العطلة الربيعية للطلبة.. استراحة محارب أم جنون مراهق؟

231

علي غني /

مساكين هم طلبتنا، حين يقفزون من مقاعد الدراسة إلى أحضان العطلة الربيعية فجأة من دون سابق تخطيط، ليتلقفهم جحيم الموبايل وهموم المادة، اللذان يعطلان الكثير من طاقاتهم الكامنة. وفوق كل هذه الهموم، يغلق المستثمرون أبواب الرحمة في الملاعب المنتشرة فيما تبقى من الساحات في المناطق الشعبية، بطلبهم من كل فريق دفع مبالغ نقدية للسماح لهم بدخولها واللعب فيها.
وما بين اضطرابات المراهقة وطموحهم الدراسي، فإنهم يدخلون في استراحة قصيرة اسمها العطلة الربيعية، فهل خطط المعنيون بحياة الطلبة (الذين تجاوزت أعدادهم الملايين) أن يمنحوهم فسحة أمل بعد عناء الدراسة؟
حضن الموبايل!
تألمت كثيراً على ما قاله الطالب (عبد الله علي) في المرحلة الرابعة، الفرع المهني، عندما قال: “نقضي العطلة بالتجول في الشوارع أو المقاهي، في مناطق المنصور أو الكرادة، وبعد ذلك نعود إلى البيت لاحتضان معشوقنا (الموبايل).” وعندما سألته: هل أن الحياة تختصر بهذه الأمور فقط؟ كان الجواب: “أين هي خطط وزارتي الشباب والتربية، فالعطلة الربيعية تذوب مثل ذوبان الثلج، وسرعان ما نعود بعدها إلى المدرسة من دون تحقيق ولو أمنية واحدة.”
كلام (عبد الله) لاقى تأييداً من زميله (محمد حمود) الذي أضاف: “إذا (أفلسنا) من التمتع بالعطلة الربيعية، فإننا غالباً ما نعود إلى مقاعد الدراسة بقلق، لذلك نتمنى أن تفتح لنا الحكومة جميع المرافق السياحية والثقافية والترفيهية في العطلة الربيعية مجاناً، على أن تكون وزارتا الشباب والتربية داعمتين لهذه الأمنية.”
دور الكشافة
فيما يتمنى (حسن رزاق)، مدرس الرياضة في متوسطة (زين العابدين للبنين)، تفعيل دور الكشافة في العطلتين الربيعية والصيفية، لما له من أثر في تنمية الاعتماد على النفس، ومردوده الاجتماعي في كسر حالة الجمود النفسي ومساعدة الأهل في شؤون البيت، فليس من المعقول أن يطلب شاب بعمر الورد من والدته أن تجلب له الشاي.”
يتابع (حسن): “مطلوب من الحكومة اهتمامها بمراكز الشباب، وفرض وجودها في كل منطقة، لمعرفة احتياجات الطلبة (الشباب) وتوفيرها، وأن تكون داعمة للطلبة في المناطق كافة، ولاسيما الشعبية منها، وأود أن أكشف لك حقيقة قد يجهلها البعض، هي أن هناك مذكرة تفاهم بين وزارتي التربية والشباب في هذه الأمور، لكن بعضهم يلتف على قرارات الوزارتين، إذ أدخلوا الاستثمار إلى المجالات التي يرتادها الشباب (الذين غالبيتهم من الطلبة)، فكانت ردة فعل الطلبة بارتياد المقاهي، وبعضهم أصبح صيداً سهلاً للمخدرات والانحرافات بسبب الفراغ القاتل. ويمكننا أن نضيف مقترحاً، إذ أن باستطاعة وزارة التربية تشجيع إقامة دورات تقوية مجانية في الدروس العلمية التي كثيراً ما يحتاجها الطلبة من أصحاب الدخل المحدود.”
دور وزارة الشباب
