٣١ شباط

1٬217

نرمين المفتي  /

(للأسف يا ستي نرمين، الأداء الوظيفي أضاع وسبَّب كثيرا من الأضرار لناس كثيرين. تصوري أني وجدت رجلا بسيطا رايح راجع بين محافظته وبغداد لتصحيح تولّد ابنه الذي سجّله الموظف يوم 31 شباط)، كانت هذه الفقرة، تعليق من الصديق الشاعر الدكتور علاوي كشيش على منشوري عن قضيتي التي أحاول جاهدة الانتهاء منها بأقل الخسائر. فقد وجدت وأنا أحاول إنجاز معاملة تقاعدي بأنني بسبب خطأ من أحدهم/ إحداهن قد فقدت خدمتي منذ ٣٠/٦/١٩٩٥! حسب معلومات بنك المعلومات في وزارة التخطيط التي أبلغت الوزارة حين إرسال المعلومات للوزارات والمؤسسات غير التابعة إلى وزارة باحتمالية وجود أخطاء وعلى الوزارات المعنية تصحيحها استناداً إلى الوثائق التي يحتفظ بها الموظف .. وجدت نفسي أمام مهمة صعبة؛ كيف سأثبت استمراري في العمل لا سيما إضبارتي من بين الأضابير التي احترقت أو ضاعت في الأيام التي تلت يوم ٩ نيسان ٢٠٠٣ في أولى علامات العراق (الجديد)، والقليل من الوثائق التي كنت احتفظ بها في شقتي اتلفتها مع مئات الكتب شظايا الصواريخ التي قصفت بغداد طيلة أيام الغزو. كتبت منشورا على الفيسبوك أناشد زملاء وزميلات كانوا قد تمكّنوا من الوصول إلى جريدة الجمهورية قبيل (حوسمتها) وحملوا أضابيرهم إلى بيوتهم، واستجابوا، مشكورين، خاصة الذين كنت رئيسة قسمهم (قسم التحقيقات) وأرسلوا لي الوثائق (كتباً رسمية) بها اسمي معهم، التي هي وحدها قادرة على إثبات دوامي وأي شيء آخر لا يثبته وإن كانت قوائم الرواتب، إما كتب رسمية أو كتاب إعادتي إلى الخدمة!
قابلت وأنا أتابع معاملتي آخرين يواجهون متاعب أو مصاعب أو مشاكل، الكلمة ليست مهمة، فهم مثلي، لكل واحد منهم مشكلة ما وإضبارته ضائعة أو مرمية في مخازن ويعلوها التراب وعليه أن يذهب ويبحث لوحده بين الأضابير والتراب وقد يجد ما يبحث عنه أو يفشل! وبينهم من جاء من المحافظات، مثلا من البصرة! تخيّلوا والزمن في طريقه إلى الانتهاء من الربع الأول من القرن العشرين ولم يتم استخدام الحاسبات في خزن المعلومات وما زلنا على مدى عقد نسمع بالحوكمة ولا نراها تستخدم..
وللعلم، رغم صعوبة مشكلتي، الا أنَّني لا استخدم كل قوتي للتحمل، لأن أمامي صعوبات ومصاعب بعد أن تذهب معاملتي إلى هيئة التقاعد التي ما تزال منشغلة بكيفية إنهاء معاملات ٢٦٠ ألفاً أحيلوا إلى التقاعد القسري في بداية ٢٠٢٠، التي صرّح مديرها العام في تشرين الثاني الماضي أن ٥٠ ألف معاملة قد أنجزت، ولا أدري عدد الذين أحيلوا إلى التقاعد مع بداية هذه السنة..
وعودة إلى تعليق كشيش، ومشكلة الرجل البسيط الذي يحاول على مدى سنة كاملة تصحيح مواليد ابنه، ولا يحتاج الحل سوى إلى يوم واحد وربما أسبوع، وقد يكون الطفل مولودا في ١٣شباط وأخطأ مسجّل النفوس وجعله ٣١ شباط.. و(رب رمية من غير رامٍ) فهذا اليوم غير المعقول (٣١ شباط) يعبّر عن وضعنا غير المعقول تماما..