مطلَّقون بأمرالسوشيال ميديا غرباء تحت سقف واحد!

164

مجلة الشبكة /

سحابة خراب عاطفية وقطيعة لعينة تغيم على جو الحياة
الزوجية وتحول صحوها النفسي المشمس الى أمطار رعدية ومنغصات متراكمة، قد ينجح الطرفان في تجاوزها وإنعاش الجو المتلبد، أو قد يتجهان الى حيلة الخرس الزوجي، او الانفصال العاطفي الصامت أمام الناس، ولاسيما إذا كان بينهما أطفال بأعمار حرجة، فما إن يعودا الى البيت حتى يخلعا وجه العائلة المثالية ليرتديا قناع العزلة والفراق القبيح أو يدخلا في مرحلة (الخوة النظيفة).
تُرى ما حكاية احتيال الأزواج الغرباء المربوطين بالتزاماتٍ ماديةٍ لا جسدية هرباً من لقبِ مُطلِّقٍ أو مطلَّقة، وهل حقاً أن البيوت المُستقرة تحطمها رعونية النساء في السوشيال ميديا، ام هي أكاذيب ذكورية تريد أن تلعب “بذيلها” فتغلف الخيانات السرية والقصور المتعمد بالشيطنة.
الطلاق مرفوض اجتماعياً
“نحنُ نكرات، ولا يوجد أهل يحتملون المطلّقة في البيت، كرامتي سحقها ناكر العشرة مرة وأهلي مرتين طالما أن ليس لمواجعي أي اعتبار، المطلوب منا في لحظة المصيبة التحمل، لأن الرجل (شايل عيبه)، في حين لو وقعت المرأة بنفس الخطأ تنقلب الدنيا.” تستكمل زينب راضي (٣٥ عاماً)، أول منفصلة عاطفياً حديثها وهي تنفث آهاً مع دخان سيجارتها:
“تراجعت عن فكرة الطلاق الواقعي من خائن الزاد والملح -بعد زواجه-مضطرة اضطراراً مراً، لأنني وجدت نفسي مجبرة على البقاء معه شكلياَ حفاظاَ على مستقبل الأولاد وحاجتهم إليه، وأيضاَ حلاً لمعضلة مصروف البيت، طبعاَ بعد معارك وصراعات مع أهلي الذين يصعب عليهم تحملي مع أطفالي الأربعة، اضطررت لقبول فكرة البقاء على ذمته على الورق فقط، وإلا لو كانت لدي وظيفة ومصدر رزق لاعتمدت على نفسي ورميته خارج حياتنا من الأساس، وهو الحل الذي تتجنبه المرأة لأنها لا تريد أن تخرج من مشكلات الزوج لتجد نفسها أمام مشكلات عائلتها وأزمة تقبُّل المجتمع لمطلقة.”
البيوت تحطمها النساء
“البيوت السعيدة تحطمها النساء، لا أجد ما يجبرني على إكمال حياتي مع مجنونة وشكاءة لا تفارق لسانها كلمات الإساءة الى أهلي، بقاؤها كزوجة صامتة او مطلّقة لم يعد يهمني، أحتاج الى وقت يكبر فيه الأطفال لأتزوج عليها ..”
بهذا الرد الناري، حسم حسين رضوان (٤٥ عاماً) -المنفصل صمتاً- قرارهُ بتبريراتٍ منطقية، كما يراها، مكملاً: “الكثير من الرجال على مواقع التواصل الاجتماعي يهربون من جحيم زوجاتهم الى فتيات يحاولون الارتباط بهن، وتلك حقيقة أنا عشتها لأكثر من مرة، نعم مُتزوج لكن أفكر بالارتباط لأنني لست مرتاحاً وأفكر في الانفصال دون أن أنفِّذه، لكني قطعاَ سوف أنفده يوماً ما، شخصياً لا أريد من المرأة التي تشاركني السكن سوى إعداد الطعام والاهتمام بالأطفال، لم تعد بيننا أية مواضيع مشتركة غير شكوكها التي دمرت حياتي، لذلك قطعت الحديث معها تماماً، وفي أي موضوع يخص الأولاد أهزّ رأسي أو أجيبها بنعم أو لا، عشت معها سنتين من الألفة لا أكثر، بعدها تحولت حياتنا الى جحيم أسود، مظهرها داخل البيت (مبهذلة)، وبحجة الأطفال أهملت حقوقي الزوجية مع أنها تطيل المكالمة مع أهلها لساعات، دائماَ تتهمني بالبخل وبأني أهدر المال على أخواتي، مع أنها المسؤولة عن الميزانية، لأكثر من مرة تتنصت على مكالماتي وخصوصياتي، سئمت وجودها، ولولا وجود الأطفال لطلقتها.”
