في معرض التشكيلي إياد الموسوي إحالات تعبير ية لذكر يات بغدادية

340

ز ياد جسام /

احتضنت “قاعة حوار” للفنون، قبل أيام، معرضاً شخصياً للفنان العراقي المغترب إياد الموسوي حمل عنوان (ذكريات بغدادية)، عرض فيه مجموعة من نتاجاته الفنية الأخيرة التي تميزت بأسلوب التعبيرية، الذي اعتاد أن يقدمه للجمهور ويصور من خلاله ما يجول في ذاكرته من حنين للوطن.
ربما يكون الفن غير الواقعي في نظر البعض فناً متحرراً ومتمرداً على القواعد الأكاديمية، إلا أنه حينما يكون صادقاً ونابعاً من فنان مبدع، فإن الخطوط والأشكال والألوان تكون غنية بالدلالات والرموز والمعاني، فقد يأخذ من المتلقي زمناً في الـتأمل والمتعة البصرية والملاحظة أكثر مما يأخذه منه الفن الواقعي المدروس، المقيد لجملة من الضوابط والمعايير والقوانين. وهذا يعود لثراء مفردات العمل الفني، سواء أكانت تعبيرية أم تجريدية أم أية مدرسة أخرى خرجت على الواقع. فلو أخذنا أعمال الفنان إياد الحسيني، وتمعنا فيها جيداً، لوجدناها تحيلنا الى الموضوع أكثر من التقنيات التي اشتغل عليها، كما نلاحظ أن الموسوي استغنى عن الشخوص في اللوحات واعتمد الكتل اللونية والتعبير المكثف والتركيز على اللون، فهو -على ما يبدو- جرب على سطح لوحته الى أن أصبحت لوحته معروفة من قبل الجمهور من دون أن يضع توقيعه عليها.

مفاهيم وتقنيات
لا شك في أن عصرنا الحديث تطور كثيراً من حيث المفاهيم والتقنيات والتحليل والتفكيك للرمز، سواء أكان محلياً أم عالمياً، إذ أصبح بعض المتلقين يجتهدون في تعددية القراءة.. وهذا بالتأكيد يلقي بظلاله على الفنان ويجعله أكثر حرية في التعبير، ومن هذا المنطلق نجد أن الفنان الموسوي قد رسم أعماله بتقنيات وألوان بعيدة عن الواقع، وتحمل تحت طياتها الكثير من التأويلات، ومنها مشاهد التراث البغدادي التي رسخها في أعماله، والبيئة الاجتماعية والطبيعية العراقية والذكريات القديمة، التي تبدو عالقة في خياله للحياة البغدادية الجميلة التي عاشها.
لو تمعنا في معرضه الشخصي وركزنا على عنوانه “ذكريات بغدادية”، لوجدنا أن الفنان سلط الضوء على المكان، حيث الذكريات الجميلة التي ارتبطت بذاكرته وهو بالغربة في كندا، إذ حاول –بطريقته- معالجة هذا الحنين بالرسم وأيضاً استعان ببعض الأبيات الشعرية المرافقة للوحاته لتكتمل الصورة، ومنها: “طقوس ذكريات بغداد رسمتها منذ سنين لأجلك، فلنوقد مصباح الحب والسلام” ,”نائمة منذ عصور سحيقة ساكنة كدمية مرمرية من أرض سومر، ذكريات جميلة محفوظة كطلع النخيل” ،”الشمس المشرقة في وسط المدينة تحيل الوقت ثماراً وكروماً”، “في بيت جدي تسلل النهر بهدوء”، “حديقة مائية في الأفق الأزرق، تضيء نجومك حولي، تجمع الشوق فيها والعاشقون على الشرفات”.. الى آخره.

علاقات متجاورة
خلق الفنان التشكيلي إياد الموسوي، من خلال 30 عملاً فنياً بأحجام مختلفة مرسومة بالألوان الزيتية على القماش، عالماً يجسد المكان بشكل متخيل جديد، فتلك التقنية وحدت أعماله من حيث إمكانية رصفها ضمن علاقة تجاور عمودي أو أفقي، أو الاثنين معاً، من دون إحساس بخلل أو افتعال، وهذا بالتالي أتاح له إمكانية مطاوعة الهندسة الخارجية للمكان والتناغم في توزيع الفراغ والمساحات اللونية في ديناميكية لا يحكمها التكرار.
اعتمد على ذاكرته التي منحته روحية التعبير عن الماضي، حيث التعبير عن الغموض، الإيحاءات الغريبة وطريقة استخدام الضوء وألوانه الغنية، وكل الرموز الأخرى التي أدخلها مختبره، واستطاع أن يتلاعب بإحساس المتلقي، إذ يرى الهوية المحلية في غالبية لوحاته، مع التأثيرات الأوروبية، تفرز أعماله الصراعات الداخلية الحادة والمشاعر التي تختلف من حين إلى آخـر.