المشهد الثقافي العراقي.. الآن

381

د. علي الشلاه شاعر بابلي /

لا أعتقد أن المشهد العراقي كان بهذا التنوع وهذا الغنى من قبل، فبعد أن كان المشهد شعريا بامتياز تحوَّل في العقود الثلاثة الأخيرة ليتقدّم السرد فيه بطريقة مهمة وظهرت أسماء مبدعة فيه؛ حقّق بعضها حضوراً عربياً وعالمياً وصار الشعراء أنفسهم ينافسون أنفسهم بالتحوُّل إلى الكتابة الروائية وإن أخفق بعضهم.
لقد كان لمآسي العراق أثر واضح في هذا التحوُّل، كما أن الاهتمام العالمي والحضور التقني الحديث في السينما والدراما قد لعبا هما الآخران دوريهما في الاهتمام بالكتابة السردية والروائية خصوصا.
لقد قدّمت الأجيال الجديدة في الشعر والسرد والتشكيل والدراما رؤى جديدة وموضوعات جريئة، وحوّلت المزاج السياسي العام بسبب غياب الرقابة والخوف التي حكمت العراق الجمهوري التي كانت محدداتها السياسية والدينية والاجتماعية فاعلة وقاصمة في النص الأدبي واللوحة التشكيلية على حدٍّ سواء.
وعلى وفق فهم نسقي وجمالي فإنّ التقدم الكمي بالنصوص والإصدارات قد ترك خيارات النضج والتجديد والإضافة أكبر وأكثر وإن كان استسهال النشر والكتابة الكترونياً قد جعل كمية النتاجات المتدنية كبيراً هو الآخر، وقد تنطبق هذه الملاحظة على المشهد الثقافي العربي بشكل عام وربّما يمكن تعميمه على آداب لغات أخرى.
ويظل المشهد التشكيلي أسيراً للأسماء الكبيرة التي ظهرت منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي لحضورها العربي والعالمي ولانتشارها أزمنة الفعاليات التشكيلية الكبرى لاسيما تلك الأسماء التي عاشت في الغرب أو أحسنت الوصول اليه، لأن الفن التشكيلي مثله مثل الموسيقى لا يحتاج لغة ولا ترجمة.
ومن المهم بمكان أن نلاحظ ضعف المحددات بين أدبي الداخل والخارج الذي ساد في العقود الأربعة الأخيرة مع تداخل المشهدين وتقارب الحضور والتواصل.ٍ
إنَّ المشهد الثقافي العراقي اليوم ثري وحرّ وذلك شرط الإبداع.