على الرغم من النمو الاقتصادي والاستقرار الأمني.. الجواز العراقي أضعف وثيقة سفر في العالم

74

طه حسين/
يشكل الاستقرار الأمني والعامل الاقتصادي الركنين الأساسيين لرفع قيمة وتصنيف الجواز، إضافة الى عوامل أخرى أقل أهمية. وتضطلع الحكومات بمهمة رفع تصنيف جوازاتها من خلال علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول الأخرى.
منذ سنوات ينعم العراق باستقرار أمني انعكس على مستوى الفعاليات والأنشطة المختلفة التي شهدتها البلاد، وبينها استقبالها ملايين الزائرين والسياح والشركات العالمية، وتنظيمها البطولات الرياضية القارية والعربية، وهو ما يثير علامات التعجب والحيرة عن أسباب تراجع الجواز العراقي، ومن يتحمل مسؤوليته، ولاسيما أن غالبية دول العالم التي ترفض منح سمات دخول أراضيها للعراقيين ترتبط بمصالح مهمة في العراق، ويرتفع مستوى التبادل التجاري بينها وبين بلدنا، وتعمل شركاتها في مختلف القطاعات المهمة في العراق، فضلاً عن أن العراقيين في الخارج ينفقون ملايين الدولارات سنوياً. ولهذا دعا المواطنون الحكومة عبر وزارة الخارجية والسفارات الى الاهتمام بموضوعة رفع تصنيف الجواز العراقي الذي ما زال يراوح في مكانه متذيلاً قائمة التصنيفات العالمية.
يقول الخبير والمحلل السياسي (مؤيد الناصر) إن “كل دول العالم تسعى الى أن تحظى بلدانها باستقرار أمني وسياسي واقتصادي ينعكس إيجابياً على وضعها في المراتب المتقدمة ضمن لائحة التصنيفات العالمية للدول الأكثر تطوراً من النواحي العلمية والاقتصادية والصحية والأمنية والعسكرية، بل إن العديد من الدول تحرص على نيل المراتب العليا في التصنيفات العالمية للدول من حيث النظافة واهتمامها بالبيئة وانخفاض معدلات الجريمة والحوادث فيها. كل هذه العوامل لها تأثيرات وانعكاسات مباشرة على شكل العلاقات والتعاملات الدولية بين أي بلد وبقية الدول الأخرى، ولاسيما في قضية التبادلات التجارية وإلغاء تأشيرة الفيزا (سمات الدخول) فيما بينها، كدليل على حسن العلاقات والتفاهمات الدبلوماسية بين تلك البلدان، ما يضيف قوة معنوية الى جواز السفر من خلال التمكن من التنقل بين عدد كبير من دول العالم دون الحاجة لأخذ الفيزا أو تأشيرة الدخول.”
وأشار الى أنه “على الرغم من التطورات الأمنية والاقتصادية التي يشهدها العراق، إلا أن الجواز العراقي مازال متراجعاً في التصنيفات العالمية، وترفض معظم دول العالم، بما فيها دول تستفيد من علاقاتها التجارية مع العراق، منح العراقيين سمات الدخول اليها.”
وأكد الناصر أن “على الحكومة أن تلتفت الى هذا الجانب، وأن تطلب من سفرائها تحقيق هذا الهدف كجزء أساسي من نجاح عملهم كسفراء في مختلف البلدان، ولاسيما تلك التي لديها مصالح تجارية مع العراق.”
صعوبة في التنقل
فيما يقول (فلاح هادي)، المعلم في إحدى المدارس الابتدائية، إن “المواطن العراقي يجد صعوبة كبيرة في الحصول على تأشيرة الدخول الى أكثر بلدان العالم، سوى عدد قليل منها، وفي الغالب تكون تلك الدول عربية أو آسيوية أو إفريقية، لذا فإننا في بعض الحالات التي نحتاج فيها للسفر الى إحدى الدول الأوربية أو الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وغيرها من الدول المتقدمة علمياً واقتصادياً على مستوى العالم، نواجه صعوبة بالغة، او أننا قد لا نتمكن من الحصول على تأشيرة إلا من خلال وجود دعوات رسمية من تلك الدول، أو لغرض إجراء فحوصات طبية أو عمليات جراحية معقدة لا يمكن إجراؤها إلا في عدد معين من تلك البلدان، كالمملكة المتحدة أو سويسرا أو الهند أو غيرها من الدول المتطورة في المجالات الطبية.”
شروط تعجيزية
من جهته، طالب (ثائر جليل)، صاحب محل لبيع الأجهزة الإلكترونية، الجهات المعنية في الحكومة العراقية المتمثلة بوزارة الخارجية بضرورة “إعادة النظر بشكل العلاقات الخارجية للبلاد مع بقية دول العالم، بالعمل على كسب ثقة تلك الدول من خلال عكس صورة إيجابية للبلاد وبيان استقرارها الأمني والاقتصادي من أجل زيادة مساحات التعاون بين العراق وبقية بلدان العالم، ولاسيما أن أكثر تلك الدول تضع شروطاً قاسية وتعجيزية للموافقة على منح تأشيرة الدخول للمواطن العراقي من خلال وضع تأمينات مادية تصل الى عشرات او مئات الآلاف من الدولارات خوفاً من حالات الهجرة الجماعية او الفردية الى تلك الدول.”
مؤشرات قياس قوة الجواز
عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب (مثنى أمين) عزا في حديثه مع “مجلة الشبكة” أسباب تراجع تسلسل او قيمة الجواز في أية دولة، أو قبوعه في مراتب متدنية، الى “عدم امتلاك ذلك البلد علاقات دبلوماسية جيدة مع بقية دول العالم، فضلاً عن شرط عدم تسبب ذلك البلد في حدوث أزمات دولية، وعدم تصديره الهجرة غير الشرعية، وألا يساء استخدام تأشيرات الدخول الى تلك البلدان. العراق منذ عشرات السنين يعاني من مشكلة تراجع قيمة جوازه الى مراكز متأخرة جداً، فقد صنف مؤشر (هينلي وشركاؤه) الجواز العراقي بالمرتبة الثالثة كأسوأ جوازات العالم المشمولة بالتصنيف، إذ يمكن لحاملي هذا الجواز الدخول الى “31” دولة فقط دون الحاجة الى الحصول على تأشيرة او الحصول عليها عند الوصول الى تلك الدولة..”
مراجعة شاملة
ولفت أمين الى أن العراق، على الرغم من المحاولات والجهود التي بذلت خلال السنوات العديدة الماضية لإعادة استقراره الأمني والاقتصادي، والنجاحات التي حققتها الحكومة، والبدء بتنفيذ مشاريع حيوية لإعادة البنى التحتية للبلاد وتحسين واقعه في جميع المجالات، إلا أن غالبية دول العالم ما زالت تنظر إليه كدولة غير آمنة وغير مستقرة وغير مثالية للعيش الطبيعي، تعاني من الأزمات مثل الهجرة غير الشرعية التي عقدت مساعيه الرامية الى رفع مكانة جواز السفر العراقي.” مشيرا الى أن “التنمية الاقتصادية وتطوير العلاقات الدبلوماسية مع دول العالم وعقد اتفاقيات ثنائية يمكنها المساهمة في رفع قيمة الجواز المحلي بما يتلاءم مع مكانة العراق دولياً.”