروس
من تقاليدهم أن يقدم العريس لعروسه هدايا كثيرة تُعرض عند مدخل منزلها، كمحمصة الخبز، وآلة صنع القهوة، وغسالة، وثلاجة، ومقالٍ، جميعها مُرتبة بعناية عند مدخل المنزل، أما على سور المنزل، فسوف ترى جميع أنواع الملابس، والسجاد، وشراشف الأسرّة الكتانية.