الانسداد السياسي يحول دون إقرار الموازنة المالية
ملاذ الأمين/
انعكس الانسداد الذي تعيشه العملية السياسية بعد مرور ستة أشهر على انتهاء ولاية الحكومة، في الحيلولة دون تمرير قانون الموازنة المالية، وبالتالي توقف تنفيذ المشاريع الستراتيجية ذات الأهمية الكبيرة في رسم مستقبل العراق وأجياله المقبلة.
وعلى الرغم من أن العراق يعد من الدول الغنية بثرواتها النفطية وخصوبة أرضه القابلة للزراعة، مع وجود مستوى مناسب من الصناعات، فإنه مازال بحاجة الى مشاريع استثمارية جديدة تواكب التطورات الحضارية الجارية في العالم، وبما يتناسب وإمكانياته المادية والبشرية.
إن تأخر التوصل الى تشكيل حكومة سوف ينعكس على إقرار الموازنة، ويتسبب في وقف تنفيذ المشاريع الاستثمارية ذات الفائدة لمستقبل البلاد، إذ ينص قانون الإدارة المالية على تخصيص الأموال لإنفاق كل شهر على حدة، وفقاً لبرنامج موازنة العام الماضي، ما يعني أن هذه الأموال الشهرية سوف لن تكفي للشروع بتنفيذ مشاريع استثمارية كبيرة.
وكما هو معلوم، فإن الموازنات تتألف من شقين أساسيين هما: الموازنة التشغيلية المغطاة بالقانون، والموازنة الاستثمارية التي تعتمد على إقرار الموازنة العامة، ضمن توقيتات يشترط أن تقدمها الحكومة كاملة الصلاحية الى رئيس الجمهورية، الذي يقدمها بدوره الى مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها لتعاد حسب السلّم الأول باتجاه التنفيذ.
مما تقدم نستنتج أن عدم إقرار الموازنة للعام الحالي سيتسبب في منع تنفيذ أية مشاريع استثمارية، وذلك لعدم وجود التخصيصات المالية، ما سوف ينعكس سلباً على الطبقات الفقيرة بسبب عدم توفر مساحات جديدة للعمل، التي تهيئها المشاريع الحديثة لاستقطاب عاملين جدد، إذ أن الموازنة، في حال الفشل بإقرارها، سوف تتسبب بزيادة مساحات البطالة مع تزايد عدد السكان، وتأخر في نمو القطاعات الاقتصادية في حقلي الزراعة والصناعة، تتبعها القطاعات الأخرى كالتجارة والنقل وغيرها، الى جانب إيقاف حركة الأموال وعدم الاستفادة منها، ما يتطلب من القيادات السياسية الإسراع في تشكيل الحكومة لتلافي التأخير في تنفيذ المشاريع الستراتيجية المهمة التي تخدم الأجيال المقبلة، ولتجنب اتساع مساحات الفقر.
وتعد الموازنات المالية الأداة الرئيسة لتحقيق السياسات العامة للدولة خلال عام واحد، سواء في قطاع الاقتصاد، أو العلاقات الاجتماعية، أو الخدمية، وهي عرض لخطط الحكومة وبرامجها السنوية، التي تعدّها استجابة للتحديات الحالية ورسم سياسات مستقبلية جديدة، وبدون وجود أموال مخصصة للمشاريع بالاعتماد على موازنة العام السابق، فإن عملية تنفيذ هذه المشاريع ستتوقف حتى وإن كان العمل في تنفيذ هذه المشاريع مستمراً منذ الأعوام السابقة وحتى الان.
إن تأخر إقرار الموازنة سوف يتسبب في تقليص إمكانية استيعاب أعداد جديدة من العاملين، بسبب عدم ولادة مشاريع جديدة، وكأنها حلقات متصلة بعضها مع بعض لتخرج بنتيجة متوقعة.
في المقابل، هناك حلقة أخرى، وهي حلقة إقرار الموازنة التي ستدور لتولد مشاريع جديدة مع تخصيص الأموال اللازمة، التي تتطلب أيدي عاملة جديدة لتشغيل هذه المشاريع، ما يعني تدويراً أوسع للأموال وتحقيق الفوائد المرجوة منها في خدمة الاقتصادين الأسري والوطني.
كذلك هناك وقائع سلبية أخرى كثيرة تنتج بشكل عرضي نتيجة تأخر إقرار الموازنة العامة، ما يشكل ضغطاً على القوى السياسية للإسراع في توفير الأجواء الدستورية اللازمة لتشكيل الحكومة، وبالتالي الشروع بإجراءات إقرار الموازنة لتلافي الانتكاسات الاقتصادية والاجتماعية.