ست.. كانت غلطة والله!

888

نرمين المفتي/

نشرت مجلة الشبكة العراقية، قبل عددين، استطلاعاً أجرته في أوساط طلبة الجامعات، وكان عنوانه على غلاف المجلة: (طلبة جامعيون لا يعرفون اسم رئيس الجمهورية). والعنوان وحده يصدم القارئ وربما يغنيه عن قراءة الإستطلاع لأنه يظهر مدى ضحالة المعلومات العامة للطلبة الجامعيين عن الوضع العام ومحدودية ثقافتهم في مجالات عدة.

والمعروف أن الطلبة الجامعيين يشكلون في الدول التي تعاني مشكلات أو أزمات، بل وحتى في الدول المستقرة، عنصر قوة تخشاها الحكومات.. وليس في استطاعة أحد أن ينسى ثورة الطلبة الفرنسيين في ايار 1968 التي غيرت المشهد السياسي في فرنسا. وهناك أفلام بالعشرات تتحدث عن دور الطلبة الجامعيين في اشعال ثورات أو في المطالبة بالحقوق أو في الدفاع عن قضية ما.

وكان للطلبة في عراق الأربعينات والخمسينات دور واضح وبارز، سواء في صنع الرأي العام من خلال التظاهرات أو في ازدهار المشهد الثقافي في مجالاته كافة الأدب والفن التشكيلي والمسرح.

شخصياً، لم تصدمني قصة الطلبة الجامعيين التي نشرتها مجلة الشبكة لكنها ذكرتني بقصة مماثلة، ففي العام 1984، كان قسم التحقيقات في مجلة “ألف باء” يترأسه المترجم الراحل (سمير علي) الذي كان يتجنب نشر التحقيقات المشاكسة التي كنت أختص بها.. حتى جاء الشاعر والكاتب الراحل يوسف الصائغ إلى هيئة التحرير فقرر تشكيل قسم تحقيقات ثان للقصص المشاكسة والقضايا المختلفة، وكان القسم يتكون من رئيسه الصائغ وأنا. كانت أول قصة اشتغلت عليها هي ثقافة الطالب الجامعي. هيأت أسئلة للاستبيان تضم اسماء كتب وشخصيات أكاديمية وعلمية ومبدعة إضافة إلى اسم المستطلع جوابه والعمر والجنس.. قبل أن أبدأ الاستبيان في الكليات، عرضته على زميلة (صحفية) فاستوقفها اسم الشخصية المعروفة (فؤاد سفر) فقالت لي “ أنا صحفية ولا أعرف إلى أين سافر فؤاد، كيف سيعرف الطالب الجامعي؟)!! وكانت تعتقد أن هناك خطأ في السؤال!.. وفي الكليات، كانت الأجوبة مفجعة، طبعاً لا أنكر أن نسبة تقارب 15% كانت معرفتهم تتراوح بين ممتازة و جيدة.. وقد احتفظ الصائغ لنفسه بأجوبة طالبة من كلية الآداب- جامعة بغداد- قسم اللغة العربية. جاءت وسألتني أن كان مسموحاً عدم الإشارة إلى الاسم، فقلت لها نعم ممكن. ذهبت لدقائق وعادت ومعها ورقة الاستبيان ومعلوماتها الشخصية والأجوبة. كانت معلوماتها كالتالي، العمر 24 سنة، الجنس: مرة واحدة فقط!! وبصوت هامس قالت لي أنها كانت صريحة في الجواب وترجو أن لا يراه أي شخص آخر في الكلية. وحين قرأت ما كتبت، اندهشت وسألتها إن كانت متأكدة من أنها تنتمي إلى جنس اسمه (مرة واحدة فقط)؟ وبخجل قالت (ست..كانت غلطة والله)!