حملت أوراقي إلى نادي البياع الرياضي، الذي يرتاده العديد من الطلبة، لكي أفهم العلاقة بين وزارتي التربية والشباب، والحق يقال إن رئيس الهيئة الإدارية للنادي (سعد المحياوي) كان واضحاً جداً، حين شكا كثيراً من ضعف الدعم، إذ أن “أكثر من(400) طالب يلتحقون بأنشطة النادي المتنوعة خلال العطلة الربيعية، وربما تستغرب لو قلت لك إن ثلث هذا العدد هو من الطالبات اللائي يرغبن في ممارسة الرياضة، لكن العشرة ملايين دينار التي نتلقاها سنوياً، وأحياناً بصعوبة بالغة، من وزارة الشباب لا تكفي لنشاط واحد.”
فريسة للانحراف!
يواصل (المحياوي) حديثه: “الحكومة (مقصرة جداً) مع الشباب، فهي تترك الطلبة في العطلة الربيعية، وحتى العطلة الكبيرة، من دون دعم مادي أو معنوي، وتطالبهم بالسلوك السوي وخدمة الوطن، من دون أن تدري بأن غالبيتهم يقضون العطلة بالعمل في المقاهي أو الأسواق، أو يصبحون فريسة سهلة بيد المنحرفين، لذلك تجد حالات الانتحار عندنا قد تفاقمت، ولاسيما بين صفوف الطلبة.”
“وفّر لنا الدعم المناسب (والكلام للمحياوي)، أعطيك نتائج مبهرة، وأعد لك شباباً منتجين ومحبين لوطنهم ولعائلاتهم، كذلك يمكن للمراهقين أن يتمتعوا بمراهقة هادئة بعيداً عن(التكنولوجيا القاتلة)، نعم، علينا أن نبني الإنسان، وهذا هو السر الذي يتجاهله أكثر المسؤولين عن قطاع الشباب. وحتى تصدق جيداً، يمكنك أن تزور النادي لترى المساحة الضيقة التي يشغلها، وأعداد الطلبة الذين يرتادون النادي، وهم يتمتعون بكل الألعاب المتوفرة في النادي، فليس هناك أجمل من الرياضة، لأنها (فن وذوق واخلاق)، لذلك ترى الطلبة يقضون أحلى الأوقات في النادي، ويتمتعون بعطلة سعيدة.”
مسابقات رياضية
ذهبت إلى وزارة التربية لأستطلع وجهة نظر مسؤوليها، وما يقدمونه للطلبة في العطلة الربيعية، فتصدى للموضوع مدير الرياضة المدرسية، مسؤول الأنشطة الرياضة في الوزارة (نجم عبود) ليقول: إن “الوزارة تنظم، في كل عطلة ربيعية، مسابقات رياضية، سواء في كرة القدم أو السلة، وذلك لإشغال أوقات الطلبة على نحو أمثل، وهذه المسابقات تسهم في اكتشاف الأبطال، وتنمية الاتجاه في حب الرياضة كفن من الفنون المحببة لدى الطلبة.”
كما أنه أحالني إلى أقسام أخرى تهتم بالنشاطات الفنية، كالرسم والخط والخطابة والقصة والشعر وغيرها، لكني مع الأسف لم أحصل على من يحدثني عن برنامج العمل الفعلي للطلبة في أيام العطلة الربيعية كل عام.
نفتقر إلى التخطيط
من خلال جولتنا مع المختصين في قضايا الشباب والتربية، تبين لنا عدم وجود خطط لدى غالبية المؤسسات في استيعاب الطلبة خلال العطل الرسمية، ومنها العطلتان الرئيستان، الصيفية والربيعية، وأن الامور مقتصرة على شكل فعاليات رياضية وفنية بسيطة، كما أن أكثر الطلبة في عمر المراهقة يتجهون إلى المقاهي، والتسكع في الشوارع، أو السفر إلى المحافظات على نفقتهم الخاصة، إذ ليس هناك ما يجذبهم في العطلة سوى جهاز الموبايل الذي يبدو أنه لا يفارقهم حتى الموت.