الذي يجيد كل شيء لايجيد أي شيء

1٬120

نجاح العلي/

هناك مثل انكليزي اكرره بين نفسي كثيرا يقول: «ان الذي يجيد كل شيء لايجيد أي شيء».. فمن الأفضل عمليا ان تتقن شيئا ما افضل من ان تجيد عمل أشياء كثيرة، فمنذ الثورة الصناعية ثبت ان التخصص في العمل يؤدي الى زيادة في الانتاج ومهارة في العمل والقدرة العالية على التطور المهني والتقني.
وشاءت الأقدار ان اكون ضمن لجنة اختبارات المتقدمين للعمل الصحفي في بعض المؤسسات الاعلامية، وما ان اطلع على السيرة الشخصية (cv) فاذا بها تؤكد ان المتقدم عمل مذيعا ومحررا (رياضيا واقتصاديا وفنيا وسياسيا) ومحاورا ومعد برامج ومخرجا ومصححا ومصمما وطباعا .. ألخ.. وهذا الأمر ينسحب على الوسط الأدبي فتجده: قاصا وروائيا وشاعرا وناقدا، وفي الوسط الفني: ممثلا ومؤلفا ومخرجا ومنتجا وكاتب سيناريو. قد يكون هذا الأمر صحيحا في بداية مسيرة العمل ولمدة زمنية قصيرة حتى يجد الفرد تخصصا ملائما لميوله وقدرته على الابداع في مجال معين، لكن ان يبقى متنقلا بين تخصص وآخر فهذا لن يؤدي الى الابداع والتطور المهني المتراكم مع مرور الزمن، وهذا الأمر يمكن تلمسه على أرض الواقع فتكون قدرة ومهارة وامكانية الذي عمل فترة زمنية طويلة في تخصص معين أفضل من شخص توزعت وضاعت جهوده في تخصصات مختلفة، وان فرص العمل الاعلامي المحدودة عادة، تتطلب ان يتمتع الصحفي بالمهارة والقدرة على اتقان العمل بحرفية ومهارة عالية وان يكون متمكنا من جميع ادواته ووسائله التي يحتاج اليها في انجاز عمله بأقل وقت وكلفة وبدقة عالية.
ومع مطلع القرن الحديث ظهر نمط معين في السوق الاعلامية دوليا وعربيا، بل وحتى عراقيا ولو بشكل متأخر، وهو التخصص في العمل الاعلامي، بخاصة في الفضائيات والمطبوعات، فهناك فضائيات متخصصة في مجال محدد كأن تكون رياضية أو اقتصادية أو غنائية أو تعليمية أو مخصصة للأطفال أو وثائقية. فضلا عن مطبوعات ذات مضامين محددة، منها أدبية أو للاطفال أو المرأة أو رياضية أو اقتصادية أو فنية وغيرها الكثير، وهذا التخصص في وسائل الاعلام استوجب وجود اعلاميين متخصصين في هذه المجالات، وهذا الأمر لابد ان يأخذه الصحفي في الحسبان في تطوير قدراته وان يتخصص في مجال معين وان يركز على تطوير مهاراته وقابلياته في هذا المجال عبر التعليم والتدريب والتمرين والتثقيف، كذلك على المؤسسات التعليمية ان تواكب روح العصر ومتطلبات السوق، وان تعزز مناهجها والتأكيد على ضرورة التخصص في العمل، خاصة في الدراسات العليا بما يحقق الفائدة في المخرجات البحثية وقدرة المتخرجين على الاندماج مع متطلبات وحاجات العمل بشكل عملي، فالدراسة المتخصصة شرط ضروري لنجاح الصحفي، وهي التي تميزه عن غيره، فكلما زادت معرفته وخبراته في التخصص الذي يعمل فيه، زادت مقدرته على الإبداع والتميز في عمله.