حيَل مؤثرات السوشيال ميديا وخداع الخبيرات المكياج الرقمي وتزييف الجمال!

147

د. علي مولود فاضل/
تستخدمه إلى درجة -عدم الاستغناء- مؤثرات السوشيال ميديا، وتُدمن عليه مندوبات الإعلان وخبيرات التجميل باستمرار، لكنه ليس حقيقياً بل افتراضي بصيغة مرادفة للفوتوشوب، في حين أن هناك ملايين النساء في جميع أنحاء العالم -يعتقدن- أن الأمر لا علاقة له بالحيَل، وإنما لمجرد أنهن يحببن استخدام المكياج بشكل يومي،
كما أن هناك أياماً لا يتمتعن فيها بمزاج جيد، فما حكاية المكياج الرقمي وتزييف الجمال؟
عقدة نقص جمالية
وُلِد الإنسان بفطرة سوية خُلِق عليها، واشتركت في تركيبته عوامل عدة، سواء أكانت بايولوجية أم فسيولوجية أم وراثية، وهذه العوامل رافقته حين نزل إلى الأرض، بعد أن حمل على ظهره مجموعة مكونات تُشكِل ملامحه وخلقته التي يعرفه الناس من خلالها. ومنذ بداية الخليقة، ومع أولى محاولات الأنس التي حظي بيها أبونا آدم، مروراً بالعصور البدائية الأولى، وانتقالاً إلى الحضارات القديمة، ووقوفاً عند ظهور وسائل الإعلام وتطورها، وانتهاءً بـ (الرقمنة) التي يعيشها سكان العالم اليوم، فإن الإنسان -وتحديداً النساء- في الغالب يكنّ غير راضيات عن شكلهن، أو طامحات –طامعات- بجمال أفضل؛ وربما يرجع السبب إلى البيئة والمجتمع والثقافة والثقة بالنفس وعوامل الشريك وأمور أخرى تحدد الرضا عن الذات ومظهرها.
هوس تغيير الملامح
في سابق الزمن كانت المساحيق ومواد التجميل تغير ملامح المرأة، أو حتى بعض الرجال، لكن مع تطور الحياة واتساع مفهوم وواقع الحياة –العصرية-، وانتشار ظاهرة الجسد (المرقمن)، أو الجسد (السيلكوني)، ومع تزايد دور السوشيال ميديا، وطفو البلوغر، والفاشينيستا، وغيرها من نجوم الواقع الافتراضي، انتشرت ظواهر عمليات التجميل، وزاد معها عامل التقليد، وكثرت على إثرها ضحايا الشبه والتشبه، بل مع تنامي دور (الفلتر) في (سناب شات) تحديداً، وتقليد المواقع الأخرى له، صار هناك هوس في تغيير الملامح، بل امتد الأمر إلى الغاء الأشكال القديمة وإحلال أشكال جديدة، قد تكون أجمل أو تكون مشوهة أو حتى غير لائقة، وفي حالات أخرى تكون مصطنعة إلى درجة التشبه بآلة لا تستطيع التحرك أو الانتقال، لكنها تعيش معنا وتسعى إلى إن تكون طبيعية مثل بني آدم.
الفطرة تشكو الهجران
بيد أن هذا الانحراف عن الطبيعة الخلقية التي جُبل الإنسان عليها، إنما يخلق بشراً غير حقيقي، يتخذ من الرقمنة، أو من لوازم التجميل شكلاً آخر له، على الرغم من أننا لسنا ضد عمليات التجميل التي تصحح خللاً في الوجه أو الجسد، لكننا ضد العمليات التي تغير الملامح وتقلب سمات الوجه إلى ابتكار شكل آخر، أو استنساخ وجه جديد، أو التشبه بأنموذج بشري ثانٍ، وذلك لأن الفطرة الجمالية أفضل بكثير من الوجوه الرقمية أو التجميلية التي ينحتها المكياج الرقمي الذي يستعمل أدواته وفلاتره ومرشحاته لإنتاج شكل جديد للبشر، يغاير بنسب كبيرة الشكل الواقعي، أو ذلك الوجه المستند إلى عمليات التجميل واللاهث نحو هوس الموضة، هذا الاضطراب الذي سبب ويسبب، وسوف يسبب الكثير من الخلافات الاجتماعية التي تحتاج إلى معالجات منطقية وثقافية حقة، بل ووعي وإيمان بالذات وثقة حقيقة بالنفس وليس بالجمال المؤقت الزائف.