رجال العزلة الفيسبوكية!
المطلقة نفسياً زينة فارس (٣٣ عاماً)، منذ ثلاث سنوات، لا تختلف كثيراً عمن سبقنها في التجربة البائسة، تقول مستذكرة العزلة بألم:
“سنوات الزواج الأولى كانت سعيدة، نعم، كانت لدينا مشاكل كأي زوجين بفعل الحياة الصعبة وضغوطاتها، لكن بعد إنجاب الطفلين تحولت حياتنا الى سقفٍ ممل يعيش تحته عجوزان، هو اتجه الى عالم السوشيل ميديا لإملاء وقته، لأنه لا يطيق ضجة الأطفال وعراكهم، أو يخرج مع أصدقائه، وانا منشغلة إما بالتنظيف او بتدريسهم، وما يتبقى من الوقت أقضيه داخل الفيسبوك والأنستا، جربت كثيراً التودد اليه فقام بصدي وانشغل كعادته بنساء عابرات في الفيسبوك، ولأكثر من مرة كشفت أمره وتخاصمنا بعدما ضربني وقال بالحرف الواحد: (هذا الموجود) وعليه فإن كل واحد منا ترك الآخر لعزلته ولم يعد يهمنا منذ ثلاث سنوات، فلا فراش بيننا ولا غزل ولا حتى لغة مشتركة.”
هاربون من المجتمع
يشير المختص في علم الاجتماع (د.سامي نصر) الى أن الخرس الزوجي، او الطلاق العاطفي، هو بصراحة تفصيلية:
“حالة نفسية يشعر فيها أحد الزوجين أو كلاهما بمشاعر سلبية تجاه الطرف الآخر بما يؤدي إلى عدم إمكانية التواصل العقلي والنفسي والجسدي بينهما، أي انعدام التواصل والتفاعل الاجتماعي، وينفرد كل منهما بحياة عقلية ونفسية واجتماعية خاصة، فيستمر الزواج شكلاً، وينتهي مضموناَ، لذا يسمى ذلك بالانفصال الصامت أو الانفصال العاطفي بين الأزواج، وهو واقع موجود في مجتمعنا على الرغم من درجة خطورته على الحياة الأسرية، إلا أنه ظل ضمن المواضيع المسكوت عنها، علماً بأن الأسرة التي تربي طفلاً ينشأ وهو يرى سوء العلاقة بين أهم شخصين في حياته، سوف تنتج أطفالاً مشوهين نفسياً واجتماعياً على قدر ما شاهدوه من تشوه في علاقة الأبوين، لأن الزواج يبقي سارياً بين الزوجين، ولكن كلاً منهما يعيش بمعزل عن الآخر خوفاً من لقب مطلّق أو مطلّقة، لاسيما إذا كان هناك أولاد”.
صراع الفراق والعِشرة
يُشير الباحث كذلك الى نقطة الاختلاف في التنشئة الاجتماعية ما بين الطرفين، إذ يحدد درجة الطلاق ونسبته، مضيفاَ:
“فإذا كان الطرفان واعيان للطلاق النفسي أو الصامت، فإنهما يتحاشيان أي حديث أو انفراد بينهما، أما بخصوص النوع الثاني فإن كانت المرأة هي الطرف الواعي فإنها تلجأ الى تجنب زوجها بحجة الأولاد والتعب الجسدي وعدم رغبتها في التحدث، أما لو كان الزوج هو الطرف الواعي بالطلاق النفسي فإنه يلجأ غالباً الى الهروب، والناتج هنا قطيعة وقتية وظرفية نعبّر عنها بطلاق صامت من الدرجة الأولى، بل حتى الطلاق الصامت من الدرجة الثانية عادة ما تسبقه قطيعات مؤقتة مثل البعد الوقتي والظرفي، والحلول التي يمكنها إعادة الزواج لديمومته وإنهاء حالة الخرس الزوجي مرتبطة ارتباطاً مباشراً بهيمنة وتفوّق قوة الحب التي تجمع بينهما على الخلاف العابر، او مبادرة أحد الطرفين في المصارحة والحوار بنقاط الضعف والإشكالات، او ربما تكون حنكة أحد الطرفين في ما يمكن أن نسميه بفن التواصل وإعادة إحياء العلاقة